السودان يوسع دائرة داعمي اتفاق السلام لمنع انفلات الأطراف

يتطلعون إلى غد أفضل

الخرطوم

وسعت السلطة الانتقالية في السودان دائرة الأطراف الإقليمية  والدولية الضامنة لاتفاق السلام وتحصينه سياسيا، ومنع تفككه على وقع عثرات عديدة تواجه تطبيقه، وتصاعد معدل العنف في ولايات الهامش التي يخاطبها دون أن تكون هناك خطط  عملية قادرة على إنهاء النزاعات وتنفيذ بنوده بشكل يسمح بوضع حد للإنفلات.

وأحدث توقيع دول “الترويكا”، وهي الولايات المتحدة وإنجلترا والنرويج، الثلاثاء، ردود فعل إيجابية في عدد من الأوساط السودانية، حيث يمثل وجودها كشاهد على اتفاق السلام بين الخرطوم والجبهة الثورية، علامة مهمة على توفير الدعم اللازم للسلطة الانتقالية ودفعها نحو تحريك بنود الترتيبات الأمنية وعودة النازحين وتقسيم الثروة وتسليم المتهمين بارتكاب جرائم حرب إلى المحكمة الجنائية.

جاء ذلك قبيل تجدد اشتباكات قبلية في ولاية جنوب دارفور أدت إلى مقتل 36 شخصاً وإصابة 32 آخرين، واضطرت معها السلطات السودانية، إلى إرسال قوات مشتركة إضافية من الجيش والشرطة والدعم السريع لتطويق العنف هناك.

وأوضح عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، أحمد شاكر، أن التحول الديمقراطي في السودان بحاجة إلى المزيد من الدعم الدولي الفاعل لإنجاز مطلوبات الفترة الانتقالية المتعثرة، على رأسها ملف الترتيبات الأمنية الذي بات بحاجة إلى دعم لوجستي من أطراف لديها قدرة على التأثير في الأطراف المسؤولة عن تنفيذه.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن الترويكا سيكون لها دور على مستوى تقديم المساعدة السياسية ومناقشة التفاصيل التي تدعم تنفيذ اتفاق السلام واحتواء النقاط الخلافية التي قد تؤدي إلى إفشاله، ومتوقع أن تسهل الخطوة عملية عودة النازحين إلى مناطقهم، وتصبح محفزا رئيسيا لنجاح المفاوضات الجارية مع الحركة الشعبية شمال جناج عبدالعزيز الحلو، والتي يمثل تذليل عقباتها نقلة نوعية للسودان.

وبعد تصديق الترويكا، أصبح اتفاق جوبا يحظى بشرعية سياسية مزدوجة، داخلية كجزء من الوثيقة الدستورية، ودولية ترسخ التفاهمات التي جرى التوصل إليها، ما يطمئن الموقعين عليه بأنه لا مجال للتلاعب به كما حدث مع اتفاقات سابقة.

وتسعى السلطة الانتقالية من وراء تلك الخطوة إلى التأكيد على أنها ماضية في تنفيذ الاتفاق وتهدئة حالة الاحتقان المتصاعدة في بعض الولايات جراء المطبات التي يواجهها الاتفاق.

وقال الناطق باسم الجبهة لثورية، أسامة سعيد، إن انضمام الترويكا بمثابة قوة دفع جديدة لاتفاق جوبا الذي يمر بمخاض عسير نتيجة تعثر تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية وتجميد بعض المسارات، كما الوضع في شرق السودان، بما أفرز حاجة لتعزيز قدرات المجتمع الدولي لحفظ الأمن والاستقرار.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن دول الترويكا تعهدت بتقديم الدعم السياسي من خلال حث الحكومة على تنفيذ باقي بنود اتفاق السلام والتنسيق معها لمجابهة الصعوبات التي تعترض إنزاله على الأرض، والتعهد بتقديم الدعم المالي اللازم لإتمام ملف دمج عناصر الحركات داخل جيش قومي موحد.

وبدت الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية أكثر حرصاً على ضم الترويكا للاتفاق، حيث عقدت الفترة الماضية لقاءات عدة مع سفراء دولها بالخرطوم للوصول إلى صيغة يتشارك فيها المجتمع الدولي على نحو أكبر في تنفيذه.

وحثت دول الترويكا الخرطوم على “اتخاذ خطوات فورية للتنفيذ الكامل للجداول الزمنية المتفق عليها والواردة في الوثيقة الدستورية واتفاق السلام والالتزام بها، على أن يشمل ذلك تشكيل مؤسسات أساسية مثل المجلس التشريعي”، وشددت على أهمية “تشكيل القوة العسكرية المشتركة وإنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار”.

وبمقتضى الشراكة الأخيرة أضحت الدول الثلاث (أميركا وإنجلترا والنرويج)، شركاء فعليين في اللجنة العليا لرقابة وتقييم اتفاق جوبا، وتضم الحكومة السودانية ودولة جنوب السودان، وأطراف إقليمية وقعت على الاتفاق وشهود وداعمين له، ومسؤولية الترويكا متابعة تنفيذه على الأرض وتذليل العقبات التي تواجهه.

وأعطى تأخر انضمام الشركاء الدوليين لاتفاق جوبا إشارة سلبية لقوى في الداخل، ليس من مصلحتها تنفيذ الاتفاق، وقدم انطباعا بإمكانية بعثرة أوراقه بما يدعم وجود بيئة قابلة لإشعال الحرب، وعمدت حركات صغيرة إلى استعراض قوتها بحثاً عن مكاسب، وماطلت أطراف تعمل لحساب حزب المؤتمر الوطني المنحل في تنفيذ عملية الترتيبات الأمنية.

وأفرزت تلك الحالة أوضاعا هشة في ولايات عدة تحولت إلى مرتع لمؤامرات قوى متصارعة على السلطة، لعبت على وتر الخلافات القبلية لتوسيع دائرة الاشتباكات المسلحة التي تجد الحكومة صعوبة في مواجهتها بفعل التباين داخل المكونين العسكري والمدني، وتعقيدات قديمة بين أبناء القبائل والأجهزة الأمنية.

وأكد أسامة سعيد، وهو رئيس وفد مسار الشرق في اتفاق جوبا، أن تعثر السلام انعكس سلباً على المسار الذي يمثله، ويواجه تعنتاً من قوى محسوبة على نظام الرئيس السابق عمر البشير ترفض جميع المقترحات بشأن إعادة توزيع السلطة والثروة داخل ولايات الشرق على نحو متساو، متوقعاً أن تسهم الترويكا في حلحلة هذا الجمود.

وتشهد ولايات شرق السودان اشتباكات قبلية منذ الإطاحة بنظام البشير، أوجدت بؤرة جديدة للتوتر لم تكن ضمن معادلة الصراع المحتدم في دارفور، وأثرت المصالح المتعارضة لأطراف إقليمية مختلفة لديها رغبة في توسيع نفوذها على ساحل البحر الأحمر على مجمل الأوضاع هناك، وجعلتها عصية على التسوية السياسية.

وأعلنت حكومة البحر الأحمر شرقي السودان، الأربعاء، حظر التجوال في الأحياء الجنوبية من حاضرة ولاية بورتسودان، على خلفية تجدد اشتباكات بين أطراف من قبيلتي الزاندة والبني عامر، ما أدى لإصابة عشرات وحرق عدد من المنازل.