النظام البرلماني..

امتداد جماعة الإخوان.. نجدة لـ«النهضة» وفاتحة نزاعات سياسية في تونس

الاستماتة على البرلمان

موسكو

في الوقت الذي خرج فيه التونسيون يتظاهرون ضد المؤسسات التنفيذية بالبلاد، مطالبين بسقوطها بداية من الحكومة وحتى البرلمان الذي تتولي رئاسته حركة النهضة (امتداد جماعة الإخوان بتونس)، خرج زعيم الحركة، رئيس مجلس نواب الشعب، ليصيد في الماء العكر، بالبحث عن مزيد من التمكين لحركته في الانتخابات المقبلة، إذ طالب راشد الغنوشي في رد على رئيس الدولة قيس سعيد، بتحويل الدولة كليًا إلى النظام البرلماني مع تهميش دور الرئيس تمامًا.

جاء ذلك بعد رفض «سعيد» تمرير تعديلات وزارية أجراها رئيس الحكومة، هشام المشيشي، بسبب شبهات فساد تواجه أربعة من الوزراء المقترحين بها.

واعتبرت «النهضة» موقف «سعيد» غير دستوري، قائلة على لسان رئيسها إن رئيس الدولة في تونس منصب شرفي ليس من صلاحياته الموافقة على التعديلات الوزارية.

وتعيش تونس منذ مطلع العام الجاري، أجواء متوترة بين ثلاثة أطراف هي مؤسسة الرئاسة والبرلمان والحكومة، فضلًا عن الشارع الذي تظاهر ضد النظام الحالي محملًا إياه مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية.

نظام الحكم

يحد النظام البرلماني الذي أقره دستور 2014 من هيمنة رئيس الجمهورية على الدولة؛ وتتوزع السلطة السياسية، وفق النظام الجديد، على ثلاث مؤسسات، هي: مجلس نواب الشعب وهو البرلمان المنتخب مباشرة من قبل الشعب، ورئيس الجمهورية المنتخب أيضًا مباشرة، إضافة إلى حكومة يمنحها البرلمان الثقة.

ويختص رئيس الجمهورية بتمثيل الدولة وضبط السياسات العامّة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي، ويقوم بالتعيينات في الوظائف العسكرية والدبلوماسية وتلك المتعلقة بالأمن القومي، وله الحق في حلّ البرلمان خلال بعض الأزمات. 

أمّا رئيس الحكومة فيعيّن الوزراء ويعفيهم من مهامهم ويختص بضبط السياسة العامة للدولة وإصدار الأوامر، إلى جانب إحداث وتعديل وإلغاء  الوزارات وكتابات الدولة والقيام بالتعيينات في الوظائف المدنية العليا.

نزاعات حزبية

فتح النظام البرلماني في تونس الباب لمزيد من النزاعات بين الأحزاب السياسية، الأمر الذي ألقى بآثار سلبية على الوضع الاقتصادي، ولهذا خرج التونسيون معترضين على النزاعات التي انخرطت فيها الأحزاب متناسية تحقيق تحرك اقتصادي لصالح المواطن.

وفى محاولة الحل لهذا الوضع اقترح الرئيس «قيس سعيد»، انتقال البلاد إلى النظام الرئاسي الكامل بحيث تستقر السلطة في يد رئيس جمهورية منتخب، على أن يكون دور البرلماني رقابيًّا تشريعيًّا. 

وفي المقابل اقترح راشد الغنوشي، نظامًا برلمانيًّا كاملًا، الأمر الذي أعزاه مراقبون الى أن «النهضة» تبحث عن بسط يدها كاملة على السلطة، حيث تدرك أن وصولها إلى كرسي رئاسة الجمهورية صعب ولكن نجاحها في انتخابات برلمانية وارد وحدث بالفعل.

وأمام هذا التناقض في المقترحات، تعيش مؤسسات الحكم التونسية حالة تجمد، فيما قال ساسة إن تمرير مقترح الرئيس يحتاج إلى تعديل الدستور وحتى يُعدل الدستور لابد من موافقة ثلثي البرلمان وهو ما لن يحدث في ظل سيطرة النهضة على 
الاستماتة على البرلمان 

في الوقت الذي وصف فيها ساسة تونسيون موقف «النهضة» من النظام البرلماني بالاستماتة، يحل في الأفق، المباركة التي استقبلت بها جماعة الإخوان وأنصارها التعديلات الدستورية التركية التي سمحت بتحول تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، إذ اعتبرت ذلك في صالح الشعب التركي، فيما قال محللون إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدّل الدستور ليتلاءم مع منصبه الجديد وهو رئيس الجمهورية بعدما كان رئيس الوزراء.

«النهضة» كانت من ضمن هؤلاء المباركين، لكنها وبعد ثلاثة أعوام تقريبًا ترفض تكرار التجربة بتونس؛ خشية خروجها من دائرة صنع القرار.

وتعد هذه الفترة الأكثر حرجًا للنهضة؛ فبخلاف التحديات التي تواجه الحركة من الخارج وتهدد بقاءها في المشهد السياسي، تواجه تحديات داخلية نتيجة الخلافات بين أفرادها على مسألة بقاء الغنوشي من عدمه.

ويصر راشد الغنوشي على البقاء في موقفه بمخالفة لوائح الحركة التي تقضي ببقاء رئيس الحركة دورتين فقط، فيما يرغب تيار بالحركة إزاحة «الغنوشي» من المشهد والالتزام بما تنص عليه لوائح الحركة.