شؤون العرب والخليج
باتيلي يبحث عن حلول لجمع الفرقاء في ليبيا بعقد مؤتمر وطني عام
يتجه المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي نحو الدعوة إلى ما يشبه المؤتمر الوطني العام بعد فشل مبادرته بجمع الشخصيات الأساسية في المشهد السياسي حول طاولة خماسية تضم كلا من المجلس الرئاسي ومجلس النواب وقيادة الجيش ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.
وأكدت أوساط ليبية مطلعة لـ”العرب” أن “باتيلي سيتجاوز البند الأول من مبادرته ويمضي لمحاولة تنفيذ البند الثاني، والذي يتمثل في إجراء مشاورات مركزة مع طيف أوسع من الأطراف الليبية الأخرى كي يتسنى للفاعلين المؤسسيين أخذ مقترحاتهم حول كيفية تسوية المسائل الخلافية العالقة والتمهيد لإجراء الانتخابات بعين الاعتبار أثناء مفاوضاتهم”، مردفة “من بين أصحاب الشأن هؤلاء الأحزاب السياسية، والأطراف العسكرية والأمنية الفاعلة، والشيوخ والأعيان، والمكونات الثقافية واللغوية، والأكاديميون وممثلو الشباب والنساء والمجتمع المدني”.
وأشارت الأوساط إلى أن باتيلي سيقوم بجولة في المدن الكبرى كبنغازي وسبها ومصراتة وبني وليد والزنتان والزاوية لعقد اجتماعات مع القيادات الاجتماعية وزعماء القبائل وعمداء البلديات والناشطين الحقوقيين والسياسيين وممثلي الجماعات المحلية وغيرهم والبحث معهم في أفضل السبل الضامنة لإطلاق حوار وطني واسع وشامل.
وكان باتيلي اعترف بصعوبة مهمته، وقال إن “المشكلة أن معظم القادة لا يريدون الانتخابات وعودة الاستقرار، ما يهمهم هو المكاسب غير المتوقعة من النفط، والاستمرار في ضمان الوصول إلى جزء من هذا المورد”.
وأعلن مجلس النواب والقيادة العامة للجيش رفضهما لمبادرة الطاولة الخماسية، وبررا موقفهما بتجاهل البعثة الأممية لحكومة أسامة حماد التي تتخذ من بنغازي مقرا لها، وعدم دعوتها إلى الحوار الخماسي.
وفي سياق جولة جديدة من اللقاءات عقد باتيلي اجتماعا مع عدد من قيادات وعناصر “حراك 17 فبراير للإصلاح” بحضور رجال أعمال وناشطين سياسيين وحقوقيين من بينهم محمد الطاهر عيسي وإدريس غريبة وأسامة فكرون ومحمد الشتيوي ونعيم الغرياني وعيسى التويجري.
وقال رئيس الحراك خليفة الزواوي إنهم استمعوا إلى المبعوث الأممي الذي استعرض الصعوبات والتعقيدات التي تواجه المشهد السياسي في ليبيا، وحث الحضور على إيجاد مخرج للانسداد السياسي في البلاد، وقدم إحاطة حول آخر المستجدات في المشهد.
وتابع الزواوي “يتمنى باتيلي أن يتوصل الليبيون إلى تفاهمات تنهي الانسداد السياسي، وتخرج بحكومة محدودة المهام تشرف على الانتخابات، وتطرق إلى العوائق القانونية، وبعض الأطراف التي لا مصلحة لها في إجراء الانتخابات، وضرورة أن تكون القوانين الانتخابية توافقية لضمان سير العملية الانتخابية”.
وأوضح الزواوي أن “الحوار المجتمعي والوطني المزمع عقده يجب أن يبنى على أسس واضحة ومعايير موثوقة للوصول إلى الانتخابات والاستقرار”، وأردف أن الحراك طلب من باتيلي ضمان التوازن بين المشاركين في الحوار الذي يجب أن يمثل الأحزاب والحركات السياسية، والقيادات المجتمعية، ومنظمات المجتمع المدني، مع تمثيل عادل للمكونات الثقافية، والشباب والمرأة.
وفي فبراير الماضي أعلن باتيلي أنه بصدد الإعداد لإطلاق مبادرة تهدف إلى السماح بتنظيم وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في العام 2023.
وأكد أنه لإنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى لليبيا، ستكون مسؤولة عن “تسهيل اعتماد إطار قانوني وخريطة طريق مرتبطة بجدول زمني لإجراء الانتخابات في عام 2023″ و”تحقيق توافق حول قضايا ذات صلة مثل أمن الانتخابات واعتماد مدونة لقواعد السلوك للمرشحين”.
وأضاف أن من شأن هذه الآلية جمع “كل الجهات الليبية الفاعلة بما فيها ممثلو مؤسسات سياسية وشخصيات سياسية مهمة وزعماء قبائل ومنظمات من المجتمع المدني وجهات أمنية ونساء وشباب”، وفق المبعوث الأممي.
وقوبل مقترح باتيلي بالرفض أو التجاهل من قبل أغلب الفرقاء الليبيين الذين تمكنوا خلال السنوات الماضية من الإطاحة بجميع الجهود الأممية وكل محاولات العمل على تجاوز الأزمة المتفاقمة في البلاد منذ العام 2011.
وكان مقررا أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر2021، لكن جرى الدفع بها إلى أجل غير مسمى بسبب معلن وهو الخلافات حول الأساس الدستوري للانتخابات ووجود مرشحين مثيرين للجدل، وسبب خفي وهو رفض الممسكين بمقاليد السلطة الحالية ورعاتهم الإقليميين والأجانب التخلي عن امتيازات السلطة والنفوذ.
ويجمع أغلب المحللين على أن الفرقاء الأساسيين في ليبيا غير راغبين في التوصل إلى الحل السياسي، لاسيما بعد أن تحولت المناصب السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية والرقابية وغيرها غنائم يرفضون التنازل عنها مهما كان الثمن.