شؤون العرب والخليج
معرض دبي يذكي سباق الهيمنة على سوق الطيران
اتجهت أنظار المهتمين بصناعة الطيران إلى إمارة دبي التي تستضيف أحد أكبر معارض الطيران في العالم، وسط توقعات بعقد صفقات بمليارات الدولارات طيلة أيام الحدث.
ويجسد معرض دبي للطيران 2023، الذي انطلق الاثنين، بمشاركة عمالقة هذه الصناعة وشركات الطيران حول العالم، فرصة لقياس مدى نجاح القطاع في تجاوز العديد من الصعوبات والتحديات.
وينظم الحدث في خضم الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والتي تزيد الطلب على الأسلحة بينما تغلق المجال الجوي وتجعل الرحلات الجوية أطول وأكثر كلفة بالنسبة إلى بعض شركات الطيران.
وكان الحدث قد أنتج في النسخ الماضية موجة من الصفقات التجارية لشركتي صناعة الطائرات أيرباص وبوينغ، في الوقت الذي تواجه فيه شركات الطيران الخليجية دائرة آخذة في الاتساع من المنافسة.
وتستعد شركات الطيران في الشرق الأوسط على ما يبدو لطلب طائرات للرحلات الطويلة بمليارات من الدولارات، مع تجديد طيران الإمارات ثقتها في الطائرة بوينغ 777 إكس بينما تواجه منافسة جديدة من منافسين مثل الخطوط الجوية التركية.
ووضعت طيران الإمارات بصمتها مبكرا على ثاني أكبر حدث في مجال الطيران في العالم رغم المخاوف إزاء تباطؤ قطاع السفر ذي الأهمية الاقتصادية بسبب التوتر في الشرق الأوسط.
وتقدمت الشركة بطلبية لشراء 90 طائرة إضافية بوينغ 777 إكس، وأضافت أيضا خمس طائرات أخرى من طراز 787 إلى طلبية قائمة، وبلغت كلفة الحزمة الإجمالية للطائرات الجديدة عريضة البدن 50 مليار دولار.
وأشار خبراء إلى أن الطلبية وفقا لقائمة أسعار بحسب النموذج المختار، ستشكل علامة فارقة في المنافسة الآتية من السعودية والخطط الطموحة لشركات طيران في تركيا والهند.
وتأتي الطلبية رغم استمرار عدم اليقين إزاء موعد تسليم الطائرة ذات المحركين الأكبر في العالم، والذي من المتوقع الآن أن يكون في عام 2025، أي بعد تأخير لمدة خمس سنوات.
وكان عادل الرضا الرئيس التنفيذي للعمليات في طيران الإمارات قد قال الأسبوع الماضي إن الطلب من الأسواق في أجزاء من آسيا “تأثر قليلا” بالحرب التي دخلت الآن أسبوعها الخامس.
وأضاف في مقابلة مع مجلة أفييشن ويك “رغم أننا لا نرغب في حدوث أي صراع، لكننا اعتدنا على القدرة على تكييف عملياتنا والتخفيف من كل المخاطر”.
وطيران الإمارات هي أكبر مستخدم في العالم للطائرات عريضة البدن، ومنها أيرباص أي 380 والجيل الحالي من الطائرات وأعلنت أنها تدرس طلبيات أخرى من طائرات أيرباص أي 350 وبوينغ 787 الأصغر حجما.
وذكرت مصادر أن طلبية أخرى من الشركة المملوكة لحكومة دبي لشراء طائرات أيرباص أي 350 معلقة على ما يبدو مع تركيز مفاوضات اللحظة الأخيرة على شروط صفقة تخص المحرك مع رولز رويس.
وقدمت فلاي دبي طلبا لشراء المزيد من طائرات بوينغ 737 ماكس للرحلات المتوسطة التي تستخدمها، بينما تقترب شركة طيران الرياض السعودية الجديدة، التي تبني أسطولا من “الصفر”، من تقديم طلب لشراء 100 طائرة 737 ماكس.
ووقعت فلاي دبي الإماراتية للرحلات منخفضة التكلفة صفقة شراء 30 طائرة بوينغ من طراز 787-9 دريملاينر، التي ستصبح أولى طائراتها عريضة البدن.
وفي مراسم التوقيع خلال المعرض، أكدت الشركة أنها تنوي استخدام هذه الطائرات لتسيير رحلات إلى وجهات جديدة وزيادة قدرتها في رحلاتها الحالية.
أما مدير العمليات في شركة الطيران السعودية بيتر بيلو فقال لرويترز على هامش المعرض “سنطلب في مرحلة ما طائرات ضيقة البدن لكننا مازلنا نتفاوض”.
وأضاف “نحاول تحسين أفضل صفقة لشركة الطيران، ونعمل على هذا الأمر بشكل وثيق مع الشركات المصنعة”.
وقبل أيام من انعقاد المعرض كشفت مصادر مطلعة أن صندوق الثروة السعودي يدرس تقديم طلبات مؤكدة لشراء 50 طائرة، إلى جانب عدد مماثل من الخيارات.
وفي تأكيد آخر على قوة التنافس، قال صالح عيد مساعد مدير عام الخطوط السعودية لإدارة أسطول الطائرات لمحطة الشرق إن المجموعة “تعتزم طلب شراء حوالي 150 طائرة ضيقة البدن للخطوط السعودية وذراعها للرحلات منخفضة التكلفة طيران أديل”.
وذكر أن المفاوضات في مرحلتها النهائية وأن المجموعة تتطلع إلى استلام الطائرات خلال عامين ونصف العام إلى ثلاثة أعوام. وقال “سنوقع قبل نهاية العام أكبر صفقة طائرات في تاريخنا”.
ويتزايد الطلب على أكبر الطائرات في القطاع، والتي تهيمن على النشاط بالمنطقة بعد مرحلة انكماش دوري طويلة أعقبها التأثير السلبي الكبير لكوفيد – 19 على السفر لمسافات طويلة.
وتشير التقديرات إلى أن شركات الطيران تتفاوض خلف الكواليس لشراء عدد يتراوح بين 700 و800 طائرة جديدة، منها عدد يتراوح بين 200 و300 من أكبر الطائرات في العالم بينما تسعى لاستئناف خططها لتجديد أساطيلها التي تأجلت خلال فترة الجائحة.
ومن المقرر أن يحدد وضع المفاوضات وحجم المنافسة عدد الصفقات التي سيجري إتمامها خلال المعرض الذي يستمر حتى يوم الجمعة المقبل.
وقال ريتشارد أبوالعافية من شركة آيروديناميك آدفايزورس لرويترز إن الحدث “سيكون عرضا مثيرا للاهتمام حقا من وجهة نظر جيوسياسية”.
واستبعد أن تؤدي الحرب في غزة إلى انهيار الطلبيات المخطط لها منذ فترة طويلة، لكن الشركات الساعية إلى زيادة السفر الجوي بشكل كبير مثل السعودية قد تواجه تحديا حول ما إذا كان الصراع قد يخفف من خطط النمو المستقبلية.
ومع مفتتح المعرض، أعلنت شركة بوينغ تلقيها طلبية لشراء 45 طائرة من طراز 737 ماكس من شركة صن إكسبرس التركية – الألمانية للرحلات منخفضة التكلفة.
ويتضمن طلب شراء الطائرات 28 طائرة من 737-8 أس و17 من طراز 737-10 أس، مع خيارات شراء لاحقة قد ترفع الصفقة إلى 90 طائرة، ما قد يؤدي إلى مضاعفة أسطول الشركة التركية الألمانية المؤلف من 66 طائرة.
وقال ماكس كوناتزكي الرئيس التنفيذي للشركة وهي مشروع مشترك بين الخطوط الجوية التركية ولوفتهانزا، خلال مراسم التوقيع “إنها أكبر طلبية في تاريخ صن إكسبرس”.
وأضاف “سعداء للغاية بامتلاك طائرات ماكس لأسباب تتعلق بكفاءة استهلاك الوقود، وأخرى تتعلق بالاستدامة”.
وظهرت الخطوط التركية على جدول المشاركين في المعرض. وذكرت وكالة الأناضول أن الشركة تجري محادثات لشراء ما يصل إلى 355 طائرة أيرباص.
ورجحت مصادر أن تكشف الشركة التركية بعد إجراء المزيد من المحادثات عن جزء من الصفقة خاصة وأنها تجري محادثات بشأن ما يصل إلى 600 طائرة إجمالا وأنه من المرجح أن تنقسم بين أيرباص وبوينغ.
ووصف مصدر في منطقة الشرق الأوسط احتمال تقديم طلبيات تركية بأنه “خطوة جريئة” تزيد من حدة المنافسة في المعرض.
وفي خضم ذلك كشفت مصادر في الصناعة أن برنامج الطلبيات يواجه ضغوطا مستمرة على جداول التطوير الخاصة به، والتي هي في أيدي المنظمين.
وقال سامر المجالي الرئيس التنفيذي للخطوط الملكية الأردنية إن “هناك انخفاضا كبيرا في حجوزاتها، في حين أن شركة الطيران تطير الآن على مسارات أطول لتجنب المجال الجوي الإسرائيلي، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل”.
وأضاف “هذا هو مصيرنا”، معربا عن أسفه لتاريخ المنطقة الحافل بالصراع وعدم الاستقرار، لكنه أوضح أنه من المقرر الآن أن تصل الطائرة في أكتوبر 2025.
وبينما يحذر المسؤولون في الشرق الأوسط من خطر انتشار النزاع على المستوى الإقليمي، يقوم المسافرون بإلغاء أو تأجيل العطلات المقررة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشارت بيانات شركة تحليلات السفر فوروارد.كيز يوم الجمعة إلى أن حجوزات الطيران انخفضت في جميع أنحاء العالم منذ السابع من أكتوبر الماضي، وأن الحجوزات إلى مقاصد الشرق الأوسط تراجعت 26 في المئة.
وقال دانييل سيلك مدير شركة بوليتيكال فيوتشرز للاستشارات التي مقرها كيب تاون إن “هناك أدلة إحصائية كافية، على الأقل على المدى القصير، توضح أن هناك انخفاضا كبيرا في مبيعات التذاكر للمقاصد في المنطقة”.