خلال محاولة تصوير أنفسهم كمنقذين لإيران..

تقرير: الحرس الثوري يستغل أزمة "كورونا" في تشويه روحاني وتصعيد المتشددين في الانتخابات المقبلة

كشف تقرير إخباري، اليوم الخميس، أن "الحرس الثوري" الإيراني يأمل الاستفادة من أزمة تفشي وباء "كورونا" المستجد، على حساب الرئيس الإيراني البراغماتي حسن روحاني وحلفائه، من خلال محاولة تصوير أنفسهم كمنقذين لإيران.

طهران

كشف تقرير إخباري، اليوم الخميس، أن "الحرس الثوري" الإيراني يأمل الاستفادة من أزمة تفشي وباء "كورونا" المستجد، على حساب الرئيس الإيراني البراغماتي حسن روحاني وحلفائه، من خلال محاولة تصوير أنفسهم كمنقذين لإيران.

وأوضح التقرير، الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" أنه يمكن للحرس الثوري تقويض الحكومة الإيرانية بشكل أكبر، ومساعدة المحافظين على الإطاحة بالمعتدلين في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

وقالت المجلة الأمريكية إن الحرس الثوري الإيراني يستخدم فيروس "كورونا" في ألاعيبه السياسية، حيث يستغل المتشددون الوباء في تقويض المعتدلين.

 

وأضافت المجلة أنه "في فبراير الماضي، ظهرت إيران بوصفها مركزا لوباء "كوفيد 19"، وأثبتت الحكومة الإيرانية سريعا أنها عاجزة عن التعامل مع تفشي الفيروس.

وقلل مسؤولون من خطورة الأزمة، حتى في ظل التقارير التي أشارت إلى مئات الوفيات في صفوف الإيرانيين. بحلول منتصف أبريل وصلت حالات الوفاة إلى ألف شخص، إضافة إلى إصابة أكثر من 5 آلاف، وفقا للأرقام الرسمية التي من المؤكد أنها أقل من الواقع بكثير".

ويحاول خصوم الحكومة الإيرانية الحالية الآن استغلال فشل النظام الإيراني في رد الفعل تجاه الأزمة والتعامل معها بالشكل المطلوب، في وقت لجأ فيه "الحرس الثوري" إلى تصعيد الغضب الشعبي ضد الحكومة، وسارع إلى تقديم نفسه بوصفه اللاعب القادر على إيقاف انتشار الفيروس.

وبغض النظر عن طبيعة الدور الذي يلعبه "الحرس الثوري" الإيراني في مجال الصحة العامة، فإن إستراتيجية العلاقات العامة واضحة للغاية، إذ يسعى "الحرس" للخروج منتصرا من هذه الأزمة على حساب الرئيس الإيراني حسن روحاني وحلفائه، من خلال تصوير أنفسهم على أنهم منقذو إيران.

ورأت المجلة الأمريكية أن الحرس الثوري الإيراني خلق لنفسه العديد من الأزمات خلال الفترة الأخيرة، حيث تسببت سلاسل الفشل الكارثي وحملات العلاقات العامة "الحمقاء"، بحسب وصف المجلة، إلى إرباكه خلال الأشهر الأخيرة.

أين روحاني؟

وتسببت معاناة الرئيس الإيراني حسن روحاني مع محاولات إبطاء وتيرة انتشار "كوفيد 19"، في منح الفرصة للحرس الثوري كي يصلح صورته داخليا وخارجيا.

وانتشر الفيروس بسرعة صادمة في إيران، حتى في ظل نظام الرعاية الصحية المتطور نسبيا في الدولة.

الحكومة مسؤولة إلى حد كبير عن تفشي المرض سريعا، حيث قللت السلطات من خطورة العدوى، حتى مع إصابة المسؤولين الواحد تلو الآخر بالمرض، رفضوا فرض الإغلاق بعد سلسلة من الحالات التي ظهرت في مدينة "قم" الشيعية المقدسة، وزعموا أن الحجر الصحي ليس حلا يصلح لأزمة في القرن الحادي والعشرين.

وأصرّ نائب وزير الصحة الإيراني على أن تلك الإجراءات من بقايا مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى. ومضت السلطات قدما في إجراء الانتخابات البرلمانية نهاية تشرين الثاني/ فبراير الماضي، وشجّعت المواطنين على التصويت والذهاب إلى مراكز الاقتراع رغم خطر انتشار العدوى.

وعندما قررت الحكومة في النهاية فرض قيود وشجّعت على التباعد الاجتماعي في آذار/ مارس فقد كان هذا تحركا متأخرا للغاية لوقف انتشار الفيروس.

وعانت حكومة روحاني من حالة ارتباك شديد نتيجة ارتفاع معدلات العدوى في تشرين الثاني/ فبراير إلى نهاية آذار/ مارس.

وكان الرئيس، في أعين منتقديه من المحافظين، مفتقدا للقدر الأدنى من رد الفعل تجاه الأزمة، ولجأ هؤلاء إلى مواقع التواصل الاجتماعي في نشر هاشتاغ أين روحاني، وسار البرلمانيون المحافظون على نفس النهج الإلكتروني، وأصدروا بيانا يلقي الأضواء على عدم كفاءة فريق روحاني.

حملة الحرس الثوري الإيراني

وتقول المجلة الأمريكية، "كان تفشي فيروس كورونا فرصة للحرس الثوري الإيراني كي يؤكد ريادته ويقدم نفسه على أنه حامي الصحة العامة وبطل الحرب في المعركة ضد العدو الخفي".

وعلى صعيد وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن الحرس الثوري استعرض إمكاناته في تقديم المساعدات للمحتاجين، من توزيع الأموال والغذاء إلى الأقنعة الطبية وأجهزة الاختبارات، والمعدات الطبية.

وكشفوا -أيضا- عن جهاز زعموا أنه يستطيع رصد المصابين بعدوى "كورونا" على بُعد 100 متر، رغم أنه لا يوجد أي دليل واضح على أن هذا الجهاز لم يكن سوى دعاية لجذب الانتباه فقط.

وحاول الحرس الثوري الإيراني التأكيد على كفاءته في التعامل مع الفيروس، على النقيض من عجز إدارة روحاني في نفس الملف، يأملون في أن يؤدي ذلك إلى حرمان روحاني من تحقيق أي انتصار خلال عامه الأخير في ولايته الرئاسية.

ولا يستطيع روحاني الترشّح مجددا لولاية ثالثة، ولكن تشويه سمعته ربما يساعد في تصعيد رئيس محافظ أو متشدد متعاون مع الحرس الثوري الإيراني إلى السلطة على حساب المعتدلين.

وعلى الصعيد النظري، فإن تكتل روحاني لا يملك أي إنجازات يستطيع الاحتفاء بها في الحملة الانتخابية المقبلة. فقد قضى الرئيس معظم ولايته وهو يحاول تأمين الاتفاق النووي، الذي تم توقيعه عام 2015، ثم محاولة إنقاذه بعد انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب منه في عام 2018.

وتسببت العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب في معاناة شديدة للاقتصاد الإيراني، وجعلته في موقف ضعيف كي يتصدى للوباء، ولكنها ساعدت -أيضا- رواية الحرس الثوري الإيراني بأن الولايات المتحدة تريد الإضرار بإيران، وأن محاولات روحاني لرعاية اتفاقات مع واشنطن ساذجة.

 

ومن أجل توصيل تلك الرسالة على الصعيد الداخلي، فإن وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري استعرضت المساعدات التي قدمتها الشبكة الدولية التابعة للحرس الثوري الإيراني إلى الإيرانيين، حتى في الوقت الذي يقوم فيه الغرب بفرض المزيد من العقوبات.

وختمت المجلة تقريرها بالتأكيد أنه "لا يمكن فصل انتشار كوفيد 19 في إيران عن صراع السلطة الداخلي، فسوء إدارة الحكومة ملف الوباء ألحق الضرر بتكتل روحاني والفرع التنفيذي المدني داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان بمثابة فرصة سانحة أمام الحرس الثوري الإيراني كي ينفض الغبار عن نفسه بعد سلسلة من الإخفاقات".

ولفتت إلى أن "نظرة الإيرانيين إلى الحكومة والحرس الثوري في أعقاب الوباء هي التي ستحدد إلى حد كبير مصير انتخابات 2021، والتي ستحدد نتائجها مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة".