شؤون العرب والخليج
تونس تريد من صندوق النقد إصلاحات لا تتعارض مع الاستقرار
تأمل تونس في استمرار التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن الإصلاحات الاقتصادية، ولكن دون أن تتعارض الإصلاحات مع الخطوط الحمراء التي يضعها الرئيس قيس سعيد، الذي يرفض أي إصلاحات تعرّض استقرار البلاد للخطر أو تكون على حساب الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل.
وقالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري نمصية، في رد على تساؤلات نواب البرلمان، الاثنين إن تونس ليس لديها برنامج جديد تقدمه إلى صندوق النقد الدولي، لكنها ستواصل المحادثات مع هذه المؤسسة.
وأبرزت نمصية أن بعثة من صندوق النقد ستحل بتونس في شهر ديسمبر المقبل، وستكون لها لقاءات مع المسؤولين التونسيين في سياق المشاورات، لكنها لفتت إلى أن ذلك لن يؤثّر على “موقف تونس من الشروط التي تمس بالسلم الاجتماعية”.
وتتولى نمصية الإشراف على وزارة المالية بالإضافة إلى تسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط بعد إقالة الوزير سمير سعيد إثر تصريحات أدلى بها في اجتماعات مراكش قال فيها إن “الحل في إبرام اتفاق مع الصندوق والقيام بالإصلاحات المطلوبة”، وإن إبرام اتفاق مع الصندوق من شأنه أن “يعطي إشارة قوية لبقية الممولين”.
وحرصت وزيرة المالية التونسية على تأكيد أن عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كان بسبب رفض تونس للشروط التي يطلبها، ومنها ما يتعلق بمنظومة الدعم، وهو ما قد يؤثر سلبا على السلم الاجتماعية التي يعتبرها الرئيس سعيد خطا أحمر.
ومن الواضح أن تونس لم تغلق الباب أمام الحوار مع الصندوق، وتأمل أن يعدل شروطه ويستمر في الحوار مع حكومة أحمد الحشاني لمعرفة واقع الاقتصاد التونسي وظروف الإصلاحات ومدى فاعليتها.
ويعتقد مراقبون أن صندوق النقد سيجد أن أفضل طريقة للتعامل مع تونس هي مساعدتها مع مراعاة وضعها المالي الصعب، سواء من خلال تقديم تسهيلات سيولة كحسن نية لحرصه على دعم الإصلاحات أو عبر تجنب الشروط القاسية، وخاصة شرط إلغاء دعم المواد الأساسية والمحروقات من أجل دراسة طلب تونس للحصول على قرض.
وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي قبل أسبوعين إن على تونس أن تلغي الدعم من أجل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، ما اعتبره خبراء اقتصاديون شرطا تعجيزيا لا يتماشى مع ما عرفت به مواقف الصندوق من مرونة.
وكان الصندوق أعطى ضوءا أخضر لتونس في أكتوبر من السنة الماضية بإعلان موافقة مبدئية، لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار، وتوقفت المشاورات بين الطرفين.
وتحاول الحكومة التونسية أن تصل إلى معادلة تتيح البدء بالإصلاحات كما يريد الصندوق، وفي الوقت نفسه عدم اختراق الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس سعيد.
وقالت نمصية “ليس لتونس حتى الآن برنامج جديد تقدمه إلى الصندوق، لكنها تعمل على إقرار إصلاحات ولعل البند الذي ورد في مشروع قانون المالية 2024، والمتعلق بالآليات البديلة لتمويل منظومة الدعم، يندرج في إطار هذا التمشي”.
وأضافت أن النهج الذي تتبعه الوزارة ليس مخالفا للسياسة العامة للدولة، بل “بالعكس نحن انخرطنا في التمشي الذي أقره رئيس الدولة للتعويل على الذات والتعامل بندية مع مختلف المانحين وعدم قبول الشروط المجحفة التي قد تمس السلم الاجتماعية”.
وجددت نمصية التأكيد على أن إصلاحات تونس ستكون “تونسية تونسية بمعايير تونس ويجب أن تكون لفائدة الفئة الاجتماعية الضعيفة والطبقات الوسطى والاقتصاد التونسي”.
وسبق لمحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي أن قال في يونيو الماضي إن “تونس تعمل مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي عادل يأخذ في الحسبان الفئات الأشد احتياجا”، وهو التمشي الذي أشار إليه الرئيس سعيد في أكثر من مرة.
وأكد الرئيس سعيد “أن تونس لن تقبل بأي إملاءات من أي جهة كانت، فالحلول يجب أن تنبع من الإرادة الشعبية التونسية وأن تكون تونسية خالصة وفي خدمة الأغلبية المفقرة التي عانت ولا تزال تعاني من البؤس والفقر”.
وأضاف “ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية؛ من يريد الجلوس على مقعدين اثنين فخير له ألا يتحمّل أي مسؤولية”.