شؤون العرب والخليج
ناصر القدوة يختار قطاع غزة منطلقا لمواجهة النهج الشمولي لعباس
عودة في توقيت فارق
فضّل القيادي الفلسطيني ناصر القدوة ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات أن يكون قطاع غزة منطلقا لاستئناف نشاطه السياسي في مواجهة سلطة الرئيس محمود عباس الذي وصفه بأنه “شمولي”.
وسبق أن شغل القدوة وهو دبلوماسي مخضرم حقيبة الخارجية، وكان فصل قبل عام من حركة فتح بقرار من الرئيس عباس (أبومازن).
وقد اختار القدوة في وقت سابق الانتقال من فرنسا إلى مصر قبل أن يصل الأسبوع الماضي إلى القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ خمسة عشر عاما.
ويقول القدوة (69 عاما) الذي يصر على أنه لا يزال “عضوا فعالا” في حركة فتح، إن إقامته في غزة ستمكنّه من عقد لقاءات مع الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس وحركة الجهاد الإسلامي بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني.
وقبل عام، أسس القدوة ومجموعة من السياسيين والأكاديميين الفلسطينيين “الملتقى الوطني الديمقراطي” وهو تجمع سياسي ووطني مستقل.
وأطلق الملتقى مبادرة قال إنها للإنقاذ الوطني تستند إلى المصالحات الداخلية في فتح وتوحيد الفصائل الفلسطينية في إطار مؤسسات منظمة التحرير وتنظيم انتخابات ديمقراطية.
وتأتي الخطوة في ظل حالة تفسخ وانهيار تعانيها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية نتيجة تمركز سلطة القرار بيد عباس وثلة من المحيطين به.
وقال القدوة في مقابلة أجرتها معه فرانس برس “يتوجب إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية التي أصبحت جوفاء” في عهد الرئيس عباس.
وبيّن القدوة أن المؤسسات القيادية الفلسطينية “دُمرت أحيانا عن قصد، هو (عباس) يحكم بمراسيم سخيفة”.
وجرت آخر انتخابات رئاسية فلسطينية في العام 2005 وتمخض عنها انتخاب عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية، وحققت حركة حماس الإسلامية في العام 2006 فوزا في الانتخابات التشريعية.
وفي صيف العام 2007 عطل اقتتال داخلي فلسطيني بين حركتي فتح وحماس المجلس التشريعي قبل أن تسيطر الحركة الإسلامية بالقوة على قطاع غزة الذي تتحدر منه عائلة عرفات.
وعاد الرئيس السابق عرفات إلى قطاع غزة في يوليو 1994 بعد 27 عاما من إقامته في المنفى، وذلك بعد توقيع اتفاقيات أوسلو للتسوية مع إسرائيل.
واعتبر القدوة، وهو صاحب شخصية جدية، متوسط القامة وبلحية بيضاء، عباس رئيسا “شموليا”. وأضاف “يفعل عباس ما يشاء دون أي اعتبار لشيء، لا القانون ولا مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ولا السلطة الفلسطينية، ولا حتى التقاليد العائلية”.
وفُصل القدوة من حركة فتح التي أسسها خاله عرفات عام 1965، بعد أن أعلن ترشحه للانتخابات التشريعية في منافسة قائمة الرئيس عباس (87 عاما) في انتخابات تشريعية كانت مقررة في مايو 2021.
ولا يمانع القدوة أن يكون مرشحا للرئاسة، لكنه يقول إنه لا يزال يدعم ترشح القيادي البارز في فتح مروان البرغوثي والمعتقل لدى إسرائيل من أبريل 2002.
وتحالف القدوة مع قائمة انتخابية برئاسة البرغوثي. لكن الانتخابات والتي كان من الممكن أن تكون الأولى منذ خمسة عشر عاما، أرجئت من قبل عباس إلى أجل غير مسمى، وهو أمر غذى الاتهامات للرئيس بالشمولية.
وتفيد استطلاعات رأي محلية بأن غالبية الفلسطينيين يرغبون باستقالة الرئيس عباس. وشدد القدوة الذي كان يتحدث من مكتبه المتواضع في حي الرمال غرب غزة، على أنه في فترة حكم عرفات “كان هناك خلاف سياسي. لكن لا خوف، لا خوف أبدا”.
ويرى الدبلوماسي الفلسطيني أن الحل يكمن في “امتلاك الشجاعة اللازمة للوقوف والقول لا”.
لكن الحركة التي يتزعمها عباس إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية اعتبرت نوايا القدوة بالترشح ضمن قائمة منفصلة عن فتح “خروجا عن الحركة ومساسا بوحدتها”. أما القدوة فيصف تلك الاتهامات بأنها “باطلة وغير قانونية”.
وفي مايو الماضي أصدر عباس مرسوما بتعيين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ أمينا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تهدف إلى تهيئته ليكون خليفة للرئيس.
وأقدم عباس على تلك الخطوة رغم عدم تمتع الشيخ بتأييد شعبي.
وخلُص استطلاع حديث للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن الشيخ الخيار المفضل لدى 2 في المئة فقط من الفلسطينيين.
وانتقد القدوة تعيين أي مسؤول من دون انتخابات، وأكد أن “الشعب الفلسطيني سوف يرفضه”، محذرا من أن التعيين من دون انتخابات قد يؤدي إلى “حالة فوضى، وربما حالة من العنف”.
ويقول المحلل السياسي في معهد الشرق الأوسط في واشنطن خالد الجندي “سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما سيحدث في اليوم التالي لعباس”.
ويتابع متسائلا “هل سيتفككون بطريقة ما؟ أم سينخرطون في صراع داخلي؟ أم أنهم سيقررون وبمجرد رحيله (عباس) أن علينا وضع خلافاتنا جانبا”.