اشتباكات بين فصائل سياسية صومالية بعد تأجيل الانتخابات
شبح الحرب الأهلية يخيّم على الصومال
منذ أن مدّد الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو ولايته الانتخابية في إجراء ترفضه المعارضة السياسية، دخل الصومال في دوامة عنف وانفلات أمني متصاعد، ما يهدد الاستقرار الهش في بلد أدمته الهجمات الجهادية.

انفلات أمني يفتح أبواب الاقتتال
هيمن التوتّر الاثنين على مقديشو، حيث أغلق مقاتلون موالون للمعارضة المنافذ إلى بعض الأحياء غداة مواجهات مع الجيش الصومالي على خلفية الأزمة بشأن تمديد ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو، في وقت تفاقمت فيه المخاوف من انفلات أمني شامل يؤدي في نهاية المطاف إلى اندلاع حرب أهلية جديدة في البلاد التي لا تزال تعاني أيضا من تداعيات حربها الأهلية الماضية.
وأعرب رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في مؤتمر صحافي عن “حزنه البالغ بسبب المأساة التي أخلّت بالأمن في العاصمة”.
وأضاف “أدعو الجميع إلى الحفاظ على الاستقرار ورعاية المجتمع”، داعيا القوات المسلحة إلى “احترام التزامها” و”حماية” شعب مقديشو.
ويعيش الصومال أزمة سياسية عميقة منذ النصف الثاني من العام الماضي بعد فشله في إجراء انتخابات أواخر 2020 ومطلع 2021 كما هو مخطط بسبب غياب الإجماع السياسي.
وتصاعدت حدة الخلاف السياسي في مقديشو التي تعد من المناطق القليلة في الصومال الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية منذ فبراير، بعد انقضاء ولاية فرماجو الرئاسية التي استمرت أربع سنوات وقبل إجراء انتخابات جديدة.
وخصوم فرماجو اتهموه برفضه ترك منصبه ونظموا احتجاجات في الشوارع ضد استمرار حكمه انتهت بإطلاق النار وإثارة الفوضى.
ومع تزايد التوترات وقّع فرماجو في وقت سابق من هذا الشهر على قانون مثير للجدل لتمديد ولايته متعهدا بإجراء انتخابات في غضون عامين.
لكن خصومه أعلنوا عدم دستورية هذه الخطوة، كما لاقت رفض الدول الغربية الداعمة للصومال التي حضت الرئيس للعودة إلى طاولة المفاوضات وهدّدت بفرض عقوبات في حال لم يمتثل.
وأخذت الأزمة منحى تصاعديا بين فرماجو وزعيمي بونتلاند وجوبالاند، وهما ولايتان من ولايات الصومال الخمس شبه المستقلة، لتصل إلى خلاف حول كيفية إجراء الانتخابات.
وفي سبتمبر تم التوصل إلى اتفاق مهّد الطريق لإجراء انتخابات غير مباشرة بحلول فبراير، لكن هذا الاتفاق انهار وفشلت جولات متعددة من المفاوضات المدعومة من الأمم المتحدة في إحداث خرق.
ويواجه فرماجو مجموعة من الخصوم بعضهم قادر على حشد ميليشيات مسلحة بشكل جيد وموالية للقبائل.
وشكل خصوم فرماجو في بونتلاند وجوبالاند تحالفات مع طامحين للرئاسة وغيرهم من شخصيات المعارضة المهمة في مقديشو.
وبين هؤلاء رئيسان سابقان ورئيس مجلس شيوخ لم يحظ بفرصة مراجعة قانون تمديد الولاية الرئاسية قبل إقراره واعتباره باطلا ولاغيا.
وحذّر الرؤساء السابقون من الحكم بمرسوم يهدد السلام والاستقرار في الصومال، وهو تحذير ينطوي على تهديد بالنظر إلى أن جوبالاند والقوات الصومالية شاركتا في المواجهات، وبعض أعداء فرماجو يقودون ميليشيات قبلية.
ويخشى محللون من انقسام قوات الأمن الصومالية على أسس سياسية وقبلية وأن تتحول مقديشو إلى مسرح لحرب شوارع.
وأعربت سفارة بريطانيا ومبعوث الاتحاد الأوروبي في مقديشو عن قلقهما إزاء أعمال العنف الأخيرة، فيما حضت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال على “التزام الهدوء وضبط النفس إلى أقصى الحدود من قبل جميع الأطراف”.
الصومال يعيش أزمة سياسية عميقة منذ النصف الثاني من العام الماضي بعد فشله في إجراء انتخابات كما هو مخطط بسبب غياب الإجماع السياسي
وكتبت البعثة على تويتر “العنف ليس هو الحل للمأزق السياسي الحالي. ندعو جميع الأطراف بشكل عاجل إلى استئناف الحوار بشكل فوري”.
لكنّ محللين يقولون إن فرماجو يعتمد على دعم قطر وتركيا وحلفاء إقليميين مثل إريتريا وإثيوبيا مستغلا الانقسامات الغربية بشأن كيفية التعامل مع الإدارة المتمردة.
وحذرت الأمم المتحدة منذ شهور من أن المجتمع الدولي الذي يقدم المساعدات المالية للصومال لن يتساهل مع أي تأخير إضافي للانتخابات أو تمديد للولاية الرئاسية. ودعا السودان الاثنين الأطراف السياسية كافة في الصومال إلى نبذ العنف ومعالجة الخلافات عبر الحوار الهادف والبناء.
وتسلط الاشتباكات الضوء على حالة الفوضى في البلد، الذي لا يزال يعاني من وضع اقتصادي صعب وهجمات إرهابية تقودها حركة الشباب المتطرفة.
وتصب الأزمة مباشرة في مصلحة حركة الشباب المتطرفة التي تسيطر على مساحات شاسعة من الصومال وتسعى للإطاحة بالحكومة في مقديشو وفرض الشريعة الإسلامية.
ونشرت الحركة المرتبطة بالقاعدة مقاطع فيديو دعائية في الأسابيع الأخيرة تستغل هذه الفوضى السياسية وتصور النخبة السياسية في البلاد على أنها متعطشة للسلطة وغير صالحة للحكم.
وقالت موريثي موتيغا من مجموعة الأزمات الدولية، إن الخلاف الداخلي يمنح حركة الشباب فرصة لاستغلال الانقسامات في القوات المسلحة وتعزيز أجندتها العنيفة.
وأضافت المسؤولة عن القرن الأفريقي أن “هذه بمثابة هدية لحركة الشباب”.