شؤون العرب والخليج
ما وراء زيارة عبد اللهيان واشنطن.. تواصل سريّ يمنع المواجهة!
بينما تُعد زيارات كبار المسؤولين الإيرانيين لأميركا نادرة، دفعت حرب غزة بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى نيويورك، لإجراء مشاورات دولية وكان في استقباله سفير ومندوب إيران الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة وكبار الدبلوماسيين الإيرانيين في البلاد.
المحلل السياسي في الشؤون الدولية الدكتور أحمد مهدي، وفي حديث لـ"جسور"، قال: "زيارة عبد اللهيان إلى نيويورك تحمل طابع "العجل" فوفق الإعلان الذي جاء فيه أنها تأتي في ظل تسارع الأحداث والتطورات التي تشهدها غزة والمعارك المتواصلة ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمجازر التي ترتكبها وحدات الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة".
وتابع: "اللّافت في الأمر أن هناك تطورات سياسية لا سيما على الصعيد العالمي في هذا الشأن، ومن بينها الإجتماعات المتواصلة لمجلس الأمن والإنقسام الحاد ما بين الأعضاء الدائمين فيه، خصوصاً بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة وبين روسيا والصين من جهة أخرى، وبعض الدول غير دائمة العضوية التي تؤيد هذا الطرف أو ذاك في إصدار قرار يدعو الى وقف إطلاق النار، وهذا الأمر فشل مرات عدة.
وباعتبار أن إيران لاعب أساسي في المنطقة ومعنية بدعم المقاومة الفلسطينية، وهي التي زوّدتها بما تحتاج من دعم مالي ومعنوي وسياسي، فهي تنخرط في العمليات السياسية للبلدان الرئيسية في المنطقة كالسعودية ومصر حيث تتواصل الاجتماعات والاتصالات مع بلدان عدة بهدف وقف هذه المجازر التي تشهدها غزة، والحصول على دعم رسمي لإيران في دعواتها لوقف إطلاق النار".
تطور إيجابي
ولفت مهدي إلى أن "العلاقة ما بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة كان يمكن أن تشهد تطوراً إيجابياً بعد الصفقة التي عقدت وتوصل إليها الجانبان، والتي تقضي بإطلاق سراح عدد من المعتقلين في إيران والولايات المتحدة ورفع تجميد بعض الأرصدة الإيرانية الموجودة في الخارج، لا سيما في كوريا الجنوبية حيث تمت الصفقة وكان من المتوقع أن ينطلق الجانبان في مسار تفاوضي جديد من أجل التوصل إلى إتفاقات أخرى قد تفضي إلى إيجاد حل للملف النووي الإيراني، الذي شهد في الواقع أزمة بعد الإنسحاب المفاجئ للولايات المتحدة منه في عام 2018، وما تزال المشكلة تراوح مكانها بعد القرار الاميركي.
لكن العملية الأخيرة التي شنتها المقاومة الفلسطينية في غزة وتصاعد شدة النزاع ما بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ووقوف الولايات المتحدة الى جانب الكيان الإسرائيلي بقوة في حربه ضد الفلسطينيين أعاد العملية التفاوضية الى المربع الاول".
وأشار إلى أن "وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية قد نشرت تصريحًا لمصدر جاء فيه أنه ثمة رسائل ترسلها الولايات المتحدة الأميركية إلى إيران وحلفائها في المنطقة، تتحدث فيها عن نقطتين: الأولى هي عدم رغبة الولايات المتحدة في توسيع دائرة الصراع القائم في المنطقة، والثاني تدعو الولايات المتحدة إيران وحلفائها الى ضبط النفس.
وبحسب المصدر نفسه، جاء الرد الإيراني انه إذا كانت الولايات المتحدة فعلاً لا تريد توسيع دائرة الصراع، عليها أن توقف دعمها القوي وانحيازها التام الى الجانب الإسرائيلي في ارتكاب المجازر الجارية ضد الفلسطينيين في غزة، كذلك أن تسعى وتضغط على الجانب الاسرائيلي لوقف إطلاق النار، ومن ثم البدء بإيصال المساعدات وغيرها إلى المنكوبين في غزة".
واستبعد مهدي أن يكون هناك علاقة بين زيارة عبد اللهيان إلى نيويورك والإفراج عن بعض معتقلين من أصول إيرانية، كون هذه العملية جاءت ضمن المفاوضات السابقة، وهي مرتبطة بالنزاع والتطورات الجارية في غزة".
لا حرب إقليمية
من جهته، قال المحلل والكاتب السياسي جوني منيّر في حديث لـ “جسور" إن "حضور عبد اللهيان في نيويورك يؤشر إلى أن الخطوط الخلفية الجانبية مفتوحة بين إيران وأميركا، والإتصالات بين الجانبين قائمة أو أقله غير مقطوعة، إن كان في موضوع غزة أم في موضوع المنطقة ككل، وشكل الزيارة وتوقيتها يؤكد ذلك، رغم أن المواقف المعلنة عدائية".
وتابع: "أعتقد أن هناك ضوابط يتفاهمان عليها وجرى نسجها، وهذا ما يفسّر الإيقاع المنضبط والمتزن في المنطقة والذي لا يقلق الأميركيين. المنطقة تحتاج لكلام أميركي إيراني عبر قطر وهذه الزيارة تدخل في إطار الخطوط المفتوحة بين الجانبين الأميركي والإيراني".
ويؤكد منيّر أن "هذه الزيارة تؤشر أيضا أن لا حرب إقليمية كبرى، وبتأمين الاتزان، لبنان لن يدخل في حرب أبعد من التوتر الحاصل في الجنوب".
وكان وزير الخارجية الإيراني قد وجّه رسالة إلى المفوض الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك، مساء الأربعاء، أكد فيها أن عدم معاقبة إسرائيل على ممارساتها جعلها "تتمادى في ارتكاب جرائمها بوقاحة".
وأضاف عبد اللهيان: "لقد بلغت هجمات الكيان الصهيوني حدتها مما يدل على أن الهدف هو الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة".
ويستمر التصعيد بين حركة "حماس" الفلسطينية والقوات الإسرائيلية بعد إطلاق "حماس"، فجر السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، عملية "طوفان الأقصى"، حيث أطلقت آلاف الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل واقتحمت قواتها مستوطنات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة، وأسرت عددًا كبيرًا من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين.
وردت إسرائيل بإطلاق عملية "السيوف الحديدية" متوعدة "حماس" بدفع ثمن باهظ لهجومها، وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت إسرائيل رسميا بدء حرب على قطاع غزة، كما أعلن الجيش الإسرائيلي، في 10 أكتوبر/تشرين الأول، إعادة السيطرة على منطقة غلاف غزة بالكامل.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 6500 قتلوا في الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.