شؤون العرب والخليج
في سعي أوروبا إلى عزل روسيا بالكامل
"أرشيفية"
لا شك أن تحويل روسيا إلى دولة منبوذة دولياً، سيسهل تنظيم الدعم العسكري لأوكرانيا وانضمامها إلى حلف الناتو. فقد اتسمت بداية الشهر السادس من هذا العام بالنشاط السياسي على الساحة الأوروبية، عقدت خلالها القمة الثانية للمجموعة السياسية الأوروبية في كيشينيف، وحضرها 46 من قادة الدول الأوروبية، بالإضافة إلى رؤساء مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، بمن فيهم الرئيس الأوكراني.
وكذلك عُقد اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الناتو في أوسلو بتاريخ 31 أيار/مايو و 1 حزيران/يونيو من هذا العام. وكان بمثابة تحضير لقمة أخرى - كتلة شمال الأطلسي في الشهر السابع في فيلنيوس.
ومن المؤكد بان جدول أعمال اللقائين يتناول كيفية الضغط على روسيا، واحكام الحصار الأوروبي والغربي بشكل كامل، من خلال زيادة فرض العقوبات وإبعاد الدول الاخرى عن طريقها بانتظار قمة الناتو في فيلنيوس التي يبدو قد بدأت الدول الغربية، تتهيأ الى خطوات منح اوكرانيا العضوية التدريجية. حيث وصف المستشار الألماني أولاف شولتز الإجراءات الروسية في أوكرانيا بأنها. "مظهر من مظاهر الإمبريالية" الجديدة التي تريد الهيمنة على العالم.
ويرى المتابعون للتكامل الأوروبي بأن المشكلة الرئيسية للمشاركين في قمة كيشينيف هي البنية الأوروبية للسلام والأمن. ويُزعم أن روسيا هي التي "تضعها يوميًا، في مواجهة التهديدات الوحشية بأفعالها في أوكرانيا"، مما فرض على المشاركين في القمة اتخاذ قرار بالإجماع ينص على دعم أوكرانيا، ما يعني تعزيز الأمن بين الدول الاوروبية وأوكرانيا.
لذلك يُعتبر إنشاء المجتمع السياسي الأوروبي، ظاهرة جديدة على الساحة السياسية لأوروبا. ويعتبر عنصرًا جديدًا في العمارة الدبلوماسية الأوروبية... وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية، لقد اخترع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سياسة الجوار الأوروبية، ومعنى ذلك أن يشمل فلك الاتحاد الأوروبي، تلك الدول الأوروبية التي لم تصبح بعد أعضاءً في هذا المجتمع. ومن الغريب في هذا الصدد أنها تشبه محاولات إنشاء شراكة شرقية لعدد من دول ما بعد الاتحاد السوفياتي في 2008-2009.
وبهذا المفهوم نتحدث عن نطاق أوسع، حيث أن قضية المنافسة بين روسيا والاتحاد الأوروبي على دول ما بعد الاتحاد السوفياتي، هي قطبة الصراع المخفية . كما يظهر مثال أوكرانيا، حيث انتقلت إلى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة والغرب لم يعد يرى حاجة إلى التسويات. السؤال يتعلق بعزلة روسيا من الناحية القانونية الدولية كما صاغها المستشار الألماني في خطابه في قمة كيشينيف.
في ظل الظروف الحالية، لم تتم إزالة مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو من جدول الأعمال. ويبدو أنه في ظل ظروف العزلة الكاملة لروسيا، سيكون من الأسهل على كييف ودول الناتو التي تدعمها في المواجهة مع روسيا اتخاذ هذه الخطوة. ليس من قبيل المصادفة أنه في اجتماع غير رسمي في أوسلو، وفقًا للأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، تمت مناقشة مسألة اتخاذ مزيد من الخطوات نحو التقارب بين أوكرانيا وحلف الناتو. ورفع مكانة لجنة الناتو وأوكرانيا إلى مستوى مجلس. وبذلك يعني بان انضمام كييف إلى الناتو أمرًا حقيقيًا، على الرغم من أنه لم يحدد تواريخ محددة للانضمام
لذا لا يمكن حلّ هذه القضية إلا في ساحات القتال في أوكرانيا. ولذلك، يعترض السياسيون الأوروبيون البارزون اليوم كواحد على محادثات السلام، على الرغم من المحاولات العديدة لتنظيم عملية التفاوض بين كييف وموسكو ومن الصين ودول البريكس، وحتى الحديث عن مهمة السلام المحتملة للفاتيكان.
تتفهم أوروبا حقيقة محادثات السلام في المستقبل، لكنها ليست مستعدة لها في مواجهة الخسائر الإقليمية التي عانت منها كييف. ومن الواضح أيضًا أنه بالنسبة للغرب، فإن مشاركة زعيم روسي يشعر بأنه الفائز في مثل هذه المفاوضات ويفرض جدول الأعمال السياسي على أوروبا .