من السجن إلى الحجر
العالم يفتح السجون خشية من انتشار كورونا
تسابق الدول الوقت للحد من انتشار فايروس كورونا بين الناس، عبر سن إجراءات صحية مختلفة من بينها الحجر الإلزامي ومنع التجمعات بما في ذلك في السجون.
وقد لا تمثل عملية الإطلاق فرصة للعيش خارج السجون لنسبة كبيرة من السجناء الحاملين لفايروس كورونا، لأنهم سينقلون إلى الحجر الصحي لمنع نقل العدوى إلى الآخرين.
ورغم التعاطي الحذر الذي أبدته دول كثيرة بشأن إطلاق سراح السجناء بسبب حساسية الوضع، وخاصة في الجرائم التي تهدد أمن المجتمع، أو الجرائم الإرهابية أو السياسية، إلا أنها مرت إلى خطوات عملية من خلال تسريح المساجين على دفعات، في الوقت الذي اكتفت فيه دول مثل سوريا والعراق بالصمت، وعدم إثارة المسألة بالرغم من تداعياتها الصحية الخطيرة.
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيد الثلاثاء قرارا بالعفو عن المئات من السجناء، في خطوة هي الثانية خلال شهر مارس الماضي بهدف تخفيف الضغط داخل السجون في ظل الأزمة الصحية الحالية.
وأصدر سعيد عفوا خاصا شمل 1420 سجينا، وذلك بعد أن أصدر قرارا مماثلا بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال في العشرين من مارس الماضي شمل تخفيض مدة عقوبة 1858 سجينا ما مكن من الإفراج عن 670 منهم.
وتهدف هذه الخطوة بحسب الرئاسة التونسية إلى تخفيف الضغوط داخل السجون المكتظة بما يمكن من الحد من مخاطر تسرب عدوى فايروس كورونا المستجد.
وأعلنت وزارة العدل الإندونيسية الثلاثاء أنه سوف يتم إطلاق سراح 30 ألف سجين بشكل مبكر لمنع تفشي فايروس كورونا في السجون.
وطالبت منظمات حقوقية مختلفة الدول، خاصة التي توجد في حالة حرب، إلى اتخاذ إجراءات سريعة من بينها وقف المعارك وإطلاق سراح المساجين بسبب المخاطر التي تهدّد أمنهم، وهو ما دفع إلى انتفاضة في العديد من السجون إلى العصيان والضغط لإيصال أصواتهم إلى وسائل الإعلام، مثلما جرى في إيران من انتفاضة داخل السجون.
ورغم هذه التحذيرات، فإن دولا كثيرة بينها دول عربية ما تزال مترددة في اتخاذ خطوات جريئة لإنقاذ أرواح الآلاف من المساجين مثل لبنان وسوريا والعراق.
وفي تركيا، قال الحزب الحاكم الثلاثاء إنه طرح مشروع قانون للإفراج عما يقرب من 45 ألف سجين بشكل مؤقت في مواجهة خطر كورونا داخل السجون.
لكنّ متابعين يحذّرون من أن الخطوة التركية قد تكون مجتزأة إذا لم يتم إطلاق الآلاف من سجناء الرأي، مثل أنصار الداعية فتح الله غولن، أو من تم الاشتباه بهم بالمشاركة في عملية الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، ويمثلون أطيافا واسعة من الكوادر التركية في الجيش والشرطة ومختلف الوظائف.
ويضاف إلى ذلك الخوف على مصير الآلاف من الأكراد الذين يقاتلون منذ عقود ضد السلطة المركزية، فضلا عن أكراد سوريا الذين تمّ اعتقالهم خلال التدخّل التركي شمال البلاد.
وفي لبنان، تكتظ السجون بنزلاء موقوفين ومحكومين في دعاوى جنائية ترتفع أصواتهم مطالبين بإقرار قانون للعفو العام، في ظل انتشار فايروس كورونا المستجد، والمخاوف من تفشيه داخل الزنزانات.
ورغم اتخاذ السلطات تدابير لحماية نحو 10 آلاف سجين، يتصاعد التساؤل بشأن إن كان سيتم إقرار هذا القانون.
ويوجد في لبنان 19 سجنا للرجال و4 للنساء وسجنان للأحداث واحد للذكور وآخر للفتيات، وكلها تحت رقابة وزارة العدل.
وتقر رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات، أنديرا الزهيري، أن “الأبنية باتت تشكّل مصدرًا لانبعاث الغازات السامة المضرّة بصحة السجين، ما تعرضه لمخاطر كبيرة وتُضعف مناعته، ومن الممكن أن تنقل أيّ عدوى بين المساجين أو بين أهاليهم، وأيضا إلى العناصر الأمنية”.
وتعتبر الزهيري أن “السجون في لبنان هي مصيدة لوباء كورونا الفتاك، الذي ينقضّ على الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وهو ينتقل من خلال المسطحات والعدوى المباشرة وغير المباشرة”.
وتبقى الأنظار مشدودة إلى العراق وسوريا حيث تتكتم السلطات عن خططها بشأن التعامل مع السجون في الحرب على كورونا، هل ستضحي بهم خوفا على أمن السلطات في البلدين وارتباطاتها الخارجية، أم ستتخذ خطوات انتقائية في ذلك بهدف الحد من الضغوط الدولية عليها خاصة في سوريا التي تتحدث تقارير مختلفة عن أوضاع مأساوية في سجونها، فضلا عن غموض السجلات وارتفاع أعداد المفقودين.