الجيش يكرّس القطيعة بين السلطة والحراك الشعبي في الجزائر

الاحتجاجات العمالية في مرمى الجيش

الجزائر

حملت افتتاحية مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية في الجزائر، رسائل صريحة حول قطع الطريق أمام أي تقارب بين السلطة المدنية في البلاد وبين فواعل الحراك الشعبي التي تواصل الاحتجاج السياسي وتعبّر عن تمسكها بمطلب التغيير الشامل، لاسيما بعدما تم التلميح إلى عداء مستفحل بين الطرفين من الصعب تجاوز جدرانه في المنظور القريب.

واتهمت الافتتاحية التي تعوّد الرأي العام الجزائري على أن تكون تعبيرا عن موقف المؤسسة الفعلية في البلاد، الحراك بالعمل على تخريب البلاد وإثارة الفوضى والتعاون مع جهات خارجية بغرض إجهاض مسار الانتخابات التشريعية المقررة في الـ12 من يونيو القادم.

وذكر عدد شهر مايو الجاري أنه “في هذه المرة وتحت غطاء الحركات الاحتجاجية والمطالب الاجتماعية تواصل الأطراف التخريبية عملياتها الإجرامية والاستفزازية من خلال تحريض عمال وبعض موظفي القطاعات على شنّ إضرابات ظاهرها المطالبة بالحقوق وباطنها إفشال الانتخابات التشريعية المقبلة وبالتالي إدخال البلاد في متاهات هي في غنى عنها”.

وأضافت أن “هذه الأطراف والتي كانت تحضّر لتفجيرات ضد المواطنين هما وجهان لعملة واحدة، غايتها تركيع الجزائر باستخدام كل الطرق وتنفيذ عدة خطط تخريبية تهدف إلى تهييج الشارع وتعميم الفوضى”.

وتوجهت رسائل المؤسسة العسكرية إلى الطبقة الشغيلة التي صعدت من مطالبها المهنية والاجتماعية خلال الأسابيع الأخيرة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، لاسيما في ما يتعلق بالغلاء الفاحش لأسعار المواد الاستهلاكية، وتهاوي قيمة العملة المحلية (الدينار) أمام سلة العملات الصعبة واتهمتها بـ”الخيانة والعمالة والولاء لأطراف خارجية”، وهو نفس الخطاب الذي رددته الوزارة الأولى وبعدها وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي اتهمت المحتجين بالتشويش على السير الحسن للاستحقاق الانتخابي المقرر بعد أسابيع قليلة.

وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت بيانا شديد اللهجة تجاه رجال الدفاع المدني الذين انتفضوا هذا الأسبوع ورفعوا عدة مطالب مهنية واجتماعية وصفوها بـ”الأساسية”. وجاء في البيان أن “المحتجين يعملون وفق أجندات مشبوهة تديرها دوائر معادية للبلاد من خارج الحدود”.

كما قامت بعزل 230 رجلا من القطاع عن مناصب عملهم وفتح تحقيقات مهنية معهم تحسبا لإحالتهم للقضاء بتهمة التشويش وإشاعة الفوضى داخل مؤسسة رسمية، وهو الأمر الذي فاقم حالة الاحتقان لدى المحتجين الذين استاؤوا كثيرا مما وصفوه بـ”ممارسات القمع التي عوملوا بها من طرف قوات الأمن”.

وفي ربطها بين المسار السياسي للبلاد وبين تطورات وصفتها بـ”المريبة”، ذكرت مجلة الجيش أنه “مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية المقبلة التي تشير بوادرها إلى توفر الضمانات الكافية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تشهد الساحة الوطنية العديد من الأحداث المريبة التي تصب في مجملها في خانة عرقلة هذا المسار الديمقراطي”.

وأضافت أن “القراءة المتأنية للمشهد الوطني من جميع الزوايا والنواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية تقود إلى استنتاجين اثنين، الأول هو استنزاف مقاومي التغيير لجميع قدراتهم وآمالهم في العودة إلى الساحة السياسية، فيما يتمثل الثاني في انتقالهم إلى استعمال أساليب دنيئة أبرزها  استغلال المشاكل المهنية للعمال لنفث سمومهم، وأن الإضرابات التي  تنامت كالفطريات في الآونة الأخيرة لخير دليل على ذلك”.

وتوصلت الافتتاحية بمؤشرات تدل على أن “ما يحدث يندرج ضمن المحاولات البائسة واليائسة لزعزعة الأمن الوطني من خلال تأجيج الشارع، وإثارة غضب الشعب والدفع إلى المزيد من الاحتقان لينفجر الوضع، وهذا على أمل عرقلة  الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.