شؤون العرب والخليج

الحكومة تحشد الجهود لإصلاح التعليم في تونس

منظومة تربوية منهارة

تونس

 تكثف الحكومة التونسية من جهودها بهدف إصلاح منظومة التعليم المأزومة في السنوات الأخيرة، في وقت يرى فيه مراقبون أن عمليات الإصلاح تتطلب شراكة واسعة بين مختلف المكونات المتداخلة في القطاع، على غرار الخبراء والبرلمان والنقابات.

ويعاني قطاع التعليم في تونس من أزمة حادة عقب اندلاع ثورة يناير 2011، في ظل تراجع المنظومة التربوية خاصة على مستوى المناهج وبسبب النقص في عدد المدرسين، إضافة إلى تدهور البنية التحتية وتداعيات المطالب النقابية على سير الدروس، ما جعل البلاد تحتل مراكز غير مطمئنة في التصنيفات الدولية للقطاع.

وأكّد وزير التربية محمد علي البوغديري “التفاعل المشترك مع الإصلاحات الوطنية الكبرى، في ما يتعلق بإصلاح المنظومة التربوية وخاصة العمل على تجسيم أحكام دستور 25 يوليو 2022 المتعلقة بإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم”.

وقدّم البوغديري لدى استقباله مساء الخميس وفدا عن لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب، يتقدمه النائب فخرالدين فضلون رئيس اللجنة، جملة البرامج التي توجّه عمل الوزارة بما يحقق تطوير أداء المنظومة التربوية.

وعبّر أعضاء اللجنة خلال هذا اللقاء، عن وعيهم بجسامة المسؤولية واستعدادهم في إطار مهامهم النيابية لمعاضدة جهود الوزارة من خلال المبادرات التشريعية التي تهدف إلى دعم البرامج والمشاريع، ولاسيما مشروع إصلاح المنظومة التربوية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد أشرف في وقت سابق، بقصر قرطاج، على اجتماع ضمّ محمّد علي البوغديري، وزير التربية، ومنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ونصرالدين نصيبي وزير التشغيل والتكوين المهني.

وتناول الاجتماع مشروع النص الذي سينظم المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي تم إنشاؤه بمقتضى دستور 25 يوليو 2022.

وساهمت السياسات الخاطئة في تدني هذا القطاع، وسط تحذيرات الخبراء من تراجع جودة التعليم في تونس.

ويرى هؤلاء أن عملية إصلاح القطاع الحيوي في تونس تستدعي وضع آليات وبرامج برؤية مستقبلية واضحة، فضلا عن تنظيم حوار حقيقي حول المسألة يعالج مختلف الجوانب المتداخلة في العملية التربوية.

وأفاد وزير التربية السابق ناجي جلول بأن “لا بد من الشروع في إعادة بناء منظومة كاملة وليس إصلاح ما سبق، عبر القطع مع التعيينات العشوائية وإنهاء التعامل مع وزارة التربية كوزارة شؤون اجتماعية تحت ضغط البنك الدولي وإغلاق مدراس تكوين المعلمين”.

وقال لـ”العرب”، “هناك 97 في المئة من ميزانية الوزارة تذهب إلى الأجور كما أن جزءا كبيرا من المعلمين غير مؤهلين ولم يتلقوا تكوينا لازما، وهذا ما يستدعي التفكير في اكتتاب وطني للتعليم، مع ضمان مشاركة كل الأطراف”.

وتابع جلول “يمكن تخصيص مناظرة وطنية للمدرسين النواب لاختيار مدرسين أكفاء، ووزارة التربية شأنها شأن وزارة الداخلية وجب النأي بها عن التجاذبات السياسية، خصوصا من خلال نشاط النقابات”.

واستطرد قائلا “وجب التنصيص على كل هذه النقاط عبر قوانين واضحة، ثم سيأتي الدور على إصلاح البرامج والطرق البيداغوجية في التعليم”.

ونظّم الائتلاف التربوي التونسي، الاثنين، بمناسبة الاحتفال بأسبوع العمل العالمي للتعليم الممتد من السادس والعشرين من مايو إلى الثالث من يونيو 2023، لقاء افتراضيا مع الجمعيات والنوادي الأعضاء، خصص لتوجيه رسائل في محاور تربوية مختلفة لكافة الأطراف المعنية بالشأن التربوي.

ودعا ممثلو عدد من الجمعيات المشاركة في هذا اللقاء، المسؤولين إلى الاستثمار في إصلاح التعليم العمومي في تونس وإيجاد مصادر محلية لتمويله، مشدّدين على “ضرورة القطع مع الهبات الخارجية والتبعية لصندوق النقد الدولي للحصول على التمويل لقطاع التعليم، والعمل على وضع آليات جديدة من أجل توفير الاعتمادات اللازمة للنهوض بالمنظومة التربوية”.

وأكدت ممثلة جمعية “لاباس” حنان النفاتي “أهمية تحسيس صناع القرار بدور الجانب التمويلي في إصلاح المنظومة التربوية بعيدا عن إملاءات صندوق النقد الدولي”، مبينة أن جمعيات المجتمع المدني وعلى رأسها الائتلاف التربوي التونسي كانت قد اشتغلت على جملة التوصيات الموجهة لأصحاب القرار، من أجل السعي إلى إيجاد تمويلات محلية وضخها لإصلاح التعليم.

وشدد ممثل الجمعية التونسية للتربية والثقافة والعلوم سفيان بالنور على ضرورة انخراط جميع المتدخلين في عملية إصلاح التعليم، باعتبار أن الاستثمار في هذا المجال هو ضمان للمستقبل وبرهان على تقدم الشعوب وتطور اقتصادها ونموها.

وأوضح ممثل الجمعية التونسية للأشخاص ذوي الإعاقة خميس السحباني أن من الضروري أن يرتكز الإصلاح التعليمي في تونس على مبادئ تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المتعلمين وأن يكون التعليم شاملا ويأخذ بعين الاعتبار خصوصيات التلميذ الذهنية والجسدية.

ودعا إلى العمل الجدي على دمج الأطفال الحاملين لإعاقة في المدارس العمومية وضمان حقهم في التعليم، مع الحرص على تدريب المدرسين على إتقان الآليات اللازمة لتعليم هذه الفئة من الأطفال وتوفير الإحاطة اللازمة لهم.

ومنذ 2011، تواتر العديد من الوزراء على تقلد منصب وزارة التربية في البلاد، وظلّ إصلاح منظومة التعليم والارتقاء بجودة البحث والمعرفة مجرد شعارين.

ولاحظ فريد شويخي، الخبير في علم النفس التربوي، أن “المدرسة لم تعد توفر المعلومات، ووجبت مرافقة التلاميذ لكيفية التعامل مع المعلومة وتوظيفها عبر مرافقين نفسيين واجتماعيين”.

ودعا في تصريح لـ”العرب” إلى “ضرورة ملاءمة الزمن المدرسي للزمن الاجتماعي”، لافتا إلى أن “نقابات التعليم أساءت للمنظومة، ووجب سن قوانين برلمانية جديدة تنظم القطاع”.

وطالب شويخي بـ”إشراك كل الأطراف في عملية الإصلاح، مع إرساء منظومة تربوية لا تعليمية”.

وسبق أن قال مراد بهلول، الخبير لدى اليونسكو وعدد من المنظّمات الأممية في مسائل التربية، إنّ “تقييم المنظومة التربوية التونسية ينبني على ثلاث مسائل جوهرية أساسية، والتقييم يمتد على مسار زمني طويل الأمد باعتبار أنّ المنظومة التربوية منظومة ديناميكية”.

ولخص بهلول في تصريح إعلامي “محاور الإصلاح التربوي في خمسة محاور كبرى، وهي المحتويات المدرسية والزمن المدرسي والحياة المدرسية أي ظروف التمدرس ومناخ التعايش داخل المدرسة بين التلاميذ والكادر المدرسي حتى تكون المدرسة فضاء مرغبا لا منفرا للتلميذ، علاوة على تأهيل بناءات وفضاءات التمدرس، وخامسا الاهتمام بتطوير منظومة التكوين المستمر للمدرسين وتأهيلهم للعمل في ظروف معقدة”.

وظلّ إصلاح التعليم في تونس في قلب الصراع السياسي، وظهر في معظم الإصلاحات التربوية بعد الاستقلال، سواء في رهان توحيد التعليم أو في السؤال عن لغة التعليم بين التعريب وثنائية اللسان، وصولا إلى البرامج، وخاصة تلك المتعلقة بالتربية الدينية والفلسفة، كما سميت معظم هذه الإصلاحات بأسماء الوزراء الذين أشرفوا على صياغتها.

ديكتاتورية خامنئي الفاسدة تغذي ست أزمات مدمرة تدفع الإيرانيين إلى الهاوية


إييوريبورتر: مؤتمر دولي يدعو إلى التغيير الديمقراطي في إيران


“الزناد الإضافي” ردًا على استجداء عراقجي


بيان أغلبية البرلمان المالطي: تأكيد على حق الشعب الإيراني في تغيير النظام