تقارير وتحليلات
احتجاجات واسعة النطاق في إيران بسبب الأزمات الاقتصادية
شهدت إيران في الأحد 24 نوفمبر موجة من الاحتجاجات في عدة مدن، حيث خرج العمال والمتقاعدون في مظاهرات للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، صرف الرواتب المتأخرة، والاستجابة لمطالبهم. تعكس هذه الاحتجاجات حالة الغضب المتزايد في مختلف شرائح المجتمع الإيراني وسط أزمة اقتصادية خانقة وسوء إدارة حكومية.
في مدينة کجساران جنوب غربي إيران، نظم العمال المتعاقدون في شركة النفط والغاز احتجاجات للمطالبة برفع الأجور وتحسين ظروف العمل. تسلط هذه الاحتجاجات الضوء على معاناة العمال الذين يشكلون عصب الاقتصاد النفطي في البلاد، لكنهم يشعرون بالتجاهل من قِبل المسؤولين. ورغم تكرار المطالب، تواصل السلطات تجاهل شكاوى هؤلاء العمال الذين يرزحون تحت وطأة الأزمات الاقتصادية.
في 24 نوفمبر، نظم متقاعدو مؤسسة الضمان الاجتماعي احتجاجات في عدة مدن، منها كرمانشاه وأصفهان والأهواز وشوش، للمطالبة بزيادة المعاشات وتحسين الخدمات الأساسية. في كرمانشاه غربي إيران، رفع المحتجون شعار: “ضرائب بلا حدود، خدمات كارثية”، في إشارة إلى الاستياء من ارتفاع تكاليف المعيشة وتردي الخدمات الحكومية.
وفي أصفهان وسط البلاد، تجمع متقاعدو صناعة الصلب، منتقدين الحكومة لعجزها عن تلبية مطالبهم. وهتف المحتجون: “استغلوا الاسلام و أذلوا الشعب “، في انتقاد مباشر لسياسات النظام. ورددوا أيضًا شعارًا آخر يعكس تصميمهم: “لن نستعيد حقوقنا إلا في الشوارع”.
وأما في الأهواز جنوب غربي إيران، فقد أدان المتقاعدون البرلمان والحكومة معًا بسبب سياساتهما القمعية. وهتفوا: “كل من البرلمان والحكومة يظلمون الشعب”. وفي مدينة شوش، انضم متقاعدو مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى موجة الاحتجاجات، مؤكدين مطالبهم بتحسين المعاشات ورفع مستوى المعيشة.
وفي الأهواز، نظم موظفو مستشفى “أبادانا” تجمعًا احتجاجيًا ضد تأخر صرف رواتبهم وللإضاءة على معاناة المرضى بسبب طول فترات الانتظار وسوء الخدمات. تسلط هذه الاحتجاجات الضوء على الأزمة التي يعانيها قطاع الرعاية الصحية في إيران نتيجة نقص التمويل.
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل اتهامات للنظام الإيراني بتجاهل احتياجات الشعب لصالح إنفاقه المفرط على تدخلات إقليمية ومشاريع نووية. وتُشير التقديرات إلى أن النظام أنفق نحو 4 تريليونات دولار على مثل هذه الأنشطة خلال السنوات الأخيرة. أثار هذا الإنفاق الهائل استياء الشارع الإيراني، الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة تشمل التضخم والبطالة وسوء الخدمات الاجتماعية.
في مواجهة هذه الاحتجاجات المتصاعدة، لجأ النظام بقيادة بزشكيان إلى القمع الوحشي. وخلال أول 100 يوم من ولايته، أُعدم ما لا يقل عن 500 شخص، بزيادة بلغت 85% مقارنة بفترة سلفه إبراهيم رئيسي. ويُنظر إلى هذا القمع على نطاق واسع على أنه محاولة لإسكات الأصوات المعارضة بدلًا من معالجة جذور المشكلات.
تُظهر هذه الاحتجاجات تصميمًا متزايدًا لدى مختلف شرائح المجتمع الإيراني على مقاومة الظلم والمطالبة بالعدالة الاقتصادية. وتكرار الشعارات مثل “لن نستعيد حقوقنا إلا في الشوارع” يعكس اعتقادًا متناميًا بأن التغيير الحقيقي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحراك الشعبي.
مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية على النظام الإيراني، يبقى السؤال حول قدرته على احتواء هذه الأزمات. لكن الشعب الإيراني يبعث برسالة واضحة: لن يقف مكتوف الأيدي أمام القمع وسوء الإدارة الاقتصادية.