شؤون العرب والخليج
تمسك الدبيبة بالسلطة..
المبعوث الأممي إلى ليبيا أمام مهمة صعبة لتحديد مسار توافقي
"أرشيفية"
يشكك مراقبون في قدرة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا على تحديد مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة بالاستناد إلى إطار دستوري متين، في وقت احتدم فيه الخلاف بين رئيس الحكومة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق فتحي باشاغا.
وحذّر الدبيبة الجمعة المؤسسات العامة في البلاد من التعاطي مع أيّ قرار تصدره الحكومة المنافسة له برئاسة باشاغا، في خطوة تصعيدية تزامنت مع وصول المبعوث الأممي إلى العاصمة طرابلس.
وقال الدبيبة إن حكومته “تُخلي مسؤوليتها من أي التزامات مالية ترتبها الحكومة الموازية” في إشارة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا.
ونبّه الدبيبة في منشور عمّمه على الوزراء ورؤساء الهيئات والمصالح والأجهزة والجهات والشركات العامة وما في حكمها إلى أنه “لا يعتد بأي قرارات أو إجراءات تصدر عن الحكومة المكلفة من مجلس النواب والتي من شأنها المساس بالمال العام ومقدرات الدولة أو إحداث تغيير في المراكز القانونية بالمؤسسات العامة”.
خطاب الدبيبة المتزامن مع وصول المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا ينبئ باحتدام الخلاف مع حكومة فتحي باشاغا في الشرق
وأوضح الدبيبة في خطابه الذي نشرته منصة “حكومتنا” (الناطقة باسم حكومته) عبر صفحتها على فيسبوك أن هذا الإجراء يأتي “انطلاقًا من دور حكومة الوحدة الوطنية منذ مباشرة مهامها لتوحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام السياسي الذي طال أمده وأثَّر سلبًا على مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية”.
وأكد الدبيبة أن حكومته “أولت اهتمامها بعودة الحياة، وتوحيد المؤسسات، والحفاظ على الاستقرار، وتوفير الحياة الكريمة لأبناء الوطن لينعموا بثرواته، وتحقيق تطلعاتهم في التنمية والرخاء”.
وانتقد ما أسماها “المناكفات التي تواجه عمل الحكومة من خلال التضييق عليها بتشكيل حكومة موازية والعودة إلى المربع الأول من الانقسام السياسي”، لما لذلك من تأثير مباشر على حياة المواطن.
وتأتي تلك التصريحات في ما يبدو ردا على التحركات الأخيرة لحكومة باشاغا، وإعلانها إجراء انتخابات المجالس البلدية في 5 مناطق بعد إعادة تشكيل اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية التابعة لوزارة الحكم المحلي، وكذلك قرارها بترقية 588 ضابطا بوزارة الداخلية.
وتطالب حكومة باشاغا، التي بدأت ممارسة مهامها من مدينتي بنغازي وسرت بعد فشل محاولات دخولها العاصمة طرابلس، بتوفير موازنة لتسهيل وتمويل عملها، وتنفيذ البرامج والمشاريع التي تعهدت بها والتزمت بتنفيذها.
وكان مجلس النواب الليبي قد صادق في جلسة سابقة على منح موازنة لحكومة باشاغا، لكن المصرف المركزي الذي يمول حكومة الدبيبة لم يقم حتى الآن بتسييل الموازنة لباشاغا.
وينبئ خطاب الدبيبة المتزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي إلى العاصمة طرابلس الجمعة باحتدام الخلاف مع الحكومة الموازية في ظل الصراع الذي يدور بينهما منذ مارس الماضي حين منح مجلس النواب الثقة لحكومة باشاغا، والتي لم تتمكن منذ ذلك الحين من ممارسة مهامها ودخول العاصمة طرابلس.
وشهدت العاصمة وبعض المدن الليبية من حين إلى آخر اشتباكات متقطعة بين موالين لحكومة الدبيبة وأنصار حكومة باشاغا، ما زاد من تعقيد الوضع الأمني والسياسي في البلاد.
وفور وصوله إلى طرابلس تعهد باتيلي في بيان نشرته البعثة الأممية على موقعها الإلكتروني بالتواصل “مع جميع الأطراف الليبية في عموم البلاد بمن فيهم المجتمع المدني والنساء والشباب للاستماع إلى آرائهم بخصوص الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية ومعرفة رؤاهم بالنسبة إلى مستقبل بلادهم خلال الأيام المقبلة”.
وأوضح باتيلي أن الأولوية بالنسبة إليه هي “تحديد مسار توافقي يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة بالاستناد إلى إطار دستوري متين”، مبينا أن “استعادة العملية الانتخابية كفيلة بتعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار وتجديد شرعية المؤسسات في البلاد”.
وأشار باتيلي إلى أن الأمم المتحدة “ملتزمة بدعمها لليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة”، مؤكدا أنه “لا بد من احترام إرادة الملايين من الليبيين” الذين سجلوا للتصويت في الانتخابات.
وقال إنه “وصل إلى طرابلس اليوم (الجمعة) للشروع بمهامه”، مضيفا أنه “سيتولى قيادة المساعي الحميدة للأمم المتحدة والقيام بجهود الوساطة من أجل التوصل إلى حل سلمي ومستدام يقوده ويملك زمامه الليبيون”.
وتنتظر باتيلي مهمة صعبة تتمثل في حل أزمة تشهدها ليبيا تتمثل في صراع بين حكومتين إحداهما برئاسة فتحي باشاغا كلفها مجلس النواب، والأخرى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وتم تعيين باتيلي مبعوثا للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم لدى ليبيا في سبتمبر الماضي خلفا ليان كوبيش الذي عين بالمنصب في ديسمبر 2020 واستقال في نوفمبر 2021.
وتعثرت جهود ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق توافق ليبي حول قاعدة دستورية تجرى وفقها انتخابات يأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة وإنهاء نزاع مسلح يعاني منه بلدهم الغني بالنفط منذ سنوات.