مؤتمر إيران الحرة بواشنطن: التغيير في إيران “ضروري وحان الوقت”

مؤتمر إيران الحرة بواشنطن: التغيير في إيران “ضروري وحان الوقت”

مهدي عقبائي

كان مؤتمر “إيران الحرة 2025″، الذي عُقد في 15 نوفمبر 2025 في واشنطن، بالتزامن مع الذكرى السادسة لانتفاضة نوفمبر 2019 الكبرى، تجسيداً لحقيقة سياسية وفكرية عميقة حول مصير إيران. هذا التجمع القيم، الذي رافقه حماس وطاقة غير مسبوقة، وفر فرصة ثمينة لإعادة التفكير في أهم قضية تشكل المسألة الأساسية لعصرنا.

مؤتمر إيران الحرة بواشنطن: التغيير في إيران “ضروري وحان الوقت”

الخلیج بوست

كان مؤتمر “إيران الحرة 2025″، الذي عُقد في 15 نوفمبر 2025 في واشنطن، بالتزامن مع الذكرى السادسة لانتفاضة نوفمبر 2019 الكبرى، تجسيداً لحقيقة سياسية وفكرية عميقة حول مصير إيران. هذا التجمع القيم، الذي رافقه حماس وطاقة غير مسبوقة، وفر فرصة ثمينة لإعادة التفكير في أهم قضية تشكل المسألة الأساسية لعصرنا.

يطرح هذا المؤتمر سؤالاً حاسماً أمامنا: “كيف يمكن تحقيق التغيير في إيران؟”

تجاوز مؤتمر إيران الحرة مجرد التعبير عن معارضة نظام خامنئي، ليركز على تقديم “خارطة طريق” مدونة وعملية لمرحلة ما بعد الثورة. هذا التحول، كما أشارت السيدة مريم رجوي، “عواقبه لا تقتصر فقط على تغيير مسار تاريخ إيران وتحديد مصير شعبنا؛ بل له تأثيرات متسلسلة عميقة على المنطقة والعالم”.

التغيير: المسألة الأساسية للعصر

بدأت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، كلمتها بالإعلان عن الفرضية الأساسية للحركة:

“هذا السؤال مبني على فرضية أساسية وهي أن إسقاط نظام الولي الفقيه هو ضروري وحان وقته”.

وأشارت إلى أن حكم الملالي “وصل إلى أواخر شتائه”، ورغم أن الأولوية المطلقة للنظام هي “القمع والنهب وإثارة الحروب”، فإن هذه الاستراتيجية بالذات “أصبحت مستنقع هلاكه”.

ورفضت السيدة رجوي الحلين التاريخيين الفاشلين، مؤكدة على الخيار الثالث:

“قبل 21 عاماً، أعلنت في البرلمان الأوروبي أن الحل لإيران ليس في الاسترضاء (المهادنة) ولا في الحرب، بل هو الخيار الثالث؛ أي تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة”.

وعرّفت السيدة رجوي “قوة التغيير” في المجتمع الإيراني بأنها تتألف من “أغلبية النساء، الشباب، العمال، وسكان العشوائيات” الذين يشكلون “قوة الانتفاضة” و”يتربصون لإسقاط نظام الملالي”.

ورداً على تصريحات حسن روحاني (رئيس النظام آنذاك) الذي قال عن منتفضي 2019 إنهم “كانوا منظمين ومخططين ومسلحين”، قالت السيدة رجوي: “نعم، كانوا منظمين. ولكنهم من الآن فصاعداً سيأتون وسيواجهونكم أكثر تنظيماً وأكثر استعداداً”.

وشرحت برنامج المقاومة لإيران الغد، الذي هو “ترجمة لهذه المعركة والمعاناة”، والمبني على مبادئ مثل “فصل الدين عن الدولة، والمشاركة المتساوية للمرأة في القيادة السياسية، والقوميات المتمتعة بالحكم الذاتي”. وأكدت في الختام: “نحن لا نقاتل من أجل السلطة، هدفنا هو نقل السيادة إلى الشعب الإيراني”.

مؤتمر «إيران حرة» في واشنطن يبرز دور المرأة الإيرانية في طليعة التغيير الديمقراطي

واشنطن – شكّلت الجلسة الرئيسية الثانية من مؤتمر «إيران حرة 2025»، بعنوان «المرأة الإيرانية وإرث المقاومة»، محطة مهمّة لبحث كيفية تحوّل المرأة إلى القوة الحاسمة في تشكيل الحركة الديمقراطية داخل إيران. واستعرضت الجلسة

البديل المنظم

أكد العديد من الشخصيات الدولية البارزة المشاركة في المؤتمر على وجود “بديل ديمقراطي منظم”. هذا الأمر يعكس نضجاً سياسياً وتنظيمياً في حركة المقاومة الإيرانية، التي تمكنت من كسب الدعم والمشروعية الدولية.

مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، أكد بعد كلمة السيدة رجوي، بوضوح على الوضع الضعيف للنظام الحالي ووصفه بأنه “غير شرعي”. وأشار: “نحن نعلم أن هذا النظام ضعيف ومعزول دولياً أكثر من أي وقت مضى. كما أن شرعية هذا النظام داخل إيران هي صفر”. واعتبر بومبيو أن وجود الحل مرتبط بجهود المعارضة: “هذا بفضل المعارضة الإيرانية المنظمة التي تحدثت عنها، وهذه المعارضة حقيقية، وحرية الشعب الإيراني يمكن أن تتحقق وستتحقق”.

الدكتورة صوفي سعيدي، أستاذة العلاقات الدولية وعضوة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، طرحت ضرورة وجود قيادة موحدة ومنظمة، مستشهدة بتجربة تاريخ الثورات. وقالت: “حل التغيير موجود والآن هو وقته، وبشكل حاسم، البديل الديمقراطي موجود. البديل هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية“. وأضافت أن “التاريخ يعلمنا أن الثورات لا تنتصر بالمشاعر فقط، بل نجاحها يكمن في الاستعداد والتنظيم والأفكار التي تنتقل إلى الحكم”. وخلصت الدكتورة سعيدي إلى أنه لهذه الأسباب، فإن المجلس الوطني للمقاومة ليس فقط “بديلاً مناسباً بل هو بديل لا مفر منه”.

السفيرة كارلا ساندز، السفيرة الأمريكية السابقة في الدنمارك، لم تعتبر هذا التجمع “مجرد مؤتمر”، بل وصفته بأنه “تعبير عن حقيقة سياسية”. وصرحت: “الشعب الإيراني لا يرفض الديكتاتورية فحسب، بل لديه الآن بديل يمكنه أن يحل محل هذه الديكتاتورية”. كما أعربت عن ثقتها الكاملة قائلة: “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ليس معارضة على الورق. إنه حكومة في الانتظار تدعمها حركة تخطت السجون والإعدام والمنفى والإرهاب”.

جون بيركو، الرئيس والمتحدث السابق لمجلس العموم البريطاني، أشاد بالمؤتمر بسبب “الحماس والطاقة” الفريدين فيه. ووصف السيدة رجوي بأنها “قائدة سياسية مدهشة تمثل نموذجاً للنساء ولكل من يريد المضي قدماً في هذا المسار”. وركز بيركو على طبيعة نظام الملالي، معتبراً أنه قائم على “الهمجية” و”الوحشية”:

“إنه نظام يتميز بانعدام التسامح والوحشية والهمجية، مع عدم فهم لدعاة الحرية وما يعنيه الحكم أصلاً. إنهم لم يفهموا ما هو الحكم، وأنا أقول هذا ليتم تسجيله في مكان ما”.

كما أشاد بتضحيات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وسكان أشرف 3 الذين “لم يقبلوا أبداً بالهزيمة”.

خارطة طريق لجمهورية ديمقراطية

عرض مؤتمر “إيران الحرة 2025” في واشنطن، على الرغم من القيود الزمنية والسياسية، إنجازاً فكرياً وعملياً هاماً. هذا التجمع، بالاستناد إلى معلومات داخلية موثوقة مثل تحول المجتمع إلى “برميل بارود” والتقييمات الدولية، خلص إلى أن تغيير النظام ضروري ولا يمكن تحقيقه إلا عبر مسار المقاومة الشعبية المنظمة.

لقد قدم هذا المؤتمر إجابة حاسمة على السؤال الأساسي لهذا العصر: هل يوجد بديل ديمقراطي لإيران؟ وكانت الإجابة صريحة: البديل الديمقراطي هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ليس كمعارضة شكلية، بل كـ “حكومة في الانتظار”، مصممة، بالاعتماد على وحدات المقاومة” وإرادة الشعب الإيراني للديمقراطية، على تحديد مصير الثورة. الهدف النهائي، كما عُرض في خارطة الطريق (خطة النقاط العشر)، هو إقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على فصل الدين عن الدولة والانتخابات الحرة، تضمن مستقبلاً خالياً من الظلم والتمييز.