وسط مقاطعة حركة حماس

فلسطينيات يخضن الانتخابات البلدية أملا في كسر سطوة العشائر

قائمة نسوية خالصة تنشد تحقيق فوز غير مسبوق

برقين (فلسطين)

اجتمعت ثماني نساء فلسطينيات من قرية برقين شمال الضفة الغربية في حديقة خلفية الجمعة، لوضع اللمسات الأخيرة على قائمتهن الخالية من الرجال لخوض الانتخابات البلدية التي تجري السبت، ويتأملن تحقيق فوز غير مسبوق فيها.

واختارت النساء الثماني اسم “قادرات” لقائمتهن، في إشارة إلى قناعتهن بقدرتهن على خوض هذه التجربة التي تعد جديدة في مجتمع ذكوري.

تتنافس القائمة النسوية مع ست قوائم أخرى للفوز بمقاعد المجلس البلدي البالغة أحد عشر مقعدا، في قرية يبلغ تعدادها حوالي 8 آلاف نسمة.

وتُجرى المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية في قرى الضفة الغربية السبت وسط مقاطعة حركة حماس، في حين تُجرى المرحلة الثانية في البلدات والمدن الكبرى في مارس المقبل.

وتقاطع حماس، الحركة الرئيسية المعارضة في الضفة الغربية، الانتخابات احتجاجا على تأجيل الرئيس محمود عباس المتكرر للانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي كان من المقرر إجراؤها في وقت سابق من هذا العام.

ونتيجة لقرار حماس تشكلت قوائم انتخابية بعيدة عن الانتماء الحزبي، فقد أفسح ذلك المجال إلى حد كبير لتشكيل قوائم عشائرية تقليدية، ولخوض حملات تُعنى بقضايا مثل تلك التي اهتمت بها نساء قرية برقين.

ولن تُجرى الانتخابات في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس. وينطبق الشيء نفسه على ستين قرية في الضفة الغربية، حيث لم يسجل مرشحون أسماءهم أو لم تكتمل القوائم، و162 قرية أخرى حيث شُكلت قائمة واحدة فقط ستفوز بالتزكية.

وجلست النساء الثماني في منزل مناصرة للحملة وبعض المؤيدات، اللواتي قمن بلصق شعار القائمة على مرآة صغيرة يضعنها في أكياس وردية توزع على الناخبين والناخبات.

وعلى ملصقات الحملة أرفقت أسماء المرشحين الذكور بصور، لكن أسماء النساء أرفقت بصور زهور أو شموع أو للمسجد الأقصى في القدس. واحتجاجا على هذه الممارسة، اختارت مرشحات قائمة قادرات عدم وضع أي صورة.

وتعرضت النساء الثماني لتهديدات اجتماعية وسياسية من قبل عائلات في القرية وفصائل تخوض هذه الانتخابات لحثهن على الانسحاب، بحسب منسق قائمتهن عبدالباسط خلف.

وقال خلف “تغيرت القائمة 18 مرة قبل تسجيلها بسبب ضغوطات مورست على النساء، حتى إن بعضهن هُددن بالطلاق من قبل أزواجهن. ومنهن من انسحبن لهذا السبب”، غير أن النساء الثماني مصممات على المضي قدما.

وقالت المرشحة ريناد عباس، التي تحمل شهادة جامعية في الخدمة الاجتماعية، “في البداية واجهتنا مشكلات عند طرح الفكرة وانسحبت حوالي 18 امرأة خلال تشكيل القائمة بسبب ضغوطات عائلية، خصوصا إذا تواجد مرشح من العائلة نفسها في قائمة أخرى”.

وأضافت ريناد “نحن ندرك أن أي فكرة جديدة تواجه معارضة واستهجانا، لكننا مستمرات وراغبات في تطوير قريتنا برقين”.

وقالت سبأ خلوف، المحاضرة الجامعية في نظم المعلومات الجغرافية، “لم أجد صعوبة في قبول الترشح للانتخابات، بمجرد طرح الفكرة علي تقبلتها”.

وأضافت “إذا أتيحت للمرأة فرصة المشاركة بالانتخابات فهذا جيد لإثبات وجودها، فمن أهم الأهداف أن تحقق المرأة نسبة ترشح أكبر مما يتيح لها القانون الانتخابي”.

وينص قانون الانتخابات الفلسطينية على ضرورة مشاركة 25 في المئة من النساء على الأقل في أي قائمة انتخابية يتم تشكيلها.

وتمنت سبأ أن تحقق القائمة فوزا كبيرا “كي يكون تقليدا جديدا في باقي التجمعات الفلسطينية”.

وقال زوج إحدى المرشحات، الذي فضل عدم ذكر اسمه، “أنا أدعم زوجتي وأساندها وأتمنى لقائمتها تحقيق فوز كبير، فالنساء لديهن قدرة على العمل المجتمعي أكثر من الرجل”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب “إن هذه الانتخابات ليست لها أهمية سياسية كبيرة، كونها تجري في قرى صغيرة وليس في المدن الكبرى”.

وأضاف أن “بعض المواقع يظهر فيها التنافس العشائري من دون تدخل من الأحزاب السياسية، وسبب ذلك إدراك هذه الأحزاب بأن الصراع السياسي غير مجد في ظل غياب حماس عنها”.

وحول مشاركة النساء في قوائم خاصة بهن، قال حرب إن “هذا التطور باعتقادي تعبير عن غضب نسوي… سببه تجاهل مكانة المرأة في العديد من القوائم الانتخابية ومشاركتها في صنع القرار”.

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية أن الاقتراع سيُجرى في 154 هيئة محلية، ترشحت في كل منها أكثر من قائمة انتخابية واحدة، موضحة في بيان أن “عدد القوائم المرشحة في جميع هذه الهيئات بلغ 573 قائمة، تضم 4.480 مرشحا ومرشحة يتنافسون على 1.514 مقعدا”.

وبلغ عدد النساء المرشحات في جميع القوائم المقبولة 1551 مرشحة، بنسبة 25.9 في المئة من إجمالي عدد المرشحين البالغ 5.978. وتوجد تسع قوائم تترأسها امرأة.

وهذه الانتخابات المحلية هي الرابعة التي تُجرى في الأراضي الفلسطينية، حيث جرت الأولى في العام 2005. وينص القانون الأساسي الفلسطيني على إجرائها كل أربع سنوات.

وكان من المفترض أن تُجرى الانتخابات التشريعية في مايو الماضي والرئاسية في يوليو، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قام بتأجيلها “لعدم سماح إسرائيل بإجرائها في القدس الشرقية”، وهو مبرر عارضته حركة حماس والعديد من الفصائل الفلسطينية.

ويرى محللون أن توقّع فوز حماس في الانتخابات البرلمانية هو السبب الحقيقي وراء تأجيل عباس الانتخابات.