إمكانات وفرص واعدة للمرأة الخليجية..

"ثورة ناعمة" تقودها خليجيات لفرض العمل الرقمي من المنزل

نساء خليجيات يوظفن مهارتهن في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة للمضي قدمًا في تسيير أعمالهن اليومية من المنزل، وكسر العزلة الاجتماعية التي فرضها تفشي وباء كورونا المستجد، والمساهمة في خلق نمط مهني جديد يسمى “العمل الرقمي الحر”.

يمينة حمدي

نساء خليجيات يوظفن مهارتهن في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة للمضي قدمًا في تسيير أعمالهن اليومية من المنزل، وكسر العزلة الاجتماعية التي فرضها تفشي وباء كورونا المستجد، والمساهمة في خلق نمط مهني جديد يسمى “العمل الرقمي الحر”.

وتحاول الإعلامية والباحثة العُمانية مرفت بنت عبدالعزيز العريمي مثل العديد من النساء العُمانيات التأقلم مع الظروف الصعبة التي فرضها وباء كوفيد – 19، مشددة على أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولا يحب أن تفرض عليه القيود، إلا أن جائحة كورونا أجبرت الجميع على التكيف مع الأوضاع الراهنة للحجر الصحي حفاظا على صحة الناس وسلامتهم.

 

وقالت العريمي لـ”العرب”، “لا أعتقد أن الحجر المنزلي يشكل عبئا على المرأة العربية، فهي عادة ما تتحمل مسؤولية إدارة المنزل، وبالتالي فهي أكثر قدرة على الاستفادة من الحجر للقيام بالأعمال المؤجلة، مثل البستنة، كما يمكنها ابتكار أنشطة حرفية مدرة للمال، وكذلك تسعى إلى استغلال مهارات جميع أفراد الأسرة في القيام بأعمال، قد توفر بها دخلا إضافيا لعائلتها”.

 

وأضافت “اعتادت المرأة العُمانية على العمل سواء من المنزل أو خارجه وهناك كثيرات يحاولن تحقيق التوازن بين عملهن الأصلي، ومشاريعهن الجانبية من المنزل، ويكرسن وقتهن للقيام بأنشطة مهمة لزيادة دخل أسرهن”.

 

ولفتت العريمي إلى أن المواطن العُماني بطبعه سريع التكيف مع الظروف الصعبة، ويبدي تجاوبا خاصا في أحلك الظروف منوهة إلى أن ثقافة العمل عن بعد متاحة للجنسين في بلادها.

 

واعتبرت الإعلامية العمانية أن بلادها من الدول التي أولت اهتماما بدعم عمل المرأة سواء خارج المنزل أو داخله، مشيرة إلى أنها نظمت العديد من الأنشطة التجارية المنزلية لسنوات طويلة، وخصصت سجلات تجارية للمرأة التي تفضل العمل عن بعد في مجالات الخياطة والاكسسوارت وصناعة العطور والبخور والزهور وإعداد الأطعمة والكماليات بمختلف أنواعها.

 

وعللت العريمي رأيها قائلة “أطلقت سلطنة عُمان بمؤسساتها المختلفة مجموعة من المبادرات الاقتصادية للحد من تبعات جائحة كورونا على المجتمع عبر إنشاء وتفعيل منصات إلكترونية لتسويق السلع تشجيعا للشابات والشبان العمانيين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تسويق منتجاتهم وأصبح بإمكان أي فرد الاشتراك في تلك المنصات في حالة عدم توفر منصة خاصة بمؤسسته لتسويق منتجاته، فعلى سبيل المثال أطلق الصندوق العماني للتكنولوجيا مبادرة بمبلغ مليون ريال عماني لدعم مشروعات توظف التكنولوجيا لمواجهة الجائحة، بعض منها كان حلولا تكنولوجية للتسويق وخدمات التوصيل”.

 

وختمت العريمي بقولها “ربّ ضارة نافعة، لقد أخرجت الجائحة الكثير من المبادرات المؤسسية والفردية والكل بادر بفكرة أو تطوع بمبادرة من أجل التخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع وأعتقد أنها البداية لتغيير مفاهيم العمل في مختلف دول العالم أجمع وليس في سلطة عمان وحدها”.

 

تغير النمط المهني

أما في المملكة العربية السعودية، فتبدو مميزات خدمة الإنترنت، من حيث كونها سريعة وتُقْدم بتقنية النطاق العريض، تتناغم مع شغف السعوديات بوسائل التكنولوجيا، ما أسهم في دعم الجهود التي تبذلها السلطات السعودية لتمكين النساء من العمل عن بعد بدلا من الانتقال إلى المكتب، كما أبقت عجلة الاقصاد دائرة، والحياة متواصلة على نحو معتاد، رغم وطأة العزلة المنزلية التي فرضها الوباء.

 

لكن هذا الوضع تراه بعض السعوديات صعبا وليس من السهل عليهن أن يتحوّلن بين عشية وضحاها إلى العمل من المنزل، ويتأقلمن مع التغييرات التي أدخلها الوباء على حياتهن والطريقة التي يمارسن بها أعمالهن. وأكثر ما يخيف المحامية السعودية أمل عمر بقاء الحجر إلى أجل غير مسمى، وصعوبة أداء وظيفتها بكفاءة وفعالية مثلما هو الأمر في مكتب العمل.

 

ولفتت المحامية السعودية أمل عمر إلى أنها تعيش اليوم وسط أجواء مشحونة بالقلق والتوتر بسبب انشغال ذهنها الدائم بالتفكير في تحديات الوباء ومخاطره الصحية، وتخشى أن يؤثر هذا العصف الذهني على تركيزها على عملها.

 

وقالت عمر لـ”العرب”، “تفشي فايروس كورونا غيّر نمط حياتي بالكامل، وأحدث الكثير من الأوضاع الطارئة التي لم أعهدها مسبقا، لم أكن متعودة على الطبخ لكنني بتّ طباخة بارعة.. كنت أتذمر من العمل في المكتب في السابق، لكن منزلي اليوم أصبح أشبه بمحكمة أو قاعة للمرافعات، ولدي بين يدي اليوم مئة وعشرون خدمة إلكترونية عدلية قدّمتها لي وزارة العدل وأنا جالسة في المنزل وعليّ وضع جميع الأمور في نصابها وأتمنى أن أوفق في ذلك بإذن الله”.

 

وأضافت “ربما تصبح العزلة المفروضة علينا نمطا لممارسة العمل من المنزل في المستقبل، ومن المؤكد أن البعض من السعوديات الموظفات قبلن العمل عن بعد على مضض، لكن من المرجح أيضا، أن البعض الآخر حالفهن الحظ لإيجاد وظائف شاغرة في شركات ومؤسسات وفرت لهن إمكانية العمل من المنزل والمدخول المادي الذي كن يطمحن إليه”.

 

واستدركت “لكنني شخصيا أؤمن أن العمل من البيت لا يمكن أن يكون بديلاً عن التواصل والتفاعل وجهاً لوجه. فالأشياء التي تصل إلى الذهن عند لقاء زملاء العمل مثل لغة الجسد، وطريقة الكلام، والحدس الذي يخبرك ما إذا كان الشخص يفهمك، كلها من المزايا التي تتوفر في مكاتب العمل، ولا يستطيع العمل من المنزل ووسائل التكنولوجيا وحدها توصيلها إلينا”.

 

وشددت عمر قائلة “وسائل التكنولوجيا منحتنا اليوم الفرصة لمزاولة أعمالنا بعيدا عن مكاتب العمل، ومكنتنا من قضاء فترات أطول مع أسرنا واستغلال الوقت بكفاءة وفعالية بقدر المستطاع، لكن أكثر ما نخشاه هو أن يكون العمل من المنزل سببا في تآكل جوهري في الحقوق التي تحظى بها النساء العاملات، أو يضر بنوعية الوظائف التي يؤدينها، رغم أنني أستطيع الجزم أن المرأة السعودية لديها الموهبة والخبرة وقادرة على النجاح في مختلف مجالات العمل الرقمي، وهو مجال واعد، وخاصة في ظل نجاح تجارب الكثيرات في العمل عن بعد خلال الأزمة الراهنة”.