شؤون العرب والخليج

هل يتّفق اللبنانيّون على صيغة جديدة ويلتزمون بها؟

"أرشيفية"

بيروت

تبقى الأزمة اللبنانية عالقة حتّى الساعة. والبحث بات اليوم في إيجاد صيغة تجنّب اللبنانيّين قدرة أيّ فريق على شلّ البلد لتحقيق أجندات غير لبنانيّة لا تخدم الصالح العام.
ولعلّ هذا ما نجح بتأمين عدم تحقيقه الاحتلال السوري الذي أفرغ الطائف من مضمونه، وأعاق تطبيق ما يمكن تطبيقه منه. وتمّ تطبيق ما تبقى بطريقة استنسابيّة تخدم استمرار احتلاله للبنان. وبعد الانسحاب السوري أحكمت منظمة حزب الله سيطرتها السياسيّة على لبنان بعد انقلاب عسكري قادته في 7 أيّار 2008، وترجمت مفاعيله بتسوية الدّوحة التي مكّنتها من تشريع التعطيل.
 
لبنان الواجهة
 
وفي هذا السياق، يوضّح الباحث السياسي اللبناني الأميركي حسن منيمنة، وهو مدير مؤسسة بدائل الشرق الأوسط، وأستاذ في معهد الشرق الأوسط، ومحرر مساهم لدى منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى؛ في حديثه لجسور أنّ " قوة محور إيران في لبنان تعود إلى إهمال خصوم هذا المحور الدوليّين وليس إلى مهارته، برغم أنّ إيران تعتمد على مهارة ضعف أو تبدّد الخصوم ما يؤمّن لها استمراريّة سيطرة محورها في لبنان."وفي موضوع محاربة حزب الله أميركيًّا، يوضح منيمنة أنّ " محاربة أميركا للحزب هي محاربة لمنظمة إجراميّة تعتمد على التهريب والافساد في أكثر من مستوى. لذلك، تتّخذ شكلاً ماليًّا وإداريًّا أكثر ممّا هو شكل سياسيّ." فحزب الله لا ينظر إليه أميركيًّا على أنّه فاعل سياسي مستقلّ. بل بحسب منيمنة "المواجهة السياسيّة لحزب الله هي في إطار مواجهة إيران حيث ينظر إليه على أنّه أداة من أدوات إيران .


وبالتالي عندما نتحدّث عن موقف سياسي نتحدّث عن موقف سياسي إزاء الأصيل وليس التابع."وعن استمرار الحالة القائمة في لبنان يكشف منيمنة " أنّ هذا المحور (محور إيران) لا يريد أن يستولي على لبنان بالشكل الصريح، لأنّ ذلك قد يضعفه على أكثر من مستوى؛ بل هو يريد واجهات وهو قادر على الحصول على بعضها." في المقابل يرى منيمنة أنّ الإهمال وسوء الإدارة بحقّ لبنان من قبل الأصدقاء الدّوليّين وحلفائهم "يرتقي إلى مستوى حقيقة الاجرام".
 
رئاسيًّا
 
أمّا في الموضوع الرئاسي فلا يعتقد منيمنة أنّ للولايات المتحدة في لبنان " أيّ مرشّح، بل هناك إمكانيّة للاستجابة إلى بعض الآراء الدّولية من باريس والرياض فيما يتعلّق بمستقبل لبنان." إلّا انّه يؤكّد في حديثه لـ "جسور"أنّ " الشأن اللبناني هو شأن هامشي وعرَضي واستلحاقي وليس شانًا شاغلاً للإدارة الأميركيّة." لذلك ينصح بعدم المبالغة في مستوى الاستجابة الدّوليّة.
 
الترسيم القاتل
 
في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يؤكّد منيمنة أنّ " إسرائيل قد حصلت أكثر ممّا كانت تطمح إليه في اتّفاقيّة الترسيم، وهذا خزي وعار للبنانيين وليس لإسرائيل التي من حقّها أن تسعى إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من الثروة والحدود." لكنّ هذه الاتّفاقيّة لا تنفي احتمال قيام أيّ حرب بين البلدين لأنّه بحسب ما يقوله منيمنة "أنّ الاعتبارات لا تتوقّف فقط على مسألة الترسيم". لكن من دون شكّ أنّه مع الانتاج الاسرائيلي للغاز في مقابل غياب الانتاج اللبناني لا شكّ أنّ الاعتبارات الاسرائيليّة تصبح أكثر تعقيدًا.وهو يرى أنّ " هذه الجريمة بحقّ الأجيال اللبنانيّة القادمة." ولا يميّز بين أيّ فريق لبناني إن كان في خطّ المقاومة أو الاعتدال، فبالنسبة إليه "كلهم ساهموا في ذلك واحتفلوا بهذه الاتّفاقيّة المجحفة بحقّ لبنان."
 
النزوح السوري
 
إنّ بقاء النازحين السوريين في لبنان هو جريمة أخرى بحقّ لبنان× ولقد بات يشكّل تهديدًا وجوديًّا. فبالنسبة إلى منيمنة يصنّف هذه القضيّة في إطارين تحت لواء الإهمال:
إهمال دولي يعود إلى أنّ القرار دوليًّا ليس قرارا سياسيًّا أو جماعيًّا على مستوى القمّة، بل هو اليوم بعد أن تولّت المنظمات الدوليّة دعم هؤلاء النازحين بتفويض دوليّ، أصبحت المسألة مسألة استمرار هذا الدعم الذي يشكّل وسيلة لبقاء هذه المؤسسات.


إهمال من طبيعة لبنانيّة المسؤول عنه تلك الطبقة السياسيّة. فالمسؤول ليس النازح السوري بل السياسي اللبناني الذي كان في السلطة أو خارجها حيث سمح بحصول هذا التبدل السكاني الذي ربّما قد يهدّد الكيان اللبناني بشكل صريح وواضح."
 
الاتّفاق على صيغة جديدة
 
وفيما يتعلّق بطبيعة الأزمة اللبنانيّة يؤكّد منيمنة أنّ " هذه المسألة ليست في طبيعة النظام المقبل، بقدر ما هي في قدرة اللبنانييتن على الاتّفاق على صيغة ما والالتزام بها." من دون ان يحدّد منيمنة طبيعة هذه الصيغة. فبالنسبة إليه " السعي إلى تقسيم لبنان تحت مسميات مختلفة منها الفدراليّة أو غيرها، كل هذه التوجهات لن تنهي الأزمة اللبنانيّة، لأنّ السؤال المطروح على أيّ أساس تكون عمليّة التقسيم والتوزيع هذه؟"والاشكاليّة في ذلك بحسب منيمنة تعود إلى أنّ "اللبنانيين يسعون إلى إدارة إنهاء الوطن وليس إلى إدارة الوطن." فبالنسبة إليه " مشروع الفدرلة هو باتّجاه تصفية الحضور المسيحي في لبنان، لأنّه عندما

نتحدّث عن تقسيم فدرالي فالمناطق التي سيكون فيها وجود مسيحي غالب، لا يمكن أن تكون حصريًّة؛ لأنّ اللبنانيين متداخلون على المستويات جميعها، بما فيها المستوى الطائفي."والملفت أنّ رؤية منيمنة لا تتطابق مع رؤية قادة ومفكّرين مسيحيّين كثر مرّوا في تاريخ لبنان المعاصر والقديم الذين رؤوا في الفدراليّة خلاصًا لطغيان الديموغرافية غير المسيحيّة على الوجود المسيحيّ. فيما يضعها بعض قادة الرأي اليوم في غطارها العلمي السياسي الصرف، فيعتبرونها أفضل الطرق الإتّحاديّة لإدارة الاختلافات في المجتمعات المركّبة والتعدّديّة.


في الخلاصة، يتجاوز منيمنة إطار البحث في الصيغة إلى " الاتّفاق على طبيعة الوطن وهويّته والعودة إلى منطق لبنان كوطن لمواطنيه. بالعودة إلى الوعد اللبناني." وهذا ما يراه غير متحقّقٍ حتّى اليوم. لذلك يرى أنّنا "بحاجة إلى حوار جدّي ليس بين الطوائف أو الزعامات، ولكن على المستويات الفكريّة والحضاريّة والاجتماعيّة." ويختم حديثه لجسور متأسّفًا كثيرًا لأنّ هذا الأمر ليس حاصلاً. "وإلى أن يتحقّق نستطيع أن نقول بأنّ الأمل بلبنان الغد لا يزال ضعيفًا للأسف."

عمليات شباب الانتفاضة تزلزل الداخل وصدى بروكسل يدوّي في الخارج


فضائح التناقضات بين غروسي وعراقجي: لعبة الهروب من آلية الزناد وسط تصاعد الدعوات للتغيير في بروكسل


انسجام الغراوي عضوا في مجلس أمناء هيئة المرأة العربية 


بروكسل: رعب ملالي إيران وانفلات عقالهم