تقارير وتحليلات
ضمن السعي لاستقطاب المواليات وطمس معتقدات اليمنيات
زينبيات الحوثي يحوّلن مصلى النساء إلى منابر لتلقين أفكار الجماعة
كثفت كتائب الأمن النسائية الحوثية التي يعرف المنتسبات إليها باسم «الزينبيات» منذ نحو أسبوع من أعمال القمع والانتهاكات ضد مصليات النساء في عدد من مساجد العاصمة اليمنية صنعاء وقمن بتحويلها إلى منابر لاستقطاب النساء وتلقين أفكار الجماعة الموالية لإيران، بحسب ما أفادت به مصادر.
وذكرت المصادر أن عناصر الأمن النسائي داهمت مصليات النساء في المساجد في سياق سياسة التعبئة الفكرية ذات الصبغة الطائفية التي تحاول الجماعة أن تفرضها على السكان في مناطق سيطرتها بما في ذلك إرغام اليمنيات على اعتناق الأفكار التي يروجها زعيمها عبد الملك الحوثي عن قداسة السلالة التي ينتمي إليها وأحقيتها في الحكم.
وفرضت الجماعة الحوثية منذ بدء شهر رمضان - وفق المصادر - وجود قياديات حوثيات رفقة مسلحات في الكثير من المساجد في صنعاء من أجل إجبار النساء في المصليات على تلقي دروس محاضرات تتعلق بفكر الجماعة المستورد من الحوزات الإيرانية.
وأرغمت الكتائب الأمنية الحوثية النساء في مصليات أحياء صنعاء القديمة وفج عطان ومذبح والسنينة وبيت بوس وسعوان وشعوب ودارس، على حضور دروس ومحاضرات لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي بشكل يومي عقب صلاة العشاء والتراويح، بحسب ما ذكرته المصادر.
وفي حين نشرت الجماعة المئات من «الزينبيات» في معظم المصليات ودور تحفيظ القرآن الكريم، كشفت المصادر عن قيام الجماعة بإغلاق عدد من المصليات النسائية بعد أن فشلت في إجبار الحاضرات على الاستماع للدروس الحوثية.
وتروي أم عثمان أنها خضعت لخمس محاضرات حوثية في إحدى المصليات في حي الحصبة شمال صنعاء، وقالت إنها اضطرت للجلوس في المصلى مع بعض النسوة عقب صلاة التراويح بعد اقتحام نحو سبع «زينبيات» للمصلى فور الانتهاء من الصلاة مباشرة وفرضهن عدم المغادرة إلا بعد الاستماع للمحاضرة الحوثية.
وشكت أم عثمان من الانتهاكات الحوثية بحق دور العبادة وقالت «حاولنا مرارا إقناع مسلحات الجماعة بأن لدينا أعمالا منزلية تنتظرنا، فمنا من هي ربة بيت وأخرى أم أو زوجة تنتظرها أسرتها لتلبية احتياجاتها لكن للأسف قوبل طرحنا برفض شديد». ونقلت عن إحدى «الزينبيات» قولها إن مكوث النساء في المصليات للاستماع للدروس الحوثية يعد من الأمور التي أكد عليها زعيم الجماعة في سياق ما يزعم أنه مسعى لـ«تأكيد الهوية الإيمانية» لدى النساء، ويعني بذلك أفكار جماعته حول أحقية السلالة الحوثية بالحكم.
وأفادت امرأة أخرى بمنطقة شعوب في صنعاء طلبت ترميز اسمها بـ«ح.ص» بأن نساء حوثيات اقتحمن ثاني أيام رمضان المصلى النسائي عقب صلاة التراويح وأجبرن أكثر من 22 مصلية على البقاء والاستماع لدروس ومحاضرات زعيم الجماعة.
وأكدت أن «الزينبيات» هددن النساء بأنه في حال عدم البقاء في المصلى وحضور المحاضرات سيتم إغلاق المصلى بوجوههن وكذا إغلاق مركز تعليم القرآن الواقع في المكان نفسه.
وقبل نحو أسبوع أقدمت مسلحات حوثيات على الاعتداء على مجموعة من النساء في أحد مساجد صنعاء أثناء محاولتهن إقامة صلاة التراويح بعد الإعلان عن أن يوم الجمعة سيكون أول أيام شهر رمضان.
كما أفاد سكان محليون في صنعاء بأن مسلحين حوثيين اقتحموا مسجد النساء في جامع الأنصار بشارع الرباط وسط العاصمة، أثناء محاولة مجموعة من النساء الدخول لأداء صلاة التراويح، وقاموا بالجلوس داخل المسجد وحولوه إلى جلسة لمضغ أوراق نبتة «القات» (تعاطيها شائع في اليمن على نطاق واسع وتصنف في كثير من بلدان العالم مادة مخدرة).
وأضاف السكان أن مسلحي الميليشيات قاموا لاحقاً باحتجاز النساء في بوابة المسجد ومضايقتهن بمزاعم أنهن يعتنقن أفكارا تخالف أفكار الجماعة ذات المنزع الطائفي.
ويعتقد ناشطون حقوقيون في صنعاء أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذه الانتهاكات بحق المساجد والمصليات إلى التضييق على النساء والرجال للحيلولة دون أداء صلاة التراويح التي تعتقد الجماعة أنها غير مشروعة وفق فكرها الطائفي.
وفي حين لم ينحصر انقلاب الجماعة على اليمنيين فيما يتعلق بالثروة والسلطة والأمور السياسية وحسب، تسعى الميليشيات الحوثية - بحسب الناشطين - إلى إلغاء معتقدات السكان فكريا ومذهبيا، لاعتقادها بأن ذلك سيشكل حصانة لها من أي ثورة شعبية محتملة ضدها.
وتأتي الممارسات الحوثية الأخيرة بحق المصليات استكمالا لما كانت قد كشفت عنه تقارير حقوقية سابقة محلية ودولية عن سلسلة كبيرة من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة وعصاباتها بحق النساء في اليمن.
وأفادت التقارير بأن الجماعة ارتكبت على مدى خمس سنوات آلاف الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيات، بما في ذلك حملات التجنيد الإجباري للنساء وإخضاعهن بالقوة لدورات طائفية وعسكرية مكثفة، وكذا ارتكاب جرائم بشعة متنوعة كالاختطاف والحرمان من الحقوق والتعذيب والاعتداء والتحرش الجنسي وغيرها.
وخلال سنوات الانقلاب الخمس أحكمت الجماعة الموالية لإيران سيطرتها الكاملة على جميع المساجد في العاصمة صنعاء، وفي مختلف المحافظات الخاضعة لها وقامت بإغلاق العشرات من مراكز تحفيظ القرآن بما فيها الخاصة بالنساء، وتغيير الخطباء وأئمة المساجد بآخرين من أتباعها.