"واشنطن تايمز": رغم الاضطراب الحالي.. انهيار أوبك ليس وشيكًا

وكالات

في عام 1960, اجتمعت خَمس بلدان, معظمها كان فقيرًا في ذلك الوقت في بغداد واتفقت على "الحق الثابت لجميع البلدان لكي تمارس السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية لصالح التنمية القومية". كان هذا هو المبدأ لـ"التلاعب بسوق النفط وتثبيت الأسعار"، ونشأت أوبك – منظمة الدول المصدرة للبترول. وسرعان ما رأت الدول الأخرى المنتجة للنفط الحكمة في التجمع معًا وتحدي شركات النفط الغربية "الأخوات السبع" التي هيمنت على البترول. نما تجمع أوبك سريعًا إلى 10 أعضاء, ثم 13، وسخر خبراء الاقتصاد من هذا الجهد, زاعمين أن الاتحادات الاحتكارية تكون غير مستقرة بطبيعتها ودائمًا ما تنفجر داخليًّا. لكن جاء العام 1973.

أثار الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب أكتوبر غضب الدول العربية, وأوقفت أوبك شحنات النفط إلى الغرب. تسبب حظر النفط العربي في مضاعفة أسعار البنزين, التي لم تتحرك أكثر من بنس للجالون لأكثر من عقد, في الولايات المتحدة. تسبب النقص في الانتظار في طوابير لساعات بالمحطات, وفجأة أصبحت أوبك ناجحة. لكن مرة أخرى, قال خبراء الاقتصاد إنها لن تستمر.

غير أن هذه القوة الوليدة عززت المجموعة. ولطالما فكر خبراء الاقتصاد أن الاتحادات الاحتكارية تفشل في النهاية بسبب الحافز الذي يدفع الأعضاء للغش. إن المجموعات مثل أوبك تتحكم في السعر عن طريق التحكم في الإمداد. إنها تحدد حصص الإنتاج لأعضائها لكي تحد من الإمداد وترفع الأسعار، ولا شك أن الحافز للغش – تسليم أكثر من حصة الدولة بسعر السوق المتضخم بطريقة مصطنعة – كبير جدًا على أن يتم تجاهله, لذلك يفعله الجميع تقريبًا ويفشل الاتحاد الاحتكاري.   

في التسعينيات, تركت دولتان, وهما الإكوادور والجابون, التجمع لأنهما شعرا بأن القيود على الإنتاج كانت قاسية جدًا على اقتصاداتهما. وفي حين أنهما كانتا اثنين من أصغر الأعضاء المنتجين, كان يومًا حافلًا للنقاد. لقد صرخوا في الوسائل الإعلامية, "لقد اقتربت النهاية". مع هذا, حدث شيء طريف: الحروب والغزوات والهجمات الإرهابية تسببت في انقطاعات في إمداد النفط الشرق الأوسطي وردت أوبك بزيادة حصص إنتاجها لإمداد الغرب. عدو عدوي...

في العقد التالي, عندما عادت الأسواق إلى حالتها شبه الطبيعية, شهدت الدول الأعضاء في أوبك انخفاض أسعار النفط وجاهدت لتخفيض الإنتاج. وبالانفصال عن السعودية, صوّتت المجموعة على الحد من إمدادها العالمي, لكن خلف الكواليس قالت المملكة إنها لن تفعل, وواصلت شحن ما يزيد عن حصتها. هذه المرة كان اللاعب الأساسي يغش وقال خبراء الاقتصاد مجددًا إن النهاية اقتربت. لقد استغرق الأمر 50 عامًا, لكن الآن الانهيار بدا وشيكًا. لكنه لم يكن كذلك.

عند منتصف ذلك العقد, كان العراق وإيران قد عادا إلى إنتاج شبه كامل, والولايات المتحدة, باستقلالها المُكتشف حديثًا بفضل تكنولوجيا التصديع المائي, رأت الأوبك تتجاوز إنتاجها المحدد بشكل متكرر حيث كان معظم الأعضاء يغشون. انخفضت أسعار البنزين, بعد ارتفاعها, انخفاضًا حادًا، وهذه المرة قاد السعوديون المسيرة للحد من الإنتاج، ووافقت الدول الأعضاء الأكثر فقرًا, لكنها استمرت في الغش لكي تواصل تغذية اقتصاداتها التي تعاني.

هذا يجلبنا إلى الوقت الحاضر. بعد حوالي 70 عامًا, لا تزال أوبك موجودة, لكنها شهدت مغادرة دولتين للمجموعة مؤخرًا بسبب حصص الإنتاج المخفضة. لقد ارتفعت سلطتها على سوق النفط وانحسرت عدة مرات. وأعضاؤها, الكبار والصغار, يغشون في بعض الأحيان – أو في كثير من الأحيان – مع هذا لا تزال قائمة. في الأسبوع الماضي, اتفقت الدول الأعضاء في أوبك على خفض الإنتاج أكثر. ضغطت روسيا, وهي ليست عضو في الأوبك بل "شريك"، من أجل هذا الإجراء، وبدعم من السعودية, تملقت بتخفيض 500 ألف برميل إضافي في اليوم من الإنتاج.. لقد كان اجتماعًا جدليًّا.

الكثير من الدول المترنحة في سوق راكد من أجل النفط, وتباطؤ اقتصادي عالمي في التجارة, عارضت التخفيضات. لكن في النهاية, صاغت أوبك اتفاقية ومضى الجميع في طريقهم. تستمر الكثير من الدول الاعضاء في غشها, والكثير من الدول الأعضاء تصارع ماليًّا مع مبيعات النفط المنخفضة التي تدفن اقتصاداتها.. لقد حدث هذا من قبل.. الكارثة دائمًا وشيكة.