الأزمة اليمنية

الاغتيالات مدار توتّر متصاعد بين الانتقالي والإخوان في جنوب اليمن

تحفّز لاستئناف القتال

عدن

تتصاعد حدّة التوتّر في جنوب اليمن بين الغريمين الرئيسيين هناك؛ جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي وكلاهما محسوب ضمن معسكر الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبدربّه منصور هادي ومشارك في حكومة رئيس الوزراء معين عبدالملك.

وأصبحت اتهامات كل طرف للطرف الآخر بالمسؤولية عن موجة الاغتيالات سببا رئيسيا في حالة التوتّر التي يمكن أن تتطور في أي لحظة إلى صدام مسلّح من شأنه أن ينسف اتّفاق الرياض بين الشرعية والانتقالي الذي رعته السعودية وتعمل على استكمال بنوده.

واتهم محمد اليدومي رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن أحمد لملمس محافظ عدن والأجهزة الأمنية في المدينة بالتقاعس تجاه واقعة اغتيال قيادي في التجمع.

وجاء ذلك بعد اتهامات مماثلة كان قد وجهها المجلس الانتقالي لحزب الإصلاح بالتورّط في خطف واغتيال عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين المنتمين للمجلس.

وقال رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي في وقت سابق إنّ “المجلس لن يسكت على انتهاكات حقوق الإنسان واستمرار جرائم القتل والاغتيالات والاعتقالات التعسّفية التي ترتكبها السلطات العسكرية والأمنية الخاضعة لسيطرة ميليشيا الإخوان في شبوة، أو أي محاولات لتمكين تنظيميّ القاعدة وداعش الإرهابيين في المحافظة”.

وكان مسلحون مجهولون قد اغتالوا الأربعاء القيادي في الإصلاح بالمحافظة بلال المسيري عبر استهدافه بأربع رصاصات وفق بيان لحزب الإصلاح.

وقال اليدومي عبر صفحته في فيسبوك إنّ “أكثر من 24 ساعة مضت على اغتيال المسيري في وضح النهار بقلب العاصمة المؤقتة عدن دون أن نسمع أو نشاهد أي ردة فعل لرجال الأمن ومحافظ المحافظة”.

والمحافظ لملمس قيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي وتم تعيينه من قبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في إطار آلية تنفيذ اتفاق الرياض الموقّع بين الحكومة والمجلس برعاية سعودية.

وأضاف اليدومي “كأن من تمّ اغتياله ليس مواطنا وليس لأجهزة الدولة أي مسؤولية تجاهه”. كما استنكر ما سمّاه صمت المنظمات والأحزاب التي يتشارك حزبه معها في الحكومة حيال واقعة الاغتيال.

وتابع اليدومي “هذا الصمت المطبق يثير أكثر من علامة استفهام.. إما أن يكون الجاني معروفا لديهم ويخشون إدانته أو أنهم يقرون هذه الجرائم ويتعايشون معها بصورة طبيعية”.

وعلى مدار الأعوام الماضية شهدت عدن العشرات من الاغتيالات طالت خطباء وشخصيات اجتماعية وقيادات من المقاومة الشعبية المؤيدة للحكومة الشرعية في المدينة.

ولم يسلم حزب الإصلاح نفسه من مواجهة اتهامات بالتورّط في عدد من تلك الاغتيالات على خلفية تصفية حسابات ضدّ خصومه ومنافسيه من مختلف المشارب والاتّجاهات السياسية والفكرية.

ويعمّق التجاذب بين حزب الإصلاح والانتقالي الجنوبي الشرخ داخل الشرعية اليمنية ويؤثر بشكل كبير على أدائها في إدارة شؤون المناطق غير الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين أو في إدارة المعركة العسكرية ضد هؤلاء.

والأسبوع الماضي دعا المجلس ممثليه في مباحثات استكمال تنفيذ اتفاق الرياض إلى وقف كافة أشكال التواصل المباشر مع الحكومة اليمنية حتى يتم وضع ملف محافظة شبوة شرقي البلاد في صدارة أولويات تنفيذ الاتفاق، ومعالجة الأوضاع فيها بشكل كامل.

وخلال السنوات الماضية مثلت شبوة بسبب غناها بالنفط والغاز موضع تركيز استثنائي من قبل جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في اليمن بحزب الإصلاح الذي استخدم قوّاته المحسوبة صوريا ضمن معسكر الشرعية للسيطرة على المحافظة أمنيا، بينما ساعده تغلغله الكبير في الإدارة المحلّية على الإمساك بالمقاليد الإدارية والاقتصادية للمحافظة.

وعلى هذه الخلفية مثّل الوضع في شبوة أحد أكبر العوائق التي وقفت في طريق استكمال الشق الأمني والعسكري من اتّفاق الرياض، والذي تنصّ مرحلته الثانية على انسحاب القوات العسكرية من محافظتي حضرموت وشبوة التي يهيمن عليها الإخوان، وتعيين محافظين ومدراء شرطة لكافة المحافظات الجنوبية، بالتشاور مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما لم يحدث بفعل ممانعة حزب الإصلاح.

وتضيف الخلافات المتجدّدة بين الانتقالي والحكومة اليمنية المزيد من التعقيدات لحلّ الأزمة اليمنية وتبقي العبء على السعودية المهتمّة كثيرا بضمان أقصى قدر من الهدوء والتوافق داخل معسكر الشرعية الذي تدعمه ضدّ الحوثيين.

لكن ما يمنع تلك التوافق بحسب متابعين للشأن اليمني هو الأجندة الخاصّة لإخوان اليمن الذين يستخدمون الشرعية كمجرّد مظلة لتحقيق أهدافهم وعلى رأسها الاستئثار بمناطق استراتيجية في البلد على غرار مأرب وأبين وشبوة، وأيضا تعز الواقعة بجنوب غرب البلاد.

وتأتي الخلافات الأخيرة بين الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح بعد أن أدّت جهود سعودية مكثّفة في نزع فتيل التصعيد بين الشرعية والمجلس الانتقالي ورعاية اتّفاق بينهما على تأمين عودة الحكومة إلى عدن والعمل على متابعة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، بعد أن أدى اشتداد الخلافات بين الانتقالي والشرعية إلى مغادرة أعضاء حكومة معين عبدالملك لمدينة عدن التي شهدت حالة من الغليان الشعبي بسبب الفشل في تحسين الأوضاع المعيشية الصعبة وتوفير الخدمات وضمان الأمن.