شؤون العرب والخليج
الجفاف يدفع المغرب إلى تقييد صادرات الزيتون
قررت الحكومة المغربية تقييد تصدير الزيتون بجميع أنواعه، وزيت الزيتون، بترخيص مسبق من وزارة الصناعة والتجارة، بهدف ضمان التموين العادي والمنتظم للسوق المحلية، وتثبيت أسعار البيع حتى لا يتضرر المستهلكون.
ولا حديث للمزارعين بكل جهات البلاد في الفترة الحالية سوى عن بورصة الزيتون والتراجع المتوقع في المحصول وخشية أن يقابله ارتفاع في الأسعار.
وبموجب القرار، الذي سيبقى ساريا حتى حلول 2025، أصبحت عملية تصدير الزيتون في حالة طازجة أو مبردة والزيتون المعالج وزيت الزيتون وزيت ثفل الزيتون المستخلص من بقايا عصر ثمار الزيتون خاضعة للترخيص، وفق أحكام القانون.
واتخذت السلطات الخطوة مؤخرا بناء على طلب من الناشطين في قطاع الزيتون الذين راسلوا القطاعات الحكومية المعنية من أجل منع التصدير، بهدف الحفاظ على الأسعار الحالية لهذه المادة الأساسية في المائدة المغربية.
وأوضح رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون رشيد بنعلي أنه في ظل انخفاض إنتاج الزيتون الذي تأثر بالظروف المناخية، كان التصدير سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير جدا في السوق، مبرزا أن قرار تقييد التصدير سيساهم في انتظام التموين.
وفي تواصلهم مع “العرب” عبر مزارعون عن تخوفهم من القدرة الإنتاجية المرتقبة من الزيتون للموسم الحالي على تغطية الطلب المحلي من الزيوت بسبب استمرار الجفاف وندرة الأمطار وما خلفه ذلك من آثار على القطاع الزراعي.
وتوقع هؤلاء أن تنعكس الظروف الاقتصادية والمناخية وتكاليف عملية الإنتاج والجني والنقل على سعر اللتر مرة أخرى بحيث قد يقفز من 75 أو 80 درهما (7.25 و7.75 دولار) المسجلة خلال السنة الماضية، إلى 100 درهم (9.67 دولار).
وأكد لحسن أحد المزارعين بضواحي الواتة قرب مدينة صفرو، أن قرار الحكومة يتماشى مع المؤشرات الزراعية التي تقول إن هذا الموسم سيعرف نقصا في الإنتاج.
وقال إن “ذلك سيؤثر على السعر، وهذا في حد ذاته ثمن مرتفع سيكون له انعكاس سلبي على الكمية المستهلكة”.
ويستهلك الفرد المغربي 2.5 كيلوغرام من زيت الزيتون، مقارنة مع دول أخرى حيث يصل الاستهلاك الفردي في اليونان إلى 24 كيلوغراما، وإيطاليا 12 كيلوغراما.
وتشير التقديرات إلى أن قطاع زيت الزيتون لوحده يسهم في حدود 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لقطاع الزراعة.
ورغم موجة الجفاف نمت صادرات زيت الزيتون العام الماضي بنسبة 85 في المئة من حيث الحجم و49 في المئة من حيث القيمة.
وبخصوص الأسعار توقع بنعلي، الذي يترأس كذلك الكونفيدرالية المغربية للزراعة والتنمية القروية (كومادير)، بأن يساهم قرار منع التصدير في الحفاظ على نفس أسعار زيت الزيتون للسنة الماضية، بمتوسط 80 درهما للتر الواحد.
واستبعد تراجعا في الأسعار خلال الموسم الحالي، مبرزا أن الإنتاج المتوقع لهذه السنة تأثر سلبا بقساوة الظروف المناخية، شأنها في ذلك شأن الدول المنتجة في حوض المتوسط.
وأشار إلى أن إسبانيا التي تُمثل نصف الإنتاج العالمي للزيتون، شهدت تضاعفا في أسعار زيت الزيتون، حيث انتقل سعر اللتر الواحد من 4 يورو في السنة الماضية إلى 8 يورو خلال الفترة ذاتها من هذه السنة.
وحذر مزارعون تواصلت معهم “العرب” مما يرافق الغلاء من تلاعب وغش من قبل الذين يستغلون الفرصة لجني الأرباح بطرق احتيالية.
ويتعمد المتلاعبون مزج بعض أنواع الزيوت الرخيصة ببعض المواد الخطيرة مجهولة المصدر التي تدخل البلاد عن طريق التهريب للحفاظ على الشكل والرائحة، قبل أن يتم عرض هذه الزيوت المغشوشة في الأسواق على أنها زيوت طبيعية.
ويتتبع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) عملية إنتاج زيت الزيتون، بالموازاة مع موسم جني وعصر الزيتون بمختلف مناطق البلاد.
كما يعمل على تكثيف متابعة نشاط المعاصر، كجزء من برنامج تعزيز المراقبة على المنتجات الغذائية، والتحقق من الامتثال لمتطلبات الجودة والسلامة الصحية.
ويُتَوقع وفق معطيات صادرة عن وزارة الفلاحة أن يبلغ إنتاج الزيتون العام الحالي نحو 1.07 مليون طن، وهو المستوى ذاته المسجل في الموسم السابق.
ويعد هذا الإنتاج انخفاضا بنسبة 44 في المئة عن إنتاج موسم 2021 – 2022 والذي سجل أعلى مستوى على الإطلاق حيث بلغ 1.9 مليون طن.
ويُعزى هذا الانخفاض أساسا، وفق الوزارة، إلى التأثير المشترك لاستمرار الجفاف في الموسمين الماضيين، مما تسبب في إجهاد مائي مستمر في مختلف جهات الإنتاج بدرجات مختلفة من حيث الشدة وحسب أنواع مصادر الري.
ولفتت إلى موجة الحرارة التي شهدها شهر أبريل الماضي، في وقت ازدهار بساتين الزيتون مما أثّر سلبا على المحصول.
ويقول لحسن إن الضيعات الموجودة بالمنطقة التي تعتمد على الري وليس الأمطار هي التي “أعطت منتوجا من الزيتون لا بأس به وهو المعني بالقرار الحكومي”.
أما البساتين التي تعتمد على تساقط الأمطار فمنتوجها ضئيل إلى منعدم ويعود أغلبها إلى صغار المزارعين. وأكد لحسن أنها ستتضرر للسنة الثانية على التوالي من قلة الإنتاج تبعا لقلة الأمطار.
وتحتل سلسلة الزيتون مكانة إستراتيجية في النسيج الزراعي المغربي، نظرا إلى مكانته كأهم سلسلة للأشجار المثمرة.
وتمثل زراعة الزيتون 68 في المئة من مساحة الأشجار المثمرة على الصعيد المحلي، وتشكل هذه السلسلة مصدرا مهما لسوق العمل، حيث يوفر أكثر من 50 مليون يوم عمل سنويا، أي ما يعادل أكثر من 200 ألف فرصة عمل قارة.
وتندرج سلسلة الزيتون في إطار إستراتيجية الجيل الأخضر، إذ تم توقيع عقد برنامج للفترة 2021 – 2030. وتبلغ الميزانية الإجمالية لتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في هذا العقد حوالي 17 مليار درهم (1.7 مليار دولار).
وتتمثل أهداف البرنامج في توسيع المساحة بنحو 300 ألف هكتار لتصل إلى 1.4 مليون هكتار، وإعادة تأهيل المزارع القائمة على مساحة 100 ألف هكتار، وتحسين الإنتاج ليصل إلى 3.5 مليون طن.