العلاقات المصرية التركية

تعاون القاهرة مع أنقرة في ليبيا رهين انسحاب المرتزقة

استمرار وجود المرتزقة في ليبيا من شأنه أن يبعثر جهود التسوية الدائمة في ليبيا

أنقرة

ترى أوساط دبلوماسية مصرية أن إصرار تركيا على الحفاظ على وجود عسكري مباشر في ليبيا، من شأنه أن يعرقل أي جهود لتعاون مستقبلي بين الطرفين في هذه الساحة.

وتشير الأوساط إلى أن على أنقرة العمل على تبديد مخاوف مصر، واتخاذ إجراءات على الأرض لبناء الثقة، لافتة إلى أن توجه القاهرة الرسمي يقوم على التعامل بانفتاح مع أنقرة، لكن الأمر لن يصل إلى تطبيع كامل في ظل وجود خلافات جوهرية تحول دون ذلك، منها ملف جماعة الإخوان وأيضا الوجود التركي المباشر في البلد الجار ليبيا.

وكان المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح في وقت سابق بأن المحادثات التي ستُجرى بين تركيا ومصر الأسبوع المقبل، يمكن أن تسفر عن تعاون متجدد بين القوتين الإقليميتين المتباعدتين وتساعد في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في ليبيا.

وأوضح إبراهيم كالين مستشار أردوغان والمتحدث باسم الرئاسة التركية في مقابلة مع وكالة “رويترز” أن هناك اتصالات بين رؤساء أجهزة المخابرات ووزيري خارجية البلدين وأن بعثة دبلوماسية تركية ستزور مصر أوائل مايو المقبل.

وأضاف “بالنظر إلى الحقائق على أرض الواقع، أعتقد أن من مصلحة البلدين والمنطقة تطبيع العلاقات مع مصر”.

وتوترت العلاقات بين أنقرة والقاهرة منذ انهيار حكم جماعة الإخوان المسلمين في العام 2013 والتي كانت حليفة مقربة من أنقرة، وازدادت الخلافات بين الجانبين على خلفية التدخلات التركية في المنطقة، ولاسيما في ليبيا التي اعتبرتها القاهرة جزءا من أجندة تهدف إلى محاصرتها وزعزعة أمنها.

ومع ذلك بدأت تركيا في الآونة الأخيرة العمل لإعادة بناء العلاقات مع مصر ودول الخليج العربية، في محاولة للتغلب على الخلافات التي تركت أنقرة معزولة على نحو كبير في العالم العربي.

وفي لفتة إلى القاهرة الشهر الماضي، طلبت تركيا من المنابر الإعلامية الإخوانية العاملة على أراضيها تخفيف حدة الانتقادات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. ورحبت مصر بالخطوة، لكنها ما زالت تتبنى نهجا متحفظا تجاه الدعوات التركية لتحسين العلاقات بين البلدين، خصوصا وأن أنقرة لا تزال على مواقفها لجهة استمرار دعم الإخوان، وأيضا في الملف الليبي.

وقال كالين “التقارب مع مصر… سيساعد بالتأكيد الوضع الأمني في ليبيا لأننا نعي تماما أن لمصر حدودا طويلة مع ليبيا، وقد يشكل ذلك في بعض الأحيان تهديدا أمنيا لمصر”.

وأوضح أن تركيا ستبحث موضوع الأمن في ليبيا مع مصر ودول أخرى. وتدعم الأمم المتحدة حكومة انتقالية تولت زمام الأمور في ليبيا الشهر الماضي، لكن على الرغم من دعوة الأمم المتحدة جميع القوات الأجنبية لمغادرة ليبيا، أشار كالين إلى أن ضباط الجيش التركي والمرتزقة السوريين الذين استقدمتهم سيبقون هناك.

وأضاف “لدينا اتفاق لا يزال قائما مع الحكومة الليبية”، مشيرا إلى اتفاق 2019 الذي مهد الطريق لتدخل تركي حاسم لدعم حكومة طرابلس.

ويرى دبلوماسيون أن استمرار الوجود التركي المباشر من شأنه أن يبعثر جهود التسوية الدائمة في ليبيا، وتوحيد البلاد، ويقول هؤلاء إن تركيا تسعى لعلاقات مع القاهرة دون أي تنازلات من قبلها وكذا الشأن مع باقي القوى الرافضة لنهج أنقرة في المنطقة.

وإلى جانب مبادرتها الخاصة بمصر، سعت تركيا لتحسين علاقاتها مع السعودية، ذات الثقل في منطقة الخليج، التي دخلت في أزمة مع أنقرة بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018.

وقال كالين “سنبحث عن سبل لإصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية أيضا”، مضيفا أنه يأمل في إنهاء المقاطعة الشعبية للبضائع التركية.

وفي تغير ملحوظ في لهجة أنقرة، رحب مستشار أردوغان بالمحاكمة التي أجرتها السعودية، وقضت العام الماضي بسجن ثمانية متهمين بقتل خاشقجي بين سبع سنوات و20 عاما.

وتابع “لديهم محكمة أجرت محاكمات. اتخذوا قرارا وبالتالي فنحن نحترم ذلك القرار”.