سياسة قبيحة..
مهمة سيتا في إدلب لتبييض وجه أردوغان

التركي رجب طيب أردوغان
تحتاج القوة العسكرية للدول إلى ماكينة إعلامية تروج لها، وتقنع الجمهور بصواب ما يتم، أي تأطيرها في قالب إيجابي لدى المستقبل، وهذه القاعدة فطن إليها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لذا عمل على الترويج بقوة لعمليته العسكرية في الشمال السوري، عبر منصات إعلامية وبحثية عدة، وعلى رأسها مركز سيتا.
تجميل السياسات القبيحة..سيتا يخدم أطماع أردوغان
للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أطماع استعمارية توسعية كبيرة، دفعته إلى الحلم بإعادة بناء الإمبراطورية العثمانية، وتحكمت الفكرة به حتى أصبح عبدًا لها، مما دفعه إلى التدخل في الشمال السوري بشتى الصور الممكنة.
بداية من فتح المعابر الحدودية بين بلاده وسوريا لإدخال الإرهابيين للقتال ضد الجيش الوطني السوري، مرورًا بإدخال قوات بلاده ومحاولة خلق منطقة آمنة تسيطر على أنقرة، وانتهاءً بمحاولات التغيير الديموجرافي لهذه المنطقة عن طريق تغيير أسماء الشوارع والمناهج الدراسية إلى التركية.
وكل هذه التصرفات لا تنم سوى عن فكر إرهابي استعماري، ولكي يغطي أردوغان على هذه الجرائم سخر أدواته الإعلامية والبحثية للترويج لأفكاره، وتبرير تحركاته أمام العامة، ولعب مركز سيتا دورًا مهمًا في القيام بهذا الدور.
وسعى المركز إلى تبرير مواقف تركيا، ولإيضاح ذلك، يمكن ضرب عدة أمثلة، ففي تقرير بعنوان «هل هناك أي أمل لحل الأزمة في إدلب»، والمنشور بتاريخ 22 فبراير 2020، يرى المركز أن تركيا تحملت جزءًا كبيرًا من المسؤولية في الأزمة السورية، بما في ذلك مليون لاجئ من محافظة إدلب السورية، وهو رقم اعتبره المركز قابلًا للمضاعفة، على حد تعبيرهم.
وأوضح التقريرأن روسيا خاطئة في حساباتها تجاه الشمال السوري، ناصحًا إياها بـ«التعاون مع تركيا، باعتبارها مفتاح الحل السياسي في سوريا، وعليها أن تتوقف عن الشك في علاقتها مع تركيا ونظامها»، على حد تعبيرهم.
تجميل السياسات القبيحة..
وفي مقال رأي آخر بعنوان «تحالفات متجددة ومدافعون عن إدلب»، والمنشور بشهر فبراير 2020، هاجمت الكاتبة مريم أطلاس النظام الروسي ومواقفه في روسيا، واعتبرته جزءًا من الأزمة، بسبب أطماعه في سوريا.
وترى مريم أن النظام التركي أظهر صبرًا كبيرًا خلال الفترات الأخيرة، معتبرة أن الأطراف الأخرى تضيع فرص ثمينة، ويتضح أن رأي الكاتبة يتفق مع وجهة نظر النظام التركي حول الأحداث في سوريا آنذاك، وخلافه مع النظام الروسي على خلفية مقتل عدد من جنوده في مواجهات ثنائية.
وفي تقرير آخر، يطالعنا المركز التركي بعنوان مثير للجدل «من يهتم بحقوق الإنسان في إدلب؟»، ويأتي التقرير فاضحًا لسياسات سيتا، التي اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والنظام السوري بارتكاب جرائم تجاه المدنين.
وعند الحديث عن تركيا قال المركز «ويبدو أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تهتم بالمدنيين، وتقدم لهم الطعام والمسكن لحمايتهم من البرد والجوع، كما فعلت من قبل لفلسطين وروهينجا والصومال»، وذلك على الرغم من جرائم الحرب التي ارتكبها رجب طيب أردوغان تجاه المدنيين في الشمال السوري واحتلاله لأجزاء منه في 3 عمليات عسكرية متتابعة.
ولم يكتف المركز التركي بالتقارير ومقالات الرأي، ولكنه اتجه إلى تنظيم جلسات نقاشية حول الأوضاع في إدلب، حيث نظم جلسة بعنوان «تداعيات أزمة إدلب على تركيا وأوروبا»، وانعقدت الجلسة في فبراير 2020 في مكتب المركز ببروكسل، وشارك بها محمد كمال، مندوب تركيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، وركزت الجلسة النقاشية على الجوانب الإنسانية في الشمال السوري عمومًا وإدلب خصوصًا وتأثير ذلك على تركيا والقارة الأوروبية، وجاءت الجلسة قبل أيام من فتح أنقرة لحدودها أمام اللاجئين للعبور إلى اليونان.
ويتضح أن موضوع الجلسة ومكان انعقادها وحضور شخصية رفيعة المستوى من النظام التركي بها، كلها عوامل تؤكد أن سيتا حاولت التأثير على الأوروبيين كحل من الحلول وأداة من الأدوات بيد الرئيس رجب طيب أردوغان، ولكنها فشلت في ذلك، وهو ما دفع أردوغان إلى فتح أبواب بلاده.