العلاقات المغربية الإسبانية

المغرب ينتظر قفزة سياسية لإسبانيا في ملف الصحراء لتطبيع العلاقات

هل تعترف إسبانيا بمغربية الصحراء؟

الرباط

 يتوقع المغرب مبادرة جدية تقدمها إسبانيا بشأن الصحراء المغربية من أجل عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها في ظل المتغيرات الجيوسياسية بالمنطقة، وذلك بالسير على خطى الإدارة الأميركية في ديسمبر الماضي، أو على الأقل تبني موقف قريب من وجهة نظر المغرب بخصوص قضية الصحراء.

وذكرت صحيفة “أ.بي.سي” الإسبانية أنه مع استمرار الأزمة بين مدريد والرباط لأشهر لم تنجح إسبانيا في إحداث تقارب عملت عليه بهدف عودة العلاقات مع المغرب بالشكل الذي كانت عليه قبل الأزمة الدبلوماسية، مشيرة إلى أن الرباط تنتظر “بادرة كبيرة” لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع مدريد.

وأشارت وسائل إعلام إسبانية إلى أن من بين الأسباب التي تقف وراء عدم وجود أيّ اتصالات رسمية بين مسؤولي الرباط ومدريد بالرغم من انتهاء الأزمة، هو أن المغرب لازال ينتظر أن تقدم إسبانيا موقفا لصالح الرباط، خاصة في قضية الصحراء، كمقابل لإعادة العلاقات الثنائية بين الطرفين.

وأكد محمد الطيار الخبير في الدراسات السياسية والأمنية أن التغييرات الاستراتيجية الكبيرة الحاصلة ستدفع إسبانيا إلى إعادة قراءة التوازنات الجديدة بشكل صحيح، وأن تتجاوز مخاوفها القديمة من المغرب، مضيفا أن حرص مدريد على العمل على وجود جار جنوبي ضعيف، لا يستطيع المطالبة باستكمال وحدته الترابية الحقة، لم يعد ممكنا بل وأضحى مستحيلا، كما أن المراهنة على تغذية الصراع في قضية الصحراء لإلهاء المغرب عن المطالبة بالثغرين المحتلين (سبتة ومليلية) أصبح كذلك مستحيلا وفق قوله.

وغاب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن اجتماع “منتدى الاتحاد من أجل المتوسط”، الذي انعقد في برشلونة الشهر الماضي، وقال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس إن حضور بوريطة للاجتماع كان سيكون “جيدا”، ويُظهر تقاربا إسبانيا – مغربيا ما يؤدي إلى اجتماع ثنائي بين البلدين.

وفي تصريح لألباريس، خلال اللقاء الذي جمعه بستيافان دي ميستورا على هامش الدورة السابعة لمنتدى روما لحوارات المتوسط، أكد على دعم استئناف الحوار السياسي بين أطراف النزاع من خلال دعم جهود المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء، مؤكدا “استعداده للتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي”.

وتعمقت الأزمة بين المغرب وإسبانيا بسبب استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي وتداعيات الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، وعدم عودة كريمة بنيعيش، سفيرة المملكة المغربية المعتمدة لدى المملكة الإسبانية، إلى استئناف مهامها بمدريد، منذ استدعائها للتشاور من طرف الرباط بسبب أزمة استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو في أبريل الماضي، ما يؤكد على استمرار الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

وقال وزير الزراعة والصيد البحري والغذاء الإسباني لويس بلاناس في تصريح لإذاعة “كوبي”  قبل يومين أن العلاقات بين مدريد والرباط “جيدة”، معربا عن استغرابه من عدم عودة السفيرة بنيعيش إلى مدريد بعد حوالي سبعة أشهر من الغياب.

وأضاف المسؤول الإسباني بأن البلدين تحدوهما الرغبة بإقامة علاقات ديبلوماسية في المستقبل في شتى المجالات، كالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرا إلى أن العلاقات الاقتصادية المتعلقة مثلا بالصيد البحري لازالت تعمل بشكل جيد ولازالت السفن الإسبانية تصطاد في المياه المغربية بشكل طبيعي.

ورغم الإفادات الإيجابية للإسبان حول العلاقات الثنائية إلا أن هذا لا ينعكس على أرض الواقع من خلال لقاءات أو تواصل مباشر بين مسؤولي البلدين ما يعني أن الحكومة الإسبانية لازالت لم تقدم ما ينتظره المغرب كترجمة لما تعتبره مدريد شكلا جيدا للعلاقات البينية.

ولفت محمد الطيار في تصريح لـ “العرب” أنه في حال قيام إسبانيا بقراءة صحيحة لما يحدث حولها من تطورات واستيعابها لمضامين خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء والذي أعلن رفض المغرب لكل الخطابات المزدوجة ولكل أشكال الابتزاز التي كانت تنهجها بعض الدول في قضية الصحراء، يمكنها أن تخطو خطوات مهمة في بناء شراكة استراتيجية متنوعة مع المغرب تقوم على الحوار والثقة المتبادلة، ويجعلها تبدد مخاوفها وتصحح موقفها من قضية الصحراء المغربية بشكل يواكب الموقف الأميركي.

وفشلت إسبانيا في إقناع المغرب بعقد اللجنة العليا المشتركة المعطلة منذ أشهر، رغم أن الملفات التي ستناقشها ذات أهمية قصوى على رأسها ملف الصحراء والوحدة الترابية للمملكة التي تمثل أحد مرتكزات السياسة الخارجية للمغرب، إضافة إلى الأمن بالمنطقة والهجرة والتطرف وأيضا المبادلات التجارية واتفاق الصيد البحري.

ولم يعقد مسؤولو البلدين أي اتصالات أو لقاءات مباشرة من أجل الإعلان بشكل رسمي عن البدء في مرحلة جديدة بين الطرفين ونسيان الأزمة الديبلوماسية والدخول في مرحلة التعاون من جديد.

وعلّق الطيار أن مطالب المغرب واضحة لاستعادة العلاقات الثنائية عافيتها، إذ على إسبانيا القطع مع ازدواجية المواقف بتغذية الانفصال بشتى الطرق وتوظيف مكونات مجتمعها المدني من جمعيات ومنظمات حقوقية لدعم الانفصال بالأقاليم الجنوبية المغربية، ناهيك عن تقديم الدعم المباشر لنشطاء جبهة البوليساريو، في وقت تخص المغرب بعبارات المجاملات والأخوة والصداقة، وتعلن مساندتها لمساعي الأمم المتحدة لفك النزاع المفتعل.