الحريري ينضم إلى ميقاتي وسلام والسنيورة في الحملة المناهضة للتعيينات المالية..

ثلاثي الحكم في لبنان يطوع السلطة النقدية لأجندته السياسية

اعتراضات واسعة على التعيينات المرتقب إقرارها هذا الأسبوع والتي تهم السلطة المالية في لبنان، خاصة وأن تلك التعيينات جرى بحثها في الغرف المغلقة بين القوى السياسية الممسكة بالسلطة دون الأخذ بالاعتبار التوازنات القائمة ومعيار الكفاءة.

بيروت

استبق رؤساء حكومات لبنان السابقين جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الخميس في قصر بعبدا برئاسة ميشال عون، بالتحذير من خطورة التعيينات التي تمس السلطة النقدية بلبنان، والمفترض أن يتم إقرارها خلال تلك الجلسة.

ودق الرؤساء سعد الحريري وتمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي الاثنين، ناقوس الخطر معلنين في بيان مشترك بعد التواصل في ما بينهم، أن التعيينات التي جرى التوافق عليها بين مكونات الظهير السياسي لحكومة حسان دياب “تُشتم منها الرغبة في السيطرة على المواقع الإدارية والمالية والنقدية للدولة اللبنانية بغرض الإطباق على الإدارة الحكومية من دون الالتزام بقواعد الكفاءة والجدارة، وكذلك متغافلة عن المطالب الإصلاحية لشابات وشباب الانتفاضة (17 أكتوبر)”.

وأوضح الرباعي أن “الأوضاع لم تعد تحتمل المزيد من التردد والتلهي. فلبنان لا يمكنه مواجهة الظروف والمخاطر الراهنة على مختلف الأصعدة والمستويات باستمرار ممارسات المحاصصة ومن دون أن يبادر مسؤولوه وحكومته للقيام بالخطوات الإنقاذية والإصلاحية الصحيحة التي تسهم في تصويب بوصلة لبنان وفي إعادة تموضعه على الطريق الصحيح بما يعيد الاعتبار والاحترام لاتفاق الطائف والدستور وكذلك الاحترام للدولة اللبنانية ولسلطتها وللشرعيتين العربية والدولية”.

 

وسبق أن أصدر الرؤساء تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة بيانات مشتركة انتقدوا من خلالها سير إدارة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان، بيد أن اللافت في البيان الأخير هو انضمام رئيس الوزراء السابق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري للتنديد بخطوات الائتلاف المهيمن على السلطة.

وينطوي الموقف الأخير للحريري على حالة من الغضب والاستياء من محاولات القائمين على السلطة ضرب التوازنات القائمة، حيث أبدى تيار المستقبل في وقت سابق تحفظات على تلك التعيينات مطالبا أساسا بإعادة تسمية محمد بعاصيري في منصب النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان.

وانتهت الولاية القانونية لنواب حاكم مصرف لبنان منذ أبريل الماضي، وفشلت الحكومة السابقة التي كان يقودها الحريري في التوصل إلى صيغة توافقية تقوم على التجديد للنواب: الأول (شيعي) والثاني (سني) والرابع (أرمني) وتعيين النائب الثالث (درزي).

وانضم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الاثنين، للحملة المناهضة لحزمة التعيينات المثيرة للجدل والتي يشتم من ورائها ليس فقط محاولة السيطرة على العمود الفقري للدولة اللبنانية الممثل في السلطة المالية بمختلف مؤسساتها، بل وأيضا تطويق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يعد المسؤول الوحيد حاليا في السلطة اللبنانية الذي يحظى بثقة ودعم المجتمع الدولي، ويجد القابضون على الحكم حاليا صعوبة في دفعه للتنحي.

وأعرب رئيس حزب القوات عن أسفه من أن “حكومة كل وجوهها جديدة وتقنية لن تتمكن من إجراء تعيينات على أساس النزاهة والكفاءة والآلية، والسبب: ابحث عن الثلاثي غير المرح أبداً في كل ما يجري”، في ما بدا إشارة إلى حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل.

وقال جعجع في تغريدة على موقعه على “تويتر”، “طالما هذا الثلاثي ‘متسلبط’ على السلطة في لبنان، طالما فالج لا يعالج”.

وتابع “بعد انتفاضة شعبية في لبنان انطلقت في 17 أكتوبر ولا تزال مستمرة حتى اللحظة في قلوب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وليس في الشوارع بسبب انتشار وباء كورونا، كان من أوّل مطالبها التخلص من الزبائنيّة في الإدارات الرسمية واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في التعيينات، فإذا بنا نتفاجأ كما جميع اللبنانيين بأن الحكومة الحالية وعلى رغم التوقعات المنتظرة منها تحضِّر لتعيينات على نفس الأسس تقريباً التي كانت تجري فيها في عهد الحكومات السابقة”.

 

وجرى اتفاق بين مكونات تحالف 8 آذار الحاكم على التعيينات التي تمس نيابة حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة المصرفية، بعد تجاذبات لأيام بين أقطابها وخاصة بين التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل وتيار المردة الذي يقوده سليمان فرنجية الذي سبق وتوعد الأسبوع الماضي بسحب وزيريه من الحكومة بسبب رغبة باسيل في السيطرة على المواقع التي تهم الطائفة المسيحية.

وذكرت أوساط سياسية لبنانية تدخل حزب الله لتطويق الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة المدعوم من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى التوصل إلى توافق بشأن الأسماء المرشحة لتلك المناصب الشاغرة، حيث تم تسليمها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء تمهيدا للنظر فيها وإقرارها الخميس.

وتثير التعيينات الجديدة التي تشمل تحديدا النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، ورئيس لجنة الرقابة وأعضائها الأربعة (انتهت ولايتهم القانونية في 18 مارس الجاري) مخاوف جدية من محاولة استغلال الائتلاف السياسي الحاكم الأوضاع الدقيقة التي يمر بها لبنان لجهة تفشي فايروس كورونا وتفاقم الأزمتين الاقتصادية والمالية لوضع اليد كليا على البلاد.

واعتبرت أوساط سياسية أن استئناف الحملة ضد المصارف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في آخر إطلالة له السبت واستتبعتها تصريحات نارية من قبل بري وباسيل ليست بريئة وهي محاولة لإخماد أي اعتراضات على التعيينات التي جرى التوافق بشأنها بين هذا الثالوث.

وذهب باسيل الاثنين، بعيدا في مهاجمة مصرف لبنان، حيث طرح تولي شركة دولية محايدة التدقيق في حركة حسابات المصرف. وقال رئيس التيار الوطني الحر في تغريدة على موقعه على “تويتر”، “إن قرار الحكومة بإجراء التدقيق المالي المركّز لحسابات مصرف لبنان لتبيان الوضع الحالي هو قرار جريء وأمر ضروري طرحه الرئيس”.

وأضاف وزير الخارجية السابق “يفترض استكماله بتدقيق ‘تشريحي’ تقوم به شركة عالميّة ليس لها علاقة بمصرف لبنان. هذا سيكون تدقيقا ‘جنائيا’ وسابقة بمكافحة الفساد لأنه سيكشف حركة الحسابات كلّها”.

ويقول متابعون إن الحكومة اللبنانية المفترض أن تكون محايدة سياسيا وبعيدة عن أي اصطفافات سقطت فعليا في أول اختيار جدي لها من خلال تلك التعيينات، وأثبتت أنها رهينة سيطرة حزب الله وحلفائه.