شؤون العرب والخليج

لماذا يصمت التغييريون عندما يحرّض نصرالله؟

"أرشيفية"

بروكسل

لا شكّ أن أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، هو الخطيب الأول في لبنان، رغم أن لا جديد في ظهوراته الإعلامية من خلف الشاشة، بعيداً حتى عن جمهوره وعن الإعلام. فخطابات الرجل باتت تكراراً مملاً لخطابات قديمة يدخل عليها تعديلات لتلائم المرحلة والمناسبة والأحداث بما يخدم أجندة الحزب. وليس نصرالله خطيب لبنان الأول لشدة ذكائه أو براعته في تشخيص الأزمات وطرح الحلول لها. بل هو كذلك لأنه ببساطة بارع في رفع صوته وإصبعه وفي مخاطبة غرائز جمهور واسع عمل حزب الله لعقود على أدلجته وحقنه وتحريضه.

وقبيل خروج رياض سلامة من حاكمية مصرف لبنان مكرّماً لا محاسباً، حملت خطابات نصرالله الأخيرة تحريضاً ضد مجتمع الميم عين، رغم أنه ما يزال مقموعاً في لبنان، وتحذيرات من خطر المثلية. حيث دعا لمواجهتها "بكل الوسائل المناسبة من دون أسقف". ولم تقف الخطابات بمناسبة عاشوراء عند هذا الحد، بل وأيضاً حاول استنهاض همة الشباب المسلم ليتصرفوا بأنفسهم ويعاقبوا من يتهمهم بتدنيس القرآن وغيره مما ما يعتبرها هو مقدسات. وهو خطاب تكفيري هدفه تحويل كل مسلم إلى هادي مطر، بدل التعاطي بحكمة أكبر. كذلك هدد نصرالله دولاً أوروبية لرفضها تبني قيمه ومقدساته.

هذه الخطابات ليس آراء عابرة، بل تشكل خطراً على فئات هي الأضعف وتمنح الحق لأي فرد للاعتداء على غيره بعيداً عن سلطة القانون. كذلك تضع مصالح لبنان وعلاقاته بالخارج على المحك، ما يطرح سؤالاً أساسياً: لماذا يصمت الجميع عندما يتحدث نصرالله؟؟ ويستهدف السؤال خصوصاً أولئك الذين يرفعون لواء التغيير والمواجهة. فما هي المواجهة السياسية إن لم تكن مواجهة خطابات التحريض والكراهية والهوموفوبيا والتكفير والتضليل. وكيف يترك سياسي يختلق معارك ويعلن حروبا عبثية من دون انتقاد على مستوى المسؤولين والنواب؟

بالتأكيد وظيفة الخطاب ليست فقط التحريض واستضعاف فئات تحاول العيش في الظل، وإنما أيضاً تهميش القضايا العامة والأساسية لصالح معارك تضمن استمرار سيطرة الحزب على الأفراد والأجساد. على الخاص الذي يسيطر عبره الحزب على العام. صحيح أن الخطاب قد يكون استوحي من سلوكيات جمهور الحزب ذاته، وأن الحزب قد يكون قد لمس تسامحا أو تقبلا للمثلية بين عناصره وفي أماكن هيمنته، وهو ما دعا نصرالله ليحفز قيم الرجولة كما يراها هو ومع ما تصحبه من شدة وعنف. لكن من يصمت على هذا الكلام ولا يرى داع للرد عليه، لا للرد على نصرالله تحديداً، بل للحفاظ على الخطاب الحقوقي والمختلف عن خطابه، فهو يخضع ضمنياً لهذا الخطاب، ويرضخ للهالة التي يحاول نصرالله وحزبه فرضها على اللبنانيين. والتي تلقت صفعة قوية خلال انتفاضة تشرين. وهو بذلك يرضى أيضاً بأن تبقى مصالح لبنان وعلاقاته الخارجية خاضعة لمصلحة الحزب وعقيدته لا مصلحة الدولة.

 وإن كان البعض يصمت متذرعاً بالأولويات وبالتركيز على المعركة الأهم: أولاً، لسنا نرى هؤلاء يخوضون معارك أساسية، إنما يقتصر عملهم التغييري على مقابلات اعلامية وبيانات مكررة تشتر نفسها بينما لا أثر فعلي لها على أرض الواقع سوى أنها تثقل همة الشارع وتجعله أكثر خمولاً. ثانياً، وإذا سلمنا بمنطق الأولويات، أليست مواجهة الخطاب الذي يعيق البدئ بطرح الأولويات هو أولوية أيضاً؟ وهل يمكن تجاوز أي عقبة بتجنب الإشارة إليها ومواجهتها؟ أو محاولة تخطيها بأي شكل من الأشكال؟

وفي الكلام عن الدولة والمؤسسات، والتي اختار النواب التغييريون العمل من داخل مؤسساتها وقادوا معركتهم الانتخابية على أساسها، أولم ينتبه هؤلاء أن هناك من يقرركل شؤون الدولة متخطياً كل مؤسساتها، وأولها مجلس النواب، ليفرض قراراته فرضاً على الجميع. وما صمت هؤلاء إلا خياراً يؤكد تراجع سلطتهم لتخضع لسلطته، بدراية منهم أم لا. فنصرالله هو الذي يقرر السياسة الداخلية والخارجية وقيم المجتمع وحقوق الأفراد من دون أن يعترض أحد عليه. هذا إذا ما تحدثنا عن منطق المحاسبة والذي إن مضينا بطرحه يوصل الرجل إلى القضاء وربما السجن بتهم عديدة.

لكن يبدو أنه من سمة الانهيار أيضاً أن يطبّع الجميع مع كل الشواذات وأن يطبّع النواب مع انتزاع صلاحياتهم منهم خوفاً من خوض معارك حقيقية. فكيف يسترجع عمل المؤسسات وقرارها محصور بيد رجل يقول بأنه مكلف من الله وفوق الحساب؟ ولما هذا الصمت؟ هل للحفاظ على الجمود القائم والذي يستغله حزب الله لصالح مشروعه السياسي الذي يوم بأخذ مدام ومجده لن يبقي معارض؟

من يريد أن يدعي المواجهة والتغيير عليه أولاً أن يواجه خطاب التعبئة والتحريض وأن يسعى كي لا يهيمن. فأقل واجب أن نحافظ على خطاب حقوقي وأخلاقي بوجه خطاب مؤدلج لا يرى قيمة للإنسان ويجرده من حقوقه. فاخرجوا عن صمتكم إن كنتم فعلا ثوريين وواجهوا الخطاب، الذي سيبتلعكم يوماً، قبل أن يتمكن منكم.

إيران على أعتاب ثورة رابعة: بركان غضب لا يخمد يؤكد حسين عابديني، معاون مكتب تمثيل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في إنجلترا


نداء من برلين: تغيير النظام الإيراني من الداخل لضمان الأمن العالمي


300حقوقي دولي يطالبون بمنع النظام الإيراني من تكرار مجزرة 1988


مؤتمر في البرلمان البريطاني يُحذر من مذبحة جديدة في إيران ويدعو لمحاسبة نظام الملالي