الدوريات البحرية ستبدأ بقيادة إيطاليا في غضون أسبوع أو أسبوعين..

بروكسل تطلق 'إيرني' في المتوسط لفرض حظر الأسلحة في ليبيا

عملية "إيريني" الأوروبية تشمل قدرات جوية وأقمار اصطناعية لرصد تدفق الأسلحة إلى ليبيا بالإضافة إلى مراقبة صادرات نفطها غير المشروعة والمساهمة في منع تهريب البشر والاتجار بهم.

واشنطن

أطلق الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء مهمة في البحر المتوسط لوقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا المنكوبة بالحرب، بعد أن أمعن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة الأخيرة في إرسال الأسلحة إلى حكومة الوفاق والميلشيات التابعة لها في طرابلس في خرق واضح لاتفاق مؤتمر برلين الذي نص على تنفيذ قرار الأمم المتحدة بحظر الأسلحة في ليبيا ومنع التدخل الخارجي فيها.

ويأتي تنفيذ الخطوة الأوروبية بعد طمأنة الدول الأعضاء في التكتل بأن العملية "إيريني" لن تشجع المهاجرين على العبور من شمال إفريقيا.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل على تويتر أن "قرار اليوم بشأن العملية "إيريني" هو خطوة نحو حل سياسي في ليبيا"، معربا عن دعمه لجهود الأمم المتحدة لحل الصراع الدموي في هذه الدولة.

وحرص مسؤولو الاتحاد الأوروبي على الموافقة على المهمة الجديدة قبل نهاية أذار/مارس، عندما ينتهي سريان العملية صوفيا السالفة لها. وتم إيقاف سفن العملية صوفيا قبل عام وسط انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء بشأن عمليات إنقاذ المهاجرين.

وسوف تتم العملية البحرية في شرق البحر المتوسط بعيدا عن طرق عبور المهاجرين. وسوف يتم إنزال أي شخص يتم إنقاذه، وفقا للقانون الدولي، في الموانئ اليونانية، ومن هناك سيتم إرساله إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وفقا لدبلوماسيي التكتل.

وإذا أدت العملية في نهاية المطاف إلى تشجيع عبور المهاجرين، يمكن اتخاذ القرار بتعليق دورياتها البحرية. وتم الاتفاق على هذه الإجراءات لتهدئة المخاوف التي عبرت عنها النمسا والمجر بشكل خاص.

وأكد بوريل أن "هذه السفن لا تجري دوريات في المياه للبحث عن أشخاص يحتاجون الإنقاذ".

وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي يساهم بشكل كبير في الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع في ليبيا ويظهر أنه حتى في خضم أزمة فيروس كوفيد19، نحن ملتزمون بتعزيز السلام".

 

والعملية "إيريني" (كلمة يونانية تعني "السلام") هي المساهمة الرئيسية للاتحاد الأوروبي في جهود السلام الدولية في ليبيا، استكمالا لمؤتمر برلين الذي عقد في ألمانيا في يناير الماضي برعاية أممية.

وتشمل العملية الأوروبية قدرات جوية وأقمار اصطناعية لرصد تدفق الأسلحة الذي ينتهك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.

وأعلن المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أنه سوف يتم عقد مؤتمر لتشكيل القوة في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، مضيفا أن الدوريات البحرية يمكن أن تبدأ في غضون أسبوع أو أسبوعين.

وستكون ألمانيا من بين الدول المشاركة في المهمة فيما ستتولى إيطاليا قيادتها، حيث من المنتظر أن يكون مقرها في روما، بقيادة الأدميرال فابيو أجوستيني. وتمتد فترة التفويض الأولية للمهمة لسنة واحدة.

يذكر أن السلطات الإيطالية كانت قد أعلنت في 20 فبراير/شباط الماضي القبض على قبطان سفينة تركية رست في ميناء جنوة في الثالث من نفس الشهر للاشتباه بنقلها أسلحة إلى ليبيا.

وقال رئيس الادعاء العام في جنوة إن السلطات ألقت القبض على قبطان سفينة ترفع علم لبنان تم احتجازها في ميناء جنوة للاشتباه في تهريبها أسلحة إلى ليبيا تشمل دبابات ومدافع هاوتزر ومدافع رشاشة وأنظمة دفاع جوي.
وقال مصدر قضائي إن السفينة خضعت للتفتيش بعد ذلك بعدما أبلغ ضابط بالسفينة السلطات الإيطالية بأنه تم تحميلها بأسلحة في ميناء مرسين التركي ونقلها إلى العاصمة الليبية طرابلس.
وكان من المقرر أصلا أن تبحر السفينة من تركيا إلى جنوة. لكن الضابط الذي أبلغ عن الشحنة وطلب اللجوء السياسي ذكر أن ضباطا بالجيش التركي يرافقون الشحنة طلبوا من الطاقم أن يعلن أن التوقف في طرابلس كان نتيجة مشكلة ميكانيكية.
وقال رئيس الادعاء في جنوة فرانكو كوتسي إن السفينة بانا واصلت الابحار بعد ذلك إلى المدينة بدون شحنة من أجل تحميل سيارات في الميناء الإيطالي.
وأوضح كوتسي إن قبطان السفينة يوسف طرطوسي، وهو لبناني الجنسية، اعتقل وأن السلطات الإيطالية تعكف على تحليل جهاز الإبحار بالسفينة بانا وهواتف أفراد الطاقم المحمولة بهدف التحقق من المسار الذي أبحرت فيه السفينة والتي تم إغلاق أجهزة التتبع الخاصة بها بعد أن غادرت الميناء التركي.
وذكر أنه رغم أن التهريب المزعوم لم يحدث في المياه الإيطالية، فقد كان من الضروري إجراء التحقيق لأنه لو حصل التهريب فسيعد انتهاكا للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة.

وكشف تحقيق استقصائي حديث أجرته هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني "بي بي سي" أن تركيا أرسلت السفينة المذكورة محملة بالأسلحة إلى ليبيا بعد خمسة أيام فقط من مشاركة الرئيس رجب طيب أردوغان في مؤتمر برلين الذي تعهدت الدول المجتمعة خلاله بضرورة احترام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 1970 الصادر عام 2011.

وهذه السفينة ليست الوحيدة التي أرسلتها تركيا محملة بالأسلحة إلى ليبيا حيث سبقتها سفن شحن أخرى عديدة في السابق.

وحاول أردوغان عرقلة التسوية السياسية في ليبيا مرارا وفي يناير الماضي تدخل عسكريا وبشكل رسمي في ليبيا لدعم حكومة الوفاق التي يسيطر عليها الإخوان وتقاتل إلى جانبها الميليشيات، كما أرسل مئات المرتزقة من الفصائل السورية الذين تدعمهم أنقرة بالإضافة إلى ابتزاز الأوروبيين بإرسال المهاجرين السوريين إلى دول الاتحاد عبر الحدود التركية إذا ما واصلوا معارضة التدخل العسكري التركي في ليبيا وسوريا.

وفي تجاوب مع خطوات أردوغان أعلنت حكومة الوفاق في طرابلس أنها ترفض المهمة الأوروبية لمنع تدفق الأسلحة.

وفي 24 فبراير الماضي، انتقد قيادي في ما يسمى بـ "قوات مكافحة الإرهاب" التابعة لحكومة فائز السراج، العملية البحرية الأوروبية.
وقال عبدالباسط تيكة لوكالة الأناضول التركية إن "القادة العسكريين في قوات الوفاق، الذين التقاهم، غير راضين عن قرار الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية شرق البحر المتوسط لمراقبة حظر توريد السلاح إلى ليبيا".
وأضاف تيكة أن قرار الاتحاد الأوروبي "لا يعنينا"، في خطوة كشفت ضعف موقف حكومة السراج أمام الدول الأوروبية وفشلها في حشد موقف دولي يدعم التدخل العسكري التركي في ليبيا.

وأكد تيكة أن "قوات الوفاق، حتى وإن حوصرت بحرا، فلديها طرق مختلفة للحصول على الأسلحة للدفاع عن العاصمة".
وتلقى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج دعم تركيا وقطر، في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يشن منذ أبريل/نيسان الماضي عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس وتطهيرها من الميليشيات المتطرفة الموالية لحكومة السراج والإرهابيين.

وأجج التدخل العسكري التركي الصراع أكثر في ليبيا كما أثارت مطامع أردوغان التوسيعية في المنطقة خصوصا مع اكتشاف موارد طبيعية من نفط وغاز شريق البحر المتوسط في السنوات الأخيرة، رفضا دوليا وإقليميا للدور الذي تقوم به تركيا لتهديد استقرار المنطقة.

ووفقا لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن العملية "إيريني" مكلفة أيضا بمهمة مراقبة صادرات النفط غير المشروعة من ليبيا، والمساعدة في تدريب وتطوير خفر السواحل الليبي، والمساهمة في الجهود المبذولة لتعطيل شبكات تهريب البشر والاتجار بهم.

ويعد هذا التوافق الأوروبي المتأخر نسبيا خطوة مهمة لوضع حد لأنشطة تركيا الخطيرة في المتوسط بهدف تحويل ليبيا إلى مسرح صراعات دولية كما فعلت في الحرب السورية المتواصلة منذ 2011.