شؤون العرب والخليج
النساء رهان السيسي الرابح في انتخابات الرئاسة المصرية
عكس اختيار المرأة لتكون في مقدمة اللقاءات التي تعقدها الحملة الانتخابية للرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي مع الشرائح الاجتماعية والسياسية المختلفة تمسكه باستمرار العنصر النسائي ظهيرا سياسيا مهما لنظامه.
وبدأت الحملة الانتخابية للسيسي أولى جولاتها الخارجية بزيارة المجلس القومي للمرأة، حيث التقى رئيس الحملة محمود فوزي برئيسة المجلس القومي للمرأة مايا مرسي وأعضاء المجلس ومقررات الفروع على مستوى الجمهورية، ما يؤكد قيمة النساء عند دوائر النظام في الانتخابات المقرر لها مطلع ديسمبر المقبل.
وأكد رئيس الحملة الانتخابية وجود دور محوري للمرأة في التوعية وممارسة حقوقها السياسية بعد أن تم تمكين المرأة في مجالات عديدة، وأن دورها فعّال وضربت الأمثلة في المشاركة في كل استحقاق وانتخاب لتكون قدوة لباقي الفئات.
ويحاول منافسو السيسي في الانتخابات الرئاسية استمالة شريحة من النساء عبر تنظيم فعاليات جماهيرية مقتصرة على السيدات لإدراكهم أن المرأة عنصر مهم في أي استحقاق جماهيري، خاصة المشاركة في الانتخابات وترجيح كفة مرشح على آخر.
ويتعامل النظام المصري مع المرأة باعتبارها رقما أساسيا في المعادلة السياسية إلى درجة أن هناك قوى معارضة تصنف النساء بأنهن الحزب الصامت للنظام الحاكم والظهير السياسي الثابت له، وبإمكانهن إحداث الفارق لصالحه مع كل أزمة تتعرض لها البلاد، خاصة في وقت الانتخابات وعند مواجهة تحديات أمنية وسياسية معينة.
ويمكن بسهولة قراءة حالة التناغم بين السيسي والمرأة المصرية، فهو لا يفرق في أحاديثه بين حقوق المتعلمة والأمية والزوجة والمعيلة، واعتاد رفض القيود المفروضة على النساء، وطالب دوما بتشريعات اجتماعية واقتصادية وسياسية منصفة لهن.
وينظر السيسي للمرأة كركيزة لاستقرار نظامه، ونجح إلى حد كبير في استقطاب شريحة كبيرة وسطهن لدعم تصوراته وسياساته والوقوف خلف الدولة ضد محاولات النيل منها عبر أطراف داخلية أو قوى خارجية مارست ضغوطا صعبة على السلطة.
وحاولت بعض قوى المعارضة تأليب النساء على النظام واستقطابهن من خلال التركيز على الغلاء وتصاعد حدة الأزمات الاقتصادية لإثارة الطبقة الفقيرة بتوجيه خطاب يدغدغ مشاعر السيدات، لكن أغلبية نسائية فضلت البقاء في صف النظام.
ومع أن الانتخابات الرئاسية المقبلة شبه محسومة لصالح الرئيس السيسي، لكن تظل نسبة المشاركة الجماهيرية رهانا أساسيا يكرس مشروعيتها، لتكون رسالة أمام العالم بأن هناك التفافا شعبيا حوله في مواجهة التحديات المتصاعدة التي تواجه البلاد.
ويهتم النظام المصري بالاصطفاف الشعبي دعما للسلطة بمختلف مؤسساتها، في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإمكانية أن تتحول إلى صراع إقليمي قد تنخرط فيه مصر، ولذلك يرغب أنصار السيسي في توفير المزيد من الحشد.
ووجه السيسي خطابا استثنائيا للمرأة قبيل انتخابات الرئاسة السابقة في مارس 2018، وطالبها بأن تملأ الشوارع والميادين هي وأولادها كي يعرف كل من يريد تخريب مصر أن هذا البلد له سند وحارس، وهم المصريون وليس السلطة ومؤسساتها فقط.
وتمثل الانتخابات الرئاسية المقبلة نقطة تحول مهمة في مستقبل مصر الأمني والسياسي على وقع تحديات إقليمية وأزمات داخلية متصاعدة، ويرغب الرئيس السيسي في أن يرى العالم شعبيته مع نجاحه الساحق، وتوصيل رسالة حاسمة بأنه محمي بمواطنيه.
وتعتقد دوائر سياسية أنه أمام العلاقة المتذبذبة بين النظام والشباب، يمثل التركيز على العنصر النسائي رهانا رابحا في انتخابات الرئاسة على مستوى الحشد على الأقل، لأن النظام لا يعنيه الفوز باكتساح، بل أن تكون نسبة المشاركة مرتفعة.
ونجح الرئيس المصري في تكوين قاعدة شعبية له عند السيدات بعد أن حصلن خلال الفترة الماضية على مكتسبات عدة، واعتاد على تبني خطاب مؤيد لهن، ولم يترك مناسبة دون إظهار تقديره للعنصر النسائي، وأنهن سواعد أساسية لاستقرار حكمه.
وتتعامل شريحة كبيرة من المصريات مع الرئيس السيسي على أنه رجل الضرورة، وأصبحت العلاقة بين الطرفين قوية ومرتبطة بالمصير المشترك، لأن السيسي تولى الحكم بعد فترة عصيبة شهدت النساء فيها استهدافا ممنهجا من جانب الإخوان.
وبات الحزب النسائي أكثر تأييدا للرئيس المصري عقب قرارات مختلفة اتخذها لتحسين وضعية المرأة في المجتمع، وصلت إلى التوسع في اعتلاء منصة القضاء، وقضى تقريبا على ظاهرة الغارمات في السجون (المحبوسات بسبب الديون)، وأطلق مشروعات للمرأة المعيلة لتحصل على دعم نقدي شهريا، وخصص إعانات للمطلقات، ثم جاء مشروع “تكافل وكرامة” منقذا لشريحة من النساء ينتمين إلى أسر فقيرة.
وظهرت محاولات لضرب علاقة النظام المصري بالكتلة الجماهيرية الصلبة التي تلتف خلفه من النساء والأقباط ومحدودي الدخل الذين يصر على توفير مظلة حماية اجتماعية لهم، لكنها باءت بالفشل، لأن هذه الشرائح غلّبت استمرار الاستقرار.
وترتبط الطمأنينة الظاهرة في خطاب السيسي وقت التحديات بتماسك الكتلة الشعبية التي يعول عليها لتكون ظهيرا له، وتمثل فئة الأحزاب غير السياسية المؤلفة من فئات نسوية وقبطية وفقيرة يصعب اختراقها لإحداث غليان أمني وسياسي.
وقالت مستشارة رئيس الجمهورية سابقا سكينة فؤاد إن تعويل الرئيس المصري على العنصر النسائي على علاقة بقناعة راسخة عند الدولة بأن المرأة تعادي العنف وترفض الصراعات وتؤيد الجوانب الوطنية، ولأن النظام نجح في بناء دولة مستقرة، فالالتفاف حوله واجب لتكريس هذه الوضعية طوال الوقت.
وأضافت لـ”العرب” أن هناك شعورا متصاعدا عند المرأة بأن المكتسبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تحققت لها تعود إلى وجود السيسي على رأس السلطة، على عكس واقع مرير عاشته سابقا، وهذا جزء من رد الجميل لنظام يحترم ويقدر العنصر النسائي، وأصبح في حاجة ملحة إلى المساندة في مواجهة التحديات.
وباءت محاولات استهداف النظام المصري بالتحريض على إثارة الفوضى بالفشل وأجهضت عمليات ضرب الأمن في مقتل، ومن المتوقع أن يكون الالتفاف خلف السلطة في انتخابات الرئاسة أكثر وضوحا من الكتلة الصلبة التي تشكلها النساء.