الصواريخ تعيد المواجهة مع السلاح المنفلت إلى المربع الأول

وكالات

في أول تحدٍ واضح للإدارة الأميركية الديمقراطية الجديدة، أمطرت جماعة مسلحة، مجهولة كالعادة، الليلة قبل الماضية، أربيل ومطارها، حيث توجد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. الحادث حظي بإدانات واسعة عربياً ودولياً، فضلاً عما عبر عنه القادة العراقيون، بدءاً من رئيس الجمهورية برهم صالح إلى رئيسي الوزراء مصطفى الكاظمي والبرلمان محمد الحلبوسي وباقي قادة الأحزاب والكتل السياسية.
رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي بدا منتشياً طوال اليومين الماضيين، بعد أن أعلن الكشف عن أخطر عصابات الموت في محافظة البصرة، بالإضافة إلى مواصلته إخضاع المتهمين بالفساد للتحقيق فوجئ مثل سواه من القيادات العراقية بالصواريخ التي ولت وجهها هذه المرة شطر أربيل شمالاً، بعد أن تخصصت طوال السنتين الماضيتين بقصف المنطقة الخضراء ومقترباتها، حيث موقع السفارة الأميركية في بغداد. الكاظمي أمر بتشكيل لجنة لمعرفة ملابسات الحادث، فيما بدأت التكهنات بشأن الجهة التي تورطت هذه المرة باستهداف أربيل وما ترتب على هذا الهجوم من خسائر طبقاً لما أعلنه التحالف الدولي.
وقال مسعود حيدر، المستشار الخاص للزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «استهداف مطار أربيل هو استهداف لاستقرار كردستان ومحاولة تقويض الأمن فيها، وهو عمل إرهابي جبان، ومحاولة بائسة لوضع العقبات أمام نجاح وازدهار الإقليم». وأضاف حيدر أنه «بالإضافة إلى ذلك فإنه يهدف إلى محاولة تعكير العلاقة بين بغداد وأربيل ورسالة سياسية للتحالف الدولي، لأن مطلقي الصواريخ هم وكلاء لسياسات إقليمية».
وبشأن ما إذا كان هناك تنسيق بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد، يقول حيدر إن «هنالك تنسيقاً جيداً بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية للتحقيق بشأن هذا الاعتداء الإرهابي الذي يماثل أعمال (داعش) الإرهابية»، مبيناً أن «هؤلاء الخارجين على القانون يشكلون خطراً إرهابياً على أمن البلد برمته والأمن الدولي». وأوضح أن «إدانة المجتمع الدولي والتحالف الدولي لهذا العمل الإرهابي تأكيد على خطورة هذه الأعمال الإرهابية على الأمن والسلم في العراق والمنطقة والعالم، لذلك يستوجب اتخاذ موقف دولي حازم بالتنسيق مع حكومة الإقليم والحكومة الفيدرالية العراقية لإنهاء هذا الخطر والأعمال الإرهابية من قبل الميليشيات والمجاميع المسلحة الخارجة عن القانون».
من جهته، أكد الدكتور حسين علاوي أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين ورئيس مركز «أكد» للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية لـ«الشرق الأوسط»، أن «استهداف مطار أربيل من قبل الجماعات الخاصة يرسل رسائل بمسارين؛ الأولى أن هذه الجماعات ما زالت تدور في الفلك الإيراني لإدارة دفة الصراع الأميركي - الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى تحاول أن تخلط الأوراق وتجعل هنالك ضبابية أمام الحكومة العراقية بعد النجاحات الاستخبارية العديدة التي تحققت خلال الأسابيع الماضية في مواجهة الجماعات الخارجة على القانون في البصرة، أو قتل المزيد من القيادات العليا في كيان (داعش) الإرهابي». وأكد علاوي أن «هذه الجماعات تريد على ما يبدو أن تستثمر في صناعة أجواء الصراع، كونها تعطيها شرعية لوجود أعمالها وأفعالها المسلحة من جهة، ومن جهة أخرى تصنع لها فعاليات شعبية في نشر خطاب الصراع، وهي جزء من إرث تيارات اللادولة التي تصاعدت خلال السنوات الماضية». وبشأن الحلول المتاحة حيال مثل هذه الأعمال، يقول علاوي إن «الحل يجب أن يكون حواراً سياسياً عراقياً - عراقياً لإنهاء هذا التحدي، وإبعاد العراق عن الصراع الأميركي - الإيراني الذي يراد أن يكون العراق ساحة متقدمة له».