الإجابة مصر 30 يونيو..
إخوان تونس والمغرب يتعرضون للأفول السياسي بعد الثورة عليهم

"أرشيفية"
عندما كانت الثورة تتصاعد في مصر للإطاحة بحكم الإسلامويين في 2013، كانت الجماعات الدينية وتحديدًا جماعة الإخوان تتمدد كما ترغب في بلدان المغرب العربي، تحديدًا في تونس والمملكة المغربية.
وقتها استشعرت الأجنحة الإخوانية هناك أن ثمة تهديدًا يلوح في الأفق، فأخذوا في تقديم التنازلات، وإثبات الاختلاف مع نظرائها في مصر، لكن كل ذلك لم يمنع من سقوط هذه الجماعات، ولكن سقوط من نوع آخر.
محاصرة النهضة
تعد حركة النهضة الجناح الإخواني بتونس والمسيطر على البرلمان، الطرف الأبرز الذي كان يعيش توهجًا في 2013 ويمر الآن بحالة الأفول.
ورغم أن هذه الحركة بزعامة راشد الغنوشي أول من تخلت عن جماعة الإخوان في مصر وتبنت الهجوم عليها، ورفض نهجها في الحكم فور سقوطها في 2013، إلا أنها تعتبر أول الخاسرين المواجهين لأزمات تهدد وجودهم مع حلول الذكرى الثامنة لـ30 يونيو.
وتعاني الحركة من تصاعد الأزمات أبرزها تراجع شعبيتها، وخروج المظاهرات بشكل متواصل ضدها مطالبة بإسقاطها وخروجها من المشهد السياسي.
إلى جانب ذلك تواجه الحركة عداء سياسيًّا عنيفًا من قبل الأحزاب الليبرالية والمدنية التي ترى أن في وجود النهضة تهديدًا مباشرًا لهوية تونس. ولهذا فتصعِّد هذه الأحزاب من هجومها، كاشفة عن معالم العنف في فكر الحركة.
ويعد الرئيس قيس سعيد على رأس هذا التيار الذي يعلن بشكل صريح رفضه لأفكار النهضة ومحاربته لها.
وعلى خلفية ذلك تمر تونس بحالة اقتصادية متردية بفعل الخلافات السياسية يحملها الشارع لحركة النهضة، ويعتبرها بمثابة فشل للحركة التي تجلس في مواقع السلطة منذ 2011، دون إحداث أي نهضة أو ارتقاء بمستوى معيشة المواطن.
العدالة والتنمية وخسارة الانتخابات
ومن النهضة المتهمة بفقدها لأي برنامج للنهوض كما إخوان مصر، إلى حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يعاني بشهاد المراقبين المغربيين من تراجع شعبيته، على خلفية بعض القرارات التي وافق عليها وهو في الحكم، ولم يجرؤ على توقيفها أو حتى التحفظ عليها.
وعلى رأس هذه القرارات صمت الحزب على اتفاق التطبيع مع تل أبيب، رغم الهوية الإسلامية والشعارات التي كان يرفعها حول العداء مع إسرائيل، بل إنه كان طرف في توقيع هذا الاتفاق.
وفي 22 ديسمبر 2020، وقع رئيس الحكومة المغربية أمين عام الحزب، سعد الدين العثماني، اتفاقًا بين بلاده وإسرائيل والولايات المتحدة، لاستئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب، وبرر «العثماني» مرارًا هذا التوقيع، قائلًا: إن موقعه كرئيس للحكومة هو ما أملى عليه هذا التوقيع.
وليس ذلك فقط هو ما جلب للحزب الانتقادات، إذ تسببت موافقته على استخدام مخدر الحشيش في الأغراض الطبية والصناعية، وامتناع أعضائه عن الاعتراض على الطرح في البرلمان، الأمر الذي جلب للحزب مشاكل وصلت إلى تجميد عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب، عضويته، اعتراضًا على تمرير مشروع القنب الهندي.
يضاف لهذه الأزمات التعديلات التي حلت على النظام الانتخابي، لا سيما تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية، الأمر الذي تسبب في النهاية بتصاعد التكهنات باحتمالية انتقال الحزب من موقع الحكومة إلى المعارضة، في مؤشر على خسارة الانتخابات البرلمانية المرتقبة.
ويضاف لكل ذلك سلسلة استقالات اتخذها بعض قيادات الحزب، آخرهم القيادي البارز بالحزب ووزير الدولة المكلف بأمور حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان مصفى الرميد، لتحفظه على أسلوب إدارة العثماني للحزب، وانفراده باتخاذ القرارات، بحسب مصادر للإعلام المغربي.
وبينما يبدو هذا التراجع واضحًا، يقول أستاذ الفلسفة بجامعة وهران الجزائرية، الحسين الزاوي، في مقالة بعنوان «تحولات الإسلام السياسي في المغرب العربي» منشورة بموقع «الخليج» أبريل الماضي: إن الإسلام السياسي المغاربي، على اختلاف توجهاته، ما زال ينتهج نفس أسلوبه في تهميش المرأة من خلال تغذية تطرف النزعة الذكورية لدى الشباب غير المؤهّل، الذي بات يُبدي انزعاجه من تنامي دور المرأة في المجتمعات المغاربية.
ويبدو ذلك واضح في تونس التي تشهد من فترة لأخرى قوانين مناصرة للمرأة، ويفسرها البعض أنها مخالفة للشريعة الإسلامية، ومع تنامي الأصوات المناهضة لهذه القوانين، تعمل النهضة على تغذية هذه الأصوات لتكون الخيار الأول لكتلة الرافضين لتحرر الدولة.