موقع اندبندنت ضحية السياسة الانتقامية التركية

احتدام المعركة الإعلامية بين السعودية وتركيا

حملة تركية شرسة

أنقرة

 صعّدت تركيا من حربها الإعلامية مع السعودية حيث قررت حظر موقع “اندبندنت تركي” ردا على حظر السعودية لموقع وكالة الأناضول التركية وموقع قناة “تي.آر.تي”. وشمل الحظر أيضا مواقع إخبارية إماراتية من بينها وكالة الأنباء الرسمية "وام".

ويرتبط اندبندنت تركي، وهو منفذ إخباري جديد على الأراضي التركية، بالمملكة العربية السعودية، وتم إطلاق الموقع في أبريل 2019، باتفاقية ترخيص موقعة بين مؤسسة “اندبندنت ديجيتال نيوز أند ميديا ​​ليمتد”، المملوكة لرجل الأعمال الروسي ألكسندر ليبيديف، والمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، التي تمتلك جميع الحقوق على موقع اندبندنت تركي الإخباري.

ويصف متابعون موقع اندبندنت تركي بأنه ضحية السياسة الانتقامية التركية باعتبار أن الموقع لا ينشر ما يمكن أن يشكل إزعاجا لأنقرة، عكس ما تقوم به وسائل إعلام تركية من حملات تشهير تمس بالسعودية وهو ما دفع الرياض إلى اتخاذ خطوة حظر الموقعين التركيين.

ويقول الموقع الذي يعمل كامل فريقه من أنقرة إنه يخضع للإرشادات التحريرية لموقع اندبندنت البريطاني، إلا أن الرقابة الذاتية التي يفرضها على بعض محتوياته المنتقدة لم تمر دون أن يلاحظها أحد.

وتمت مهاجمة اندبندنت تركي في مقالة نشرت على موقع  المركز الفكري “سيتا”، المرتبط بالقصر الرئاسي التركي، وخلصت إلى أنه “يجب تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع وسائل الإعلام الأجنبية في تركيا” في إشارة إلى حظر السعودية لموقع وكالة الأناضول.

وكان سيتا اختار الأحد،  تزامنا مع حظر اندبندنت تركي لإطلاق نسخته باللغة العربية في دلالة واضحة على احتدام المعركة الاعلامية بين الطرفين.

ويستند موقف السعودية أساسا إلى حملة التشهير التي تقودها تركيا منذ سنوات خاصة من خلال تحميلها مسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي في مقر السفارة السعودية في إسطنبول.

وعمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأعضاء طاقمه الحكومي على استثمار قضية مقتل خاشقجي إلى أقصى حد، ولم يفوتوا فرصة للتذكير بهذه القضية في محاولة لتحقيق أقصى ما يمكن من المكاسب على حساب المملكة وإحراجها دون جدوى.

وشهدت علاقة تركيا مع السعودية توترا متزايدا خلال السنوات الماضية حول السياسات الإقليمية، بسبب تدخل أنقرة لدعم المجموعات المسلحة في كل من ليبيا واليمن وسوريا، وهو ما يمنع عودة الأمن والاستقرار لتلك الدول.

ومؤخرا، اتهمت تركيا السعودية بالفشل في التصرف بمسؤولية خلال تفشي جائحة فايروس كورونا، حيث زار آلاف الحجاج مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي الاتهامات التي لم تصدر سوى من وسائل الإعلام التركية دون غيرها.

وتزعج خطوات الإصلاح التي تقوم بها السعودية تركيا وتنظيم الإخوان المسلمين حيث حاولا كثيرا التشويش على الرياض من خلال ترويج الإشاعات وفبركة الأخبار، كان آخرها شن حملة لتحريض رجال الدين على استعادة سطوتهم ونفوذهم.

وركزت وكالة الأناضول على رجال الدين في السعودية، محاولة استمالتهم بالهجوم على فئة من العلماء تصفهم بأنهم “من التابعين لبلاط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”، وأن دورهم تقلص “ليتلخّص في مجرد منصات لشرعنة الفساد والجرائم بطرق مختلفة ومخادعة للمجتمع”.

وأفادت وكالة الأناضول التركية الأحد بأن الحكومة السعودية منعت الوصول إلى وكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة وموقع إذاعة “تي.آر.تي” العربية. وقالت الأناضول إن المستخدمين الذين يحاولون الوصول إلى الموقع يواجهون رسالة نصها “هذا الموقع ينتهك قواعد وزارة الإعلام”.

واعتبر صحافيون سعوديون أن القرار جاء استجابة لمطالبهم في الفترة الأخيرة بعد ما نشرته الأناضول من أخبار وشائعات استهدفت الإساءة إلى بلدهم، وأضافوا أن الهجوم الإعلامي التركي اشتد بعد حملة الإصلاح التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وشملت جميع نواحي الحياة في المملكة. واقترحت صحيفة “عكاظ” السعودية، أن “تنقل المعركة إلى الأراضي التركية” من خلال تمويل مشاريع منافذ إخبارية باللغة التركية تتماشى مع منظور المملكة.

وأدرج ياوز بيدر رئيس تحرير موقع “أحوال تركية” إغلاق موقع اندبندنت تركي في سياق الحملة التي يشنها أردوغان ضد وسائل الإعلام المعارضة.

وقال بيدر في تصريح لـ”العرب” في الآونة الأخيرة، تم توقيع غرامات على ثلاث قنوات تلفزيونية مهمة متبقية، تعمل تحت قيادة “فوكس تي في”، و”خلق تي في”، بزعم إثارتها للذعر من خلال تقاريرها وتعليقاتها على جائحة كورونا في تركيا.

وأضاف أن المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد أعلن أنه “سيطبق حتى أقسى التدابير إذا لزم الأمر”، وهذا يعني الإغلاق الصريح لمثل هذه القنوات.