زج إيران بلبنان في صراعاتها الإقليمية يحرج حلفاء حزب الله

رهينة حزب الله

بيروت

شكلت تصريحات لأمير علي حاجي زادة قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، قال فيها إن لبنان يعد مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس خط الجبهة الأمامي في المواجهة مع إسرائيل، إحراجا كبيرا لحلفاء حزب الله في السلطة اللبنانية ولاسيما رئيس الجمهورية ميشال عون.

واضطر الرئيس اللبناني الأحد إلى الرد على تلك التصريحات لما خلفته من ردود فعل غاضبة ومستنكرة رأت فيها أن ما جاء به القيادي الإيراني أمر خطير يكرس واقع سيطرة طهران من خلال ذراعها العسكرية حزب الله على سلطة القرار في بيروت.

وقال ميشال عون، في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع تويتر، إنه “لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره”.

والسبت، أفاد قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، في تصريحات نشرتها قناة المنار (الذراع الإعلامية لحزب الله) بأن “كل ما تمتلكه غزة ولبنان من قدرات صاروخية، تم بدعم إيران، وهما الخط الأمامي للمواجهة مع إسرائيل”.

وأضاف زادة “نحن نعلّم جبهة المقاومة صناعة سنارة الصيد، بدلا من تقديم السمك، ولبنان وغزة يمتلكان تكنولوجيا صناعة الصواريخ”.

وجاءت تصريحات حاجي زادة مع إحياء ذكرى اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس الذي جرى في الثالث من يناير العام الماضي في بغداد.

وتزامنت التصريحات مع توتر إيراني أميركي متصاعد، يثير مخاوف العراق ولبنان باعتبارهما إحدى ساحات المواجهة التي تراهن عليها بالواضح إيران في المواجهة مع الجانب الأميركي وحليفه الإسرائيلي.

ويرى متابعون كما نشطاء ومغردون لبنانيون أن تغريدة الرئيس اللبناني التي تجنب فيها تسمية الأشياء بمسمياتها، لا تعدو أن تكون سوى مجرد رفع عتب لاسيما بعد المواقف الصادرة عن عدة قوى سياسية لبنانية من كلام المسؤول العسكري الإيراني.

وعقب تغريدة عون توالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة الرئيس باتخاذ خطوات احتجاجية فعلية، كاستدعاء السفير الإيراني لدى بيروت، ومطالبة طهران بشكل واضح وصريح بعدم الزج ببلادهم في تصريحات من شأنها أن تلحق بهم المزيد من الضرر.

وكان لنشطاء التيار الوطني الحر نصيب من الانتقاد المبطن لعون وخاصة للحليف حزب الله الذي حملوه مسؤولية انتهاك سيادة لبنان وتحويلها إلى مقاطعة إيرانية. وقال الناشط ناجي حايك، عبر تويتر، “لما الأمين العام تبعهم بيسمي مرشد إيران ‘القائد’ يعني صواريخو تحت أمرة هيدا القائد!!!”، مضيفا أن” الأفظع من التبعية للغريب هو الوقاحة!!!”.

من جهته غرد ناشط آخر “موقف مهّم لفخامة الرئيس لكن غير كافٍ، حزب الله كان يأخذ الموقف لبدّو ياه (الذي يريده) بغضّ النظر عن موقف السلطة بلبنان، ونحن بيحقلنا نتطمّن على مستقبلنا بها البلد”.

وكانت عدة قوى لبنانية أبدت رفضها لتصريحات القيادي الإيراني، وقال حسين الوجيه المستشار الإعلامي لزعيم تيار المستقبل ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري “يصر بعض المسؤولين الإيرانيين على التعامل مع لبنان كمقاطعة إيرانية ويحاولون زج الشعب اللبناني في حروب النظام الإيراني المفتوحة مع المجتمع الدولي”.

وأضاف “لبنان لم ولن يكون الخط الأمامي في المواجهة عن إيران، واللبنانيون لن يدفعوا أثمانا عن النظام الإيراني”. وتابع “لبنان بلد عربي ملتزم بمواثيق جامعة الدول العربية وهو سيد وحر ومستقل”.

ويعتبر الرئيس عون، وحزبه التيار الوطني الحر، من أهم حلفاء حزب الله في لبنان، ويشكل هذا الثنائي حاليا القوتين المهيمنتين مع حركة أمل الشيعية على سلطة القرار السياسي في هذا البلد.

ويقول مراقبون إن عون يستمد قوته أساسا من التحالف مع حزب الله، وهذا ما يفسر الموقف الضعيف الذي أبداه الرئيس اللبناني، الذي حرص على ألا يتخذ هذا الموقف بعدا رسميا، إذ جاء في حسابه على تويتر كما أنه خلاله لم يتعرض لإيران بالاسم.

ويشير المراقبون إلى أن عون، كما تياره الوطني الحر، بات يستشعر حالة من الارتهان لحزب الله خصوصا بعد العقوبات الأميركية التي فرضت في نوفمبر الماضي على رئيس التيار وصهر عون جبران باسيل، وكلا الطرفين في حالة انتظار لما قد يسفر عنه قدوم إدارة جديدة للبيت الأبيض.

وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، قائلا “في تصريحي السابق لجريدة الأنباء (محلية) قلت إن إيران تنتظر محاورة الإدارة الأميركية الجديدة، وأن حكومة أخصائيين نوع من البدعة فقامت القيامة”.

وأضاف جنبلاط في تغريدته متسائلا “أما اليوم ورياح المواجهة تهب من كل مكان أليس من الأفضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه؟ ولماذا التورط في المشاركة (بخطوات إيران في المنطقة) حيث لا قرار لنا بشيء؟”.

ويعاني لبنان من أزمة سياسية، تتمثل في عدم تشكيل الحكومة منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي، والذي دفع حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، إلى الاستقالة.

وكان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عرض تشكيلته الحكومية على عون الشهر الماضي، بيد أن الأخير رفض المصادقة عليها بذريعة أن الحريري تجاهله ولم يأخذ مطالبه بعين الاعتبار وهو ما نفاه الأخير.

ويقول محللون إن المماطلة في تشكيل حكومة، بالرغم من أن الوضع اللبناني لا يحتمل المزيد من الانتظار خصوصا مع تفاقم الأزمتين المالية والاقتصادية، تؤكد أن المهيمنين على القرار في هذا البلد يربطون أي حل بمآلات الصراع الأميركي الإيراني.

يُذكر أن حزب الله الموالي لطهران يملك أسلحة متطورة وصواريخ، ما شكل خلافا بين الأطراف اللبنانية خلال السنوات الماضية، بين مؤيد بدعوى “مواجهة إسرائيل” ومن يعتبر تلك الأسلحة غير شرعية، ويطالب بحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة فقط، بيد أن هذا الملف بات خارج حسابات معظم الأطراف، لا بل هناك من أصبح يراهن عليه ويحتمي به على غرار قيادة التيار الحر، الأمر الذي بات يثير غضب القواعد الشعبية، وهو ما  ترجم في ردود الفعل على تغريدة عون.