شؤون العرب والخليج
نذر مواجهة عنيفة بين المعارضة والحكومة الإسرائيلية
الاحتجاجات مستمرة
صعدت المعارضة الإسرائيلية من حدة خطابها ولوحت باعتماد أساليب أكثر خشونة مع الحكومة الإسرائيلية بسبب التعديلات القضائية المثيرة للجدل، رغم “تراجع” رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن بند تتحفظ عليه المعارضة بشدة في حزمة التعديلات المقترحة.
ويجد نتنياهو نفسه عالقا بين إرضاء المعارضة وعدم إثارة حفيظة حلفائه من اليمين المتشدد الذين لوحوا بدورهم في وقت سابق بالانسحاب من الائتلاف الحكومي الهش ما لم يتم تمرير التعديلات، وهو ما يعني بالضرورة سقوط الحكومة ودخول تل أبيب في أزمة سياسية حادة.
وهدد قادة الحركة الاحتجاجية في إسرائيل، الأحد، نتنياهو بتصعيد شعبي واقتصادي جديد الثلاثاء، في حال صادق الكنيست (البرلمان) اليوم الاثنين على مشروع قانون يقلص من سلطات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) في الرقابة على الحكومة.
والثلاثاء الماضي، صادقت “لجنة الدستور” بالكنيست على مشروع قانون “الحد من المعقولية” ضمن حزمة تشريعات لخطة “إصلاح القضاء” الحكومية المثيرة للجدل، ومن المقرر أن يتم طرحه على جلسة عامة للتصويت عليه في 3 قراءات ليصبح قانونا نافذا.
ويدور الحديث عن مشروع قانون يهدف إلى إلغاء إمكانيّة نظر المحكمة العليا في “مدى معقوليّة” قرارات الحكومة.
وقال قادة الحركة الاحتجاجية، وهي تتكون من منظمات يسارية وحقوقية، في بيان، إنه في حال تمرير القانون بالقراءة الأولى سيكون هناك “يوم مقاومة”، سيشمل إضرابات ومظاهرة حاشدة في مطار ديفيد بن غوريون ومسيرات في المدن الرئيسية بجميع أنحاء إسرائيل، وفقا لموقع “والا” العبري.
وأضافوا “إذا لم تتوقف الحكومة، فستتوقف الدولة بأكملها.. اليوم نقول لنتنياهو وشركائه المتطرفين في الحكومة إنه إذا تم تمرير القانون في القراءة الأولى، فستفقد الحكومة شرعيتها، فالحكومة في نظام ديمقراطي ليس لديها تفويض لإلغاء الديمقراطية”.
وتابع قادة الحركة الاحتجاجية في بيانهم “من الواجب المقاومة في مواجهة حكومة غير شرعية. يوم الثلاثاء، إذا تم تمرير القانون في الليلة السابقة، سيخرج شعب إسرائيل بأعداد كبيرة ليوم مقاومة”.
وشددوا على أن العديد من القطاعات والشركات في إسرائيل “قد حشدت بالفعل”، وأصحاب العمل والشركات سيسمحون لموظفيهم بالتغيب، وستغلق العديد من الشركات نشاطها الثلاثاء.
وأعلنت شركة “بيغ”، وهي تمتلك 20 مركز تسوق (مولات تجارية) في جميع أنحاء إسرائيل، إغلاق جميع فروعها الثلاثاء في حال صوّت الكنيست لصالح تمرير قانون “الحد من المعقولية”.
وقالت الشركة “مثل هذا التشريع سيكون بمثابة ضربة قاتلة لليقين التجاري والاقتصادي في إسرائيل، وسيعرض للخطر بشكل مباشر وفوري وجودنا كشركة رائدة في إسرائيل”.
وأردفت “من أجل الاحتجاج بشكل غير عادي ومنع تمرير هذا التشريع الفاسد، سنشارك في يوم الإضراب المخطط له الثلاثاء، وسيتم إغلاق مراكز بيغ من كريات شمونة (شمالا) إلى إيلات (جنوبا)”.
وتراجعت أسهم الشركة، التي حققت صافي أرباح بلغ 130 مليون شيكل (35 مليون دولار) في الربع الأول، بنسبة 3.1 في المئة. وقال وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إنه سيقاطع بيغ ما لم تتراجع عما اعتبره “ترهيبا” سياسيا. وألحقت الأزمة ضررا بالاقتصاد في إسرائيل.
وقدر موقع “ذا ماركر” الإلكتروني لأخبار المال والاقتصاد الأحد أن الاقتصاد الإسرائيلي خسر 150 مليار شيكل (41 مليار دولار)، مشيرا إلى ضعف الأسهم والشيكل وارتفاع التضخم نتيجة تراجع قيمة العملة بما تجاوز خمسة في المئة أمام الدولار، مما ساعد في زيادة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
ومنتقدا موقفها، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير في تغريدة “سأقاطع مجموعة بيغ حتى يتراجعوا ويعتذروا”.
وشدد على أن “أصحاب الأعمال الذين يتدخلون سياسيا ويقاطعون نصف الشعب يستحقون الإدانة من جميع أطياف الطيف السياسي”.
وألمح نتنياهو الأحد إلى أن صبره ينفد حيال الاضطرابات الناجمة عن احتجاجات جديدة على خطط التعديلات القضائية، وطلب من المدعية العامة حضور اجتماع للحكومة لمناقشة إجراءات الشرطة في مواجهة المظاهرات.
وذكر نتنياهو في تصريحات تلفزيونية قبل اجتماع الحكومة أنه “من غير الوارد” أن تقيد الحكومة الحق في التظاهر أو تدعم أي عنف ضد المحتجين.
لكنه شدد على أنه لا ينبغي استخدام مثل هذه الحريات “لانتهاك القانون مما يضر بالحقوق الأساسية للملايين من المواطنين، الأمر الذي يحدث بشكل شبه يومي”، مستشهدا على سبيل المثال بالاضطرابات في مطار بن غوريون ودعوات إلى عدم الامتثال للأوامر داخل الجيش وإغلاق الطرق الرئيسية ومضايقات المتظاهرين لمسؤولين منتخبين.
وقال نتنياهو إنه استدعى المدعية العامة جالي باهراف – ميارا، التي تعرضت لانتقادات علنية من عدة وزراء، “لتقديم إفادة”.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع بدء الاجتماع اقتباسات مسربة لبعض الوزراء يطالبونها بالاستقالة.
وبحسب مصدر مطلع، قالت باهراف - ميارا إنها تأمل ألا تطلب منها الحكومة أن تقول إن هناك حاجة إلى حملة أكثر صرامة حتى لو كانت تتعارض مع تقديرات قيادات الشرطة الموجودة ميدانيا والمدعين العامين.
ونقل عنها قولها “آمل ألا تتوقع الحكومة أن تقوم أجهزة إنفاذ القانون بإلقاء القبض على ‘أعداد’ من المتظاهرين أو إصدار لوائح اتهام بحقهم”.
والسبت، شهدت إسرائيل احتجاجات واسعة النطاق للأسبوع الـ27 على التوالي ضد خطة إصلاح القضاء التي تسعى حكومة نتنياهو لتمريرها، وتهدف إلى الحد من سلطة المحكمة العليا ومنح الائتلاف الحكومي السيطرة على لجنة اختيار القضاة.
وطالب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، متحدثا في احتفال رسمي الأحد، الطبقة السياسية باستئناف الحوار بشأن الإصلاح القضائي. وحذر من أن “الفشل في القيام بذلك سيؤدي إلى فشل ذي أبعاد تاريخية وخلافات لا رجعة فيها داخل المجتمع الإسرائيلي”.
وقال “العائلات ممزقة، والجيران والأصدقاء يتحولون إلى أعداء “. وأضاف “الاتفاقات ممكنة في مسألة معقولية القوانين. لكن لا أحد يوافق على الجلوس والتحدث بشكل فوري وغير مشروط. هذا إخفاق ذو أبعاد تاريخية”.
وتعتبر المعارضة تلك الخطة “انقلابا قضائيا”، بينما يقول نتنياهو إنها تهدف إلى إعادة توازن مفقود منذ سنوات بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.
وتحت ضغط احتجاجات شعبية واسعة ومعارضة سياسية حادة، أعلن نتنياهو في السابع والعشرين من مارس الماضي تعليق مشاريع قوانين إصلاح القضاء، لإتاحة المجال أمام التوصل إلى تفاهمات بشأنها مع المعارضة برعاية الرئيس إسحاق هرتسوغ، لكن المباحثات لم تفض إلى أي نتيجة تذكر.
وتتولى حكومة نتنياهو السلطة منذ التاسع والعشرين من ديسمبر، وينظر إليها على نطاق واسع على أنها “الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل”.