يثير هواجس تفكك..

السعودية تدعم الرئيس اليمني رغم الأداء الضعيف للشرعية

"أرشيفية"

الرياض

قرأت مصادر سياسية يمنية في لقاء نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رسالة دعم للأخير بعد رواج دعوات لنقل سلطاته لشخصية يمنية توافقية ضمن سيناريوهات البحث عن طرق لتحريك ركود الأزمة اليمنية وإعادة زمام المبادرة إلى الشرعية في الملفات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي بلغت درجة غير مسبوقة من التعقيد.

وقالت المصادر إنّ الدعم السعودي لهادي في هذه المرحلة يستند إلى رفض الرياض تغييرا متسرّعا قد يفضي إلى انفراط عقد الشرعية التي تدرك المملكة حجم الخلافات والصراعات داخلها كما تدرك أوجه قصورها لكنّها تحرص على الحفاظ عليها كطرف مضاد للمتمرّدين الحوثيين في حالة الحرب القائمة، وكجهة مفاوضة لهم ضمن أيّ محادثات سلام قد تنجح الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي في إطلاقها بالتعاون مع الأطراف الإقليمية المعنيّة بالملف.

وعقد الأمير خالد الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض اجتماعا مع هادي ناقشا خلاله مستجدات الأوضاع اليمنية إضافة إلى مبادرات المملكة الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن.

وقال نائب وزير الدفاع السعودي على تويتر “التقيت رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي، وتشرفت بنقل تحيات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد للرئيس، وتمنياتهما له والشعب اليمني بمزيد التقدم والاستقرار”.

وأشار إلى أن اللقاء ناقش “مستجدات الأوضاع في اليمن وموقف المملكة الثابت في دعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية والجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة ويحقق الأمن والاستقرار في اليمن”.

الرياض حريصة على الحفاظ على الشرعية اليمنية رغم مساوئها لتظل طرفا مضادا للحوثيين في الحرب القائمة والسلام المنشود

وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أنه جرى خلال اللقاء “استعراض مجهودات المملكة ومبادراتها الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في اليمن”، فيما قالت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” إن اللقاء بحث جملة من التحديات التي يواجهها الشعب اليمني في مختلف المجالات الاقتصادية والإنسانية. وأشارت إلى أنّه جرى خلال اللقاء التأكيد “على أهمية تفعيل خطوات تنفيذ اتفاق الرياض واستكمال مراحله لتوحيد الجهود والصفوف لمصلحة الشعب اليمني”.

وجمع الاتّفاق المذكور الذي رعته السعودية بين السلطة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بهدف فض الخلافات الحادة بينهما والتي كانت قد وصلت سنة 2019 حدّ المواجهة العسكرية.

لكنّ البنود المتعلّقة بالوضع الأمني والعسكري في الاتفاق ما تزال غير مكتملة التنفيذ بينما لا تزال حالة التوتّر قائمة بين المجلس والشقّ الإخواني الممثل داخل الشرعية بحزب التجمع اليمني للإصلاح، وذلك في مظهر على ضعف الرئيس وعدم قدرته على السيطرة على الوضع وضبط الصراعات داخل السلطة التي يقودها، الأمر الذي برز معه سيناريو نقل سلطاته.

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت في وقت سابق لـ”العرب” عن تبني عدد من المكونات والقوى اليمنية لرؤى متباينة حول انتقال السلطة طبقا لتدابير الفترة الانتقالية بعد الحرب حيث تتبنى أطراف في حزب المؤتمر الشعبي العام خيار نقل صلاحيات الرئيس إلى نائب توافقي فيما تطالب أطراف أخرى من بينها ابن شقيق الرئيس السابق العميد طارق محمد عبدالله صالح قائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي لليمن بتشكيل مجلس رئاسي يضم ممثلين عن مختلف القوى والأطراف الرئيسية في اليمن.

وأكّدت المصادر أن النقاش الذي يدور حول تفاصيل المرحلة الانتقالية يندرج في إطار تبادل الأفكار ولم يصل بعد إلى مرحلة النقاش الجاد، غير أن نتائج العمليات العسكرية على الأرض وخصوصا في محافظة مأرب شرقي العاصمة صنعاء قد تكون حاسمة في تحديد طبيعة وشكل ما بعد وقف إطلاق النار في الفترة المقبلة.

ويعتبر مراقبون أن استمرار فشل الشرعية وعلى وجه الخصوص في مواجهة الأعباء العسكرية للحرب وعكس نتائج التغول الحوثي، سيعزز من فكرة تفكيك منظومة الشرعية بشكلها الحالي، في ظل حالة الانقسام والتشظي بين مكوناتها لصالح مشروع “شرعية توافقية” جديدة سيصب في صالح الحوثيين بوصفهم الطرف الأكثر قوة وتماسكا على الأرض.

مصادر: النقاش الذي يدور حول تفاصيل المرحلة الانتقالية يندرج في إطار تبادل الأفكار ولم يصل بعد إلى مرحلة النقاش الجاد

وكان وزير الخارجية اليمني الأسبق أبوبكر القربي قد كشف في تغريدة على تويتر بأن تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن السويدي هانز غروندبرغ يأتي “بينما يتم بحث حل أزمة اليمن من خلال نقل السلطة إلى نائب رئيس توافقي جديد أو بتشكيل مجلس رئاسة”. وأضاف “لذلك على المؤتمر (حزب المؤتمر الشعبي العام) تقديم رؤية ومشروع وطني لإعادة تشكيل رئاسة دولة قادرة على إنهاء الحرب والبناء دون اعتبار لمشاركة المؤتمر في السلطة أو المحاصصة”.

غير أنّ الساحة اليمنية لم تخل من اعتراضات على سيناريو إعادة صياغة الشرعية، معتبرة أن الأمر لا يخلو من محاذير ومخاطر. وقال وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني إنّ نقل السلطة في اليمن “أصبح هاجسا يلح على القوى المؤثرة إقليميا ودوليا”، قائلا في تغريدة عبر تويتر إنّ “هذا الأمر بُحث في مسقط وعواصم أخرى بين أطراف عدة”، ومعلّقا بأنّ “نقل السلطة بشروط غير المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216) والدستور له مخاطر تحويل سلطة الكانتونات إلى دويلات”. لكنّه حمّل الشرعية مسؤولية ذلك قائلا إنها “بشخوصها وأدائها هي من تدفع العالم لهذا الحل الخطر”.

وفي ما بدا أنّه تعقيب على لقاء الرئيس هادي بالأمير خالد بن سلمان، حمل الجبواني على رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك وعلى السفير السعودي لدى اليمن محمّد آل جابر حيث أرفق صورة لهما في حسابه على تويتر بالقول “كي تستطيع الشرعية والسعودية مواجهة التحديات الكبيرة التي أبرزها مقترح تشكيل مجلس رئاسي يشرّع الكانتونات القائمة بواسطة إدخالها في المجلس لتتحول إلى دويلات كبداية للتشظي القادم.. لا بدّ من اتخاذ خطوات كبيره أولها إزاحة هذين الرجلين ومحاسبتهما”، في إشارة إلى عبدالملك وآل جابر.