تركيا تتهم اليونان بـ«تخريب مسار حل الخلافات»

اتهمت تركيا اليونان ببذل الجهود لتخريب مسار حل الخلافات وتحسين العلاقات. وفي الوقت ذاته، فتحت المعارضة التركية ملف الإخفاء القسري، وطالبت بتحقيق برلماني في إخفاء مئات المواطنين.
واتهم وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، المسؤولين اليونانيين ببذل قصارى جهدهم لتخريب المسار الإيجابي لبحث الخلافات العالقة مع أنقرة من خلال أفعالهم وتصريحاتهم. وعد أكار، في تصريحات خلال فعالية في إسطنبول أمس (الأحد)، أنه «لا جدوى من الخطابات الاستفزازية التي يتبناها المسؤولون اليونانيون». وأضاف أن تركيا ترغب في حل الخلافات القائمة في جزيرة قبرص وبحر إيجه عن طريق الحوار، ووفقاً للقانون الدولي.
وقال أكار إن «اليونان تحاول الزج بالولايات المتحدة وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي في خلافاتها مع تركيا، وهذا أمر خاطئ لا يعود بالنفع على أحد؛ هذه المحاولة لا تضر أحداً سوى اليونان وشعبها».
وجاءت تصريحات أكار بعد أقل من يومين من اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والأميركي أنتوني بلينكن، أكد الأخير خلاله أن واشنطن تدعم المفاوضات البناءة بين تركيا واليونان لحل الخلافات العالقة بينهما، وترفض أي توتر في منطقة شرق البحر المتوسط.
وجدد أكار التأكيد على أن بلاده لن تسمح أبداً بانتهاك حقوقها في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، وأنها لن تقبل مطلقاً بأي حل يستند إلى مبدأ فرض الأمر الواقع. وتابع أن «اتهام تركيا باتباع سياسة توسعية هو كذب لا أساس له... تاريخنا خال من هذه السياسات، ولم نرتكب أي مجزرة بحق أحد، وعلى اليونان أن تعتمد على نفسها، لا على من يدعون حمايتها».
وعلى صعيد آخر، فتحت المعارضة التركية ملف الإخفاء القسري لمئات المواطنين في البلاد. وتقدم نائب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، سيزجين تانري كولو، بطلب إلى البرلمان للتحقيق في القضايا المتعلقة بالمختفين قسرياً، والكشف عن مصيرهم، وذلك بمناسبة الأسبوع العالمي للنضال ضد الإخفاء القسري.
وقال تانري كولو، في طلبه الذي قدمه لرئاسة البرلمان التركي، إن هناك 1352 شخصاً من أصل 17 ألف مفقود في تركيا اختفوا قسرياً، وإن حزبه يقترح الشروع في مسح برلماني للكشف عن مصير هؤلاء المختفين قسرياً.
وكشفت جمعية حقوق الإنسان التركية، الثلاثاء الماضي، عن تسجيل 1388 حالة اختفاء قسري بالبلاد منذ عام 1980. وطالبت بتشكيل لجنة لمواجهة الماضي وبحث الحقائق، موضحة أن عمليات الاختفاء القسري وقعت بكثافة خلال الفترة بين عامي 1980 و2001. وأشارت الجمعية، في بيان، إلى أن «الفترة نفسها شهدت ارتكاب الآلاف من جرائم القتل السياسية التي لم يتم التوصل إلى مرتكبيها، ولم تشهد تحقيقاً فعلياً مع القيادات العسكرية والإدارية والسياسية الذين لم تتم محاكمتهم أو محاسبتهم أمام القانون».كان قد تقرر خلال مؤتمر «الاختفاء القسري الدولي» الأول الذي أقيم في الفترة بين 17 و19 مايو (أيار) عام 1996 في مدينة إسطنبول، إنشاء لجنة دولية ضد الإخفاء القسري، وتم إعلان الفترة بين 17 و31 مايو (أيار) أسبوعاً للنضال الدولي ضد الإخفاء القسري. ومنذ بداية عام 2009، ينظم فرع جمعية حقوق الإنسان بمدينة ديار بكر، جنوب شرقي تركيا، فعالية أسبوعية في شهر مايو (أيار) من كل عام، بعنوان: «اعثروا على المختفين قسرياً.. وحاسبوا المتورطين».
وكشفت المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى جانب المنظمات المحلية المعنية بحقوق الإنسان في تركيا، عبر تقارير موثقة، عن انتهاكات لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان في مجال حقوق الإنسان، لا سيما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016.
وسلط تقرير لوزارة الخارجية الأميركية، في مارس (آذار) الماضي، الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في تركيا خلال عام 2018، حيث أكد تورط السلطات التركية في جرائم إخفاء قسري ومحاولات اختطاف، ورصد اختفاء 28 شخصاً قسرياً.
وأعربت الأمم المتحدة عن انزعاجها بسبب كثرة الشكاوى من وقائع التعذيب في تركيا، في وقت سابق، وعبرت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بجرائم التعذيب، نيلز ميلزر، عن قلقها البالغ إزاء ما يُثار عن التعذيب، وغيره من أشكال سوء المعاملة في مراكز الشرطة التركية.
وفي سياق متصل، قدمت المعارضة التركية استجواباً لوزير الداخلية سليمان صويلو حول تزايد حالات عنف «حراس الليل» في الفترة الأخيرة. وجاء في الاستجواب الذي قدمته نائبة حزب الشعب الجمهوري غمزة طاشجي آر إلى رئاسة البرلمان أن «حراس الليل ضربوا طفلاً يبلغ من العمر 15 عاماً في ولاية باطمان (جنوب شرقي تركيا) بالركلات واللكمات، بزعم أنه انتهك حظر التجول المفروض في إطار تدابير مواجهة وباء كورونا، ودأبوا على استخدام السلاح بشكل واسع في الأماكن المزدحمة».
وقالت طاشجي آر إن الحوادث التي يتورط فيها «حراس الليل» تتزايد تدريجياً، حيث «يتسببون باستمرار في العنف، وباتت مهمتهم هي ضرب المواطنين، واستخدام أسلحة بشكل غير مبرر». وأضافت: «نرى حالة من عنف الحراس كل يوم تقريباً. إن الحراس الذين تتمثل مهمتهم الوحيدة في إبلاغ سلطات إنفاذ القانون العامة، واتخاذ الإجراءات الوقائية، يضربون المواطنين ويطلقون النار في الهواء ويهينونهم، وبالتالي لا يمكن تجاهل هذه المشكلة». وتساءلت البرلمانية عما إذا كان هناك تحقيق في هذه الحوادث، وما هو عدد الحراس الذين تم فصلهم بسبب العنف واستخدام الأسلحة بشكل غير مبرر؟
وكان البرلمان التركي قد أقر، في يونيو (حزيران) الماضي، مشروع قانون تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم، تضمن تعديل قانون «حراس الأسواق والأحياء الليليين». ويسمح القانون الجديد بتسليح حراس الليل، وإعطائهم صلاحيات مشابهة لصلاحيات الشرطة. وعدت المعارضة أن إردوغان أراد من هذا القانون تشكيل ميليشيا موالية له لها أغراض أخرى.