اليونان عارضت بشدة مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق وقد طردت السفير الليبي في أثينا على إثرها..

زيارة وزير خارجية اليونان لبنغازي أول رسالة أوروبية للوفاق

وكالات

وصل وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا اليوم الأحد، بعد يوم من مصادقة البرلمان التركي على اتفاق التعاون العسكري والأمني الذي وقع في نوفمبر مع حكومة الوفاق وقوبل برفض ليبي وأوروبي ودولي قاطع.

وذكرت قناة "الفضائية الليبية" أن رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني استقبل وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس،  بحضور وزير الخارجية  عبدالهادي الحويج، وسط توقعات بأن على تتضمن الزيارة عقد لقاء بين دندياس والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي أيضا.

وتأتي زيارة وزير الخارجية اليوناني لليبيا بعد زيارات مماثلة قام بها خلال الأيام الماضية لكل من الأردن والسعودية والإمارات، ومن المنتظر أن يزور أيضا المغرب في وقت لاحق.

ويعد وزير خارجية اليونان أول دبلوماسي أوروبي رفيع يجتمع مع عبدالله الثني في خطوة صريحة للإعتراف بالحكومة المؤقتة على أنها المخولة لسن القوانين في ليبيا، وهي أيضا خطوة جدية لسحب  الشرعية أوروبيا من حكومة فائز السراج.

وتعارض اليونان العضو في الاتحاد الأوروبي بشدة مذكرة تفاهم جرى التوصل إليها بين تركيا وبين حكومة الوفاق ومقرها العاصمة طرابلس، تتعلق بترسيم الحدود الملاحية في البحر المتوسط.

وأثارت الاتفاقية التي تم توقيعها بين أردوغان وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في 27 نوفمبر الماضي، جدلا ورفضا دوليا وإقليميا لما تمثله من تهديد وتجاوز للاتفاقيات البحرية الدولية، علاوة عن المساعي التركية للتدخل عسكريا في ليبيا.

وقال دندياس في تصريح سابق إن البرلمان الليبي هو من يجوز له التصديق على الاتفاقية مع تركيا، حيث كان يتوجب استشارة رئيس البرلمان وأعضائه حول الاتفاقية لا حكومة الوفاق، وذلك وفقا لاتفاق الصخيرات بشأن ليبيا.

وأضاف وزير الخرجية اليوناني إن "الاتفاق بين السراج وأردوغان يضر دول المنطقة بما فيها تركيا التي قامت بعزل نفسها".

رفضت اليونان ومصر وقبرص والاتحاد الأوروبي الاتفاقية التي وقعها أردواغان والسراج، معتبرة ذلك تعديا على مياهها الإقليمية

من جهته تحدى وزير الدفاع اليوناني نيكوس باناجيوتوبولوس تركيا بتنفيذ مزاعمها بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، قائلا إن "الأمر لن يكون الأمر بهذه البساطة".

وأضاف باناجيوتوبولوس في تصريح صحفي الجمعة، أن تركيا ستجد العديد من اللاعبين ضدها، ولن يكون الأمر بهذه البساطة، مشيرا إلى اتجاه بلاده نحو تصعيد جديد تجاه أنقرة بعد تغاضيها عن الاستفزازات التركية في الفترة الماضية.

ورفضت كل من مصر واليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي الاتفاقية التي طردت على إثرها أثينا السفير الليبي لدى اليونان بسبب عدم الإفصاح عن بنودها، معتبرة ذلك تعديا على مياهها الإقليمية.

وقالت خارجية اليونان إن الاتفاق البحري الذي تصل حدود جزيرة كريت اليونانية وتم توقيعه بين أردوغان والسراج يزعزع المنطقة، وأن اليونان مستعدة لتنفيذ القانون الدولي في ليبيا.

وتقدمت الحكومة اليونانية باعتراض لدى الأمم المتحدة على هذا التفاهم الجديد، لما فيه من انتهاك للقانون الدولي واعتداء على الجرف القاري للبلاد، كما طلبت من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على تركيا.

فيما أعلنت الحكومة القبرصية تقدمها بطلب إلى محكمة العدل الدولية لحماية حقوقها الطبيعية في البحر المتوسط من الاعتداءات التركية.

وقالت مصر على لسان خارجيتها إن اتفاقية أنقرة والرساج ليس لها سند قانوني، لأن مجلس النواب الليبي هو المسؤول عن إبرام مثل هذه الصفقات، وليس رئيس الوزراء.

وأمس السبت، صادق البرلمان التركي على هذا الاتفاق العسكري والأمني حتى تتمكن لأنقرة من تعزيز حضورها في ليبيا التي تطمح من خلالها إلى الاستحواذ على غاز المتوسط.

ويخوض الجيش الوطني الليبي تحالفا منافسا يتصدى لتلك المساعي، يجمع بين اليونان وإسرائيل وجمهورية قبرص ومصر، أضف إلى ذلك الأردن والسلطة الفلسطينية وإيطاليا، وهي دول أعضاء في منتدى غاز شرق المتوسط الذي تم تدشينه حديثا، تلك المبادرة التي تستبعد تركيا.

وتشمل مذكرة التفاهم أيضا اتفاقية عسكرية تتعلق بإرسال قوات تركية إلى ليبيا إذا طلبت حكومة السراج دعما عسكريا. وتشمل هذه المذكرة التعاون في مجالات الأمن والتدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وغيرها من أشكال التنسيق العسكري.

وكان أردوغان قد أشار من قبل إلى استعداد حكومته للنظر في أي طلب للتدخل العسكري يرد من حكومة الوفاق، وهي تصريحات تأتي لوقف خسائر المجموعات المسلحة التي تقاتل في طرابلس لحماية حكومة السراج من الانهيار أمام التقدم الذي أحرزه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منذ بدأ أمعركة حاسمة في العاصمة لاستعادتها من أيدي الميليشيات والإرهابيين.

وتقدم تركيا دعما عسكريا لحكومة الوفاق والميليشيات الموالية لها في طرابلس، في شكل أسلحة وطائرات بدون طيار استهدفتها قوات الجيش الوطني الليبي أكثر من مرة، وقد انتقل ذلك الدعم من السر إلى العلن في الفترة الأخيرة.

وزادت التحذيرات من أن نشر قوات تركية سيكون تصعيدا كبيرا، حيث أدانت الأمم المتحدة سابقا الحكومة التركية واتهمتها بإنتهاك حظر الأسلحة المفروض على أطراف الصراع في ليبيا. لكن يبدو أن تركيا عازمة على تأمين جبهتها في البحر المتوسط عبر استخدام حكومة السراج جسرا للوصول إلى السيطرة على الوقود الأحفوري في مياه البحر المتوسط.

لكن الجيش الوطني الليبي صعّب من مهمة أنقرة في دعم قوات حكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها، حيث تتقدم قوات المشير حفتر بثبات نحو مناطق استراتيجية مهمة في طرابلس من جهة، فيما يحشد البرلمان في طبرق الأطراف الدولية لدعم مطلبها بسحب الاعتراف من حكومة السراج باعتبارها تعدت على السلطات الممنوحة لها وفق اتفاق الصخيرات.

ووصف مجلس النواب الليبي المُنعقد في طبرق الاتفاق التركي مع السراج بأنه "خيانة عظمى"، حيث قالت لجنة الخارجية والتعاون الدولي بالمجلس في بيان إن “النظام التركي داعم للتنظيمات الإرهابية وإن الاتفاقية تهديد للأمن القومي الليبي والعربي وللأمن والسلم في البحر الأبيض المتوسط بشكل عام".

وقال رئيس المجلس عقيلة صالح الذي زار مصر واليونان الأسبوع الماضي، إن المدة القانونية لحكومة الوفاق انتهت منذ سنوات، فهي لم تؤد اليمين الدستورية ولم تنل الثقة بل رفضت من البرلمان مرتين.

وأشار إلى أن ملحق الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق الصخيرات ينص على ضرورة إخراج الميليشيات من طرابلس، لكن السراج بدلا من إخراجهم يستعين بهم وباتوا يسيطرون على القرار بالعاصمة.

من جهتها وصفت وزيرة الخارجية اليونانية السابقة دورا باكوياني الاتفاقية التركية الليبية بأنها “ضربة قاسية”، مشيرة إلى أن تحركات أنقرة في هذا الشأن متطرفة.

وقالت باكوياني في منتدى سياسي حول ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط ​​عقد الأسبوع الماضي في أثينا، إن “الاتفاقية ليس لها آثار قانونية ولا تلزم الأطراف الثالثة، لأنها تتعارض مع الأحكام الأساسية للقانون البحري الدولي، وبالتالي تنتهك الحقوق السيادية لبلدنا”.

وحثت باكوياني الحكومة اليونانية على ضرورة أن تكون أثينا حاضرة في التطورات في ليبيا، ضمن جهودها لإلغاء اتفاقية السراج وأردوغان.

وقالت وزيرة الخارجية اليونانية السابقة إن “المجتمع الدولي لن يقبل بسوريا ثانية في البحر المتوسط، لن يتم قبول سلوك تركيا التدخلي في الدول، وقبل كل شيء من قبلنا، فاليونان ليست ضعيفة، لديها أدوات الضغط والحلفاء”.

وتابعت باكوياني "نحن جزء من التحالف الأوروبي، وهو أكبر شريك اقتصادي لتركيا، من الصعب سياسيا قبول السلوك الإجرامي، حتى من الدول ذات المصالح الخاصة في تركيا".