كتابات..

تصنيف "الحوثي" إرهابية.. ماذا يدور في الكونجرس؟

"أرشيفية"

ماريا معلوف

بالعودة إلى مطلع العام، كان إعلان إدارة "بايدن" بدء إجراءات رفع مليشيا "الحوثي" من قائمة جماعات الإرهاب صادما لكثير من المراقبين.

فقد شددت الخارجية الأمريكية ساعتها على أنه آن الأوان لإيجاد نهاية للصراع الدائر في اليمن، وأعلن وقتها وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أن الصراع اليمني يتعلق بالنسبة لإدارة "بايدن" بأمور مهمة، أولها الالتزام بشدة بالدفاع عن المملكة العربية السعودية من العدوان الحوثي الموجه ضدها، وثانيا الميل إلى لعب دور قيادي ونشط دبلوماسيا لمحاولة إنهاء الحرب بالفعل هناك.

ونذكر وقتها أنه لم تتفق آراء كل الدوائر الأمريكية تجاه قرار "بايدن" برفع مليشيا "الحوثي" من قائمة المنظمات الإرهابية، حيث كان لافتا ما أعلنته مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطية" في واشنطن من أن قرار شطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية "خطأ من إدارة بايدن"، ووصفت المؤسسة هذه الخطوة بأنه من غير المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى "تحسين حالة اليمنيين".

واليوم رأت الولايات المتحدة الإرهاب الحوثي يطالها، حيث اقتحمت عناصر مليشيا "الحوثي" الانقلابية قبل أيام قليلة مقر السفارة الأمريكية في العاصمة اليمنية، صنعاء، ونهبت محتوياته، وقد تابعتُ هنا في واشنطن تسارع وتيرة التحركات في أروقة الكونجرس، للرد على عملية الاقتحام، إما عبر فرض إجراءات عقابية ضد هذه المليشيا أو إعادتها إلى لائحة الإرهاب.

وسمعتُ من بعض المشرّعين البارزين في الكونجرس رغبتهم في الضغط على وزارة الخارجية الأمريكية، للعدول عن القرار الذي اتخذته في فبراير الماضي، بإلغاء إدراج "الحوثي" على القائمة الخاصة بالتنظيمات الإرهابية الأجنبية في الولايات المتحدة، والذي تم في عهد إدارة "ترامب".

وخلال أسبوع مضى، يعمل الجمهوريون في الكونجرس بمجلسيه على تمهيد الطريق لإعادة تطبيق العقوبات على مليشيا "الحوثي" وإعادتها إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية، حيث اقترح السيناتور تيد كروز تعديلاً لإجراء عقوبات، ووزعه على أعضاء مجلس الشيوخ، فيما قدم رسميا تعديلا إضافيا في قانون تفويض الدفاع الوطني، والذي من المتوقع أن يتبناه مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، وفقاً لصحيفة "Washington Free Beacon".

يأتي هذا التعديل بعد شهور من المداولات بين "كروز" وإدارة "بايدن" بشأن هذه القضية، بما في ذلك محاولة السيناتور الضغط على وزارة الخارجية لتوضيح قرارها بخفض العقوبات المفروضة على الحوثيين.

من خلال قراءة ما بين سطور مشروع "كروز"، ندرك أن هدفه إعادة مليشيا "الحوثي" إلى قائمة الإرهاب، وفرض عقوبات عليها تشمل مسؤوليها والمؤسسات التابعة لها أيضاً.

ويُحسب للسيناتور الجمهوري، تيد كروز، اعتماده على إجراء تشريعي يضمن طرح مشروع العقوبات للنقاش والتصويت في مجلس الشيوخ، إذ إنه أدرجه كتعديل ضمن مشروع موازنة الدفاع، التي سيناقشها مجلس الشيوخ، ويمكن وصف "تعديل كروز" بأنه يهدف إلى إعادة طرح العقوبات المرتبطة بالإرهاب على الحوثيين كمنظمة، إضافة إلى تعزيز العقوبات على أفرادها ووكلائها، وذلك في مسعى واضح يهدف إلى الضغط على إدارة "بايدن" لقلب مسارها وإعادة إدراج الحوثيين على اللائحة كما أوضحت سابقا.


في الخلاصة، يمكننا أن نقول إنه لم يعلن الأعضاء الديمقراطيون في مجلسيْ النواب والشيوخ موقفهم من هذا الشأن بوضوح، وإنْ كانت التوقعات تفيد بأن الإجراءات المرتقبة ستحظى بتأييد ممثلي الحزبين الكبيرين في الكونجرس، ومن المرجح أن تحظى الإجراءات المرتقبة بتأييد الحزب الجمهوري على نطاق واسع، في ضوء اقتحام السفارة الأمريكية باليمن، والتي أثارت غضب قادة السياسة الخارجية الجمهوريين في كلا المجلسين.

لا شك أنّ واشنطن باتت اليوم في موقف محرج أمام المجتمع الدولي بعد هذا الاعتداء الحوثي، وهو ما دعاها للتحرك بشكل عاجل لتضييق الخناق على هذه المليشيا، ولن تنظر واشنطن هنا إلى أن مليشيا الحوثي كانت تتبع آلية التصعيد مقابل التصعيد، بمعنى أنّها في كل مرة كانت واشنطن تعمد إلى معاقبة الحوثيين فإنّ المليشيا الإرهابية كانت ترد بتكثيف عملياتها الإرهابية بشكل أو بآخر، ما حمل رسائل تحدٍّ منها للمجتمع الدولي كله، وبالتالي فلا يُستبعد أن تُعيد واشنطن "الحوثي" إلى قائمة الإرهاب ردا على اقتحام سفارتها، كما فعلت عند اقتحام سفارتها في بغداد، إذ عمدت إلى اغتيال أكبر القيادات في فيلق القدس الإيراني وقتها.

لقد شن الحوثيون مئات الاعتداءات عبر الحدود وهددوا المدنيين، وإنَّ أمر خرق سيادة سفارة أجنبية وتهديد واعتقال موظفيها يُظهر بوضوح أن الحوثيين لا يهتمون بالسلام، وهنا دعا المشرعون "الحوثي" إلى إطلاق سراح كل العاملين الأمريكيين والتابعين للأمم المتحدة ووقف حملة المضايقة وإلا سيواجهون "عواقب"، وذلك في تلميح واضح لاحتمال انضمام الديمقراطيين إلى مساعي الجمهوريين في فرض عقوبات على هذه المليشيا، وهو أمر بات في غاية الضرورة، حسب رأي معظم الساسة الأمريكيين.