شؤون العرب والخليج
السلطات الليبية تحقق في شبهة وجود مادة «مسرطنة» في الخبز والدقيق
جانب من المؤتمر الصحافي لمركز الرقابة على الأغذية والأدوية في ليبي
سادت حالة من الهلع والخوف سكان ليبيا، بعد ازدياد الحديث عن اكتشاف مادة «برومات البوتاسيوم» المسرطنة، في الخبز والدقيق، وسط جدل حاد بين جهتين حكوميتين، الأمر الذي دفع النائب العام المستشار الصديق الصور للتحقيق في القضية.
وانتشرت حملات تدعو لمقاطعة الخبز، بداعي أنه «مسرطن»، كما انتشرت أسماء لأصناف معينة من الدقيق، زعم مروجوها أنها تحتوي على المادة ذاتها.
وبدأت القضية التي تحقق فيها النيابة العامة، عندما أعلن الدكتور ناجي قريش، مدير المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية، أنه أجرى تحاليل عدة على فترات متباعدة، بدأت منذ عام 2019 على عينات من الخبز والدقيق، فأظهرت النتائج وجود مادة «برومات البوتاسيوم» بنسب كبيرة.
وأوضح مدير المركز أن كثيراً من الليبيين اشتكوا قبل 3 أعوام من شكل وحجم رغيف الخبز، فتم تكليف فريق علمي من جامعة طرابلس للكشف عن مادة «البوتاسيوم» في عينات تم تجميعها من مناطق عدة بالعاصمة طرابلس، خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، فأظهرت النتائج أن «أقل نسبة مسجلة في العينات هي 300 في المائة عن المسموح به، بينما الأعلى كانت في حدود 1300 في المائة». كما «أظهرت النتائج أيضاً أن جميع عينات الدقيق تحتوي على نسب متفاوتة من (برومات البوتاسيوم)».
ووسط دعوات لمقاطعة جميع «المعجنات»، شكك مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في ليبيا، في نتائج المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية، وقال أمس في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن الأخير ينشر «معلومات مغلوطة أثار بها الهلع والخوف في أوساط المواطنين»؛ داعياً النائب العام إلى تشكيل لجنة وفتح تحقيق فيما أعلنه المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية.
ودافع مركز الرقابة على الأغذية عن اختصاصاته، وقال إنه قام بما يمليه عليه الواجب الوطني من مهام «لفرض الرقابة الفاعلة على السلع والمنتجات الغذائية والدوائية، المورَّدة من المنافذ الرسمية، بالإضافة إلى القيام بأعمال الرقابة الداخلية على أماكن تصنيع وتوزيع وعرض السلع، وسحب عينات منها، وإخضاعها للتحاليل للتأكد من سلامتها للتداول»؛ مبرزاً أنه «تم سحب 404 عينات من الخبز، و41 من الدقيق، و10 من المحسنات، وإحالتها للمختبرات في طرابلس، للكشف عما إذا كانت تحتوي على مادة (برومات البوتاسيوم)»؛ مشيراً إلى أن «جميع المختبرات في طرابلس وبنغازي والبيضاء، أفادت بأن جميع العينات التي تم سحبها، جاءت خالية تماماً من المادة المشار إليها».
واستكمل المركز مستدركاً: «لكن فوجئنا بعد ذلك بأخبار متداولة حول وجود تقارير صادرة عن وزارة التعليم العالي، تتحدث عن وجود تلك المادة المسرطنة في الدقيق المتداول بالأسواق المحلية؛ على الرغم من أنه يُحظر استيرادها منذ سنوات، وتم تمديد الحظر بقرار وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة (الوحدة)... وأمام هذه المعلومات الخاطئة التي تهدد الأمن الوطني القومي للبلاد، تقدمنا ببلاغ للنائب العام للتحقيق في الأمر».
ومن حين لآخر يشتكي الليبيون من ارتفاع أسعار الخبز، وقلة حجمه، مقارنة بفترات تاريخية سابقة، في ظل تأثر البلاد بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. ولم تعرف ليبيا أزمة خبز خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، إذ كان يباع 20 رغيفاً بدينار واحد؛ لكن بعد ذلك تراجع العدد إلى أربعة، قبل توحيد سعر الصرف بالبلاد، ثم تراجع بعدها إلى 3 أرغفة مقابل دينار واحد، بعد ارتفاع سعر الدقيق.
ومع الجدل الذي أحدثه تقرير المركز الليبي المتقدم للتحاليل الكيميائية، ربط كثير من الليبيين بين ازدياد حالات السرطان في البلاد، وبين ما يرونه من «انتشار للأطعمة غير الصحية، في ظل غياب الرقابة عليها»؛ لكن مسؤولاً بمركز الرقابة على الأغذية والأدوية نفى لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه الأحاديث، ورأى أن الخبز الليبي «خالٍ من أي مواد ضارة».
وقال بهذا الخصوص: «هناك كثير من المعلومات المغلوطة والمدسوسة، والشائعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي»، لافتاً إلى أن غالبيتها «يروّج على خلفيات سياسية، تريد النيل من إدارة المركز، وتطعن في جهوده».
وسبق للاتحاد الليبي لمكافحة السرطان الكشف عن أن سرطان القولون والمستقيم يعد أكثر ثاني السرطانات شيوعاً في ليبيا، بعد سرطان الثدي عند النساء، وسرطان الرئة عند الرجال.