اليمن..

الإخوان وخذلان القبائل.. "طعن" اليمن في خدمة الحوثي

"أرشيفية"

الرياض

فرص ثمينة أهدرت في سبيل تحرير اليمن من مليشيات الحوثي سببها "الخذلان المخزي" من قبل الإخوان للقبائل اليمنية.

ووجه إخوان اليمن، الذين يمسكون زمام الملف العسكري لغالبية الجبهات شمال اليمن، سلسلة من الضربات المميتة للقبائل والتي سعت للانتفاضة على القبضة الأمنية والعسكرية لمليشيات الحوثي بل وخاضت معارك هي الأعنف امتدت لأشهر في سبيل إنهاء الانقلاب.


ولا تزال جبال "عتمة" في محافظة ذمار (130 كيلو جنوب صنعاء) تشهد رحى معارك طاحنة خاضتها القبائل ضد مليشيات الحوثي في سبيل التحرير مطلع 2017 وانتهت باجتياح الانقلابيين للبلدة إثر خذلان الإخوان الذين لم يبذلوا أقل جهد عسكري لفك الحصار عنها.

وتكرر الخذلان في "حجور" بحجة إلى الجهة الشمالية الغربية من اليمن مطلع 2019 عندما لم يحرك الإخوان سكون الجبهات في المحافظة لمؤازرة القبائل التي فجرت معارك شرسة استمرت لعدة شهور.


وفيما وفرت مقاتلات التحالف حينها دعما جويا مهما في التصدي لحشود وتعزيزات المليشيات، لم يستغل الإخوان سيطرتهم على القرار العسكري في المنطقة العسكرية الخامسة بالجيش اليمني للتوغل وفك الحصار المميت الذي فرضه الحوثيون على قبائل حجور.

كما عمد الإخوان، وفق مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية"، إلى التآمر على قادة الجيش اليمني المنحدرين من حجور والذين حاولوا تسجيل مواقف مشرفة لإنقاذ ديارهم وذلك عبر عزلهم من مناصبهم وترك القبائل لقمة سائغة للحوثيين.


سجل فاضح

على مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، أصبح للإخوان باليمن سجل فاضح في خذلان القبائل وطعنها من ظهرها، بل تعبيد الطريق أمام مليشيات الحوثي في سبيل إخماد انتفاضاتها الشعبية.

ففي عام 2020 انسحبت ألوية عسكرية محسوبة على تنظيم الإخوان الإرهابي فجأة من جبهات "نهم" شرقي صنعاء وجبهات الحزم بمحافظة الجوف، وتركت القبائل تواجه وحيدة مليشيات الحوثي والتي سارعت في حشد المقاتلين واجتياح البلدات الجبلية والصحراوية.

وفي منتصف العام ذاته، انتفضت قبائل "آل عوض" في محافظة البيضاء (وسط) ضد مليشيات الحوثي انتصارا لدم امرأة تدعى "جهاد الصبيحي" قتلها الانقلابيون بدم بارد وتسبب بتداعي القبائل للثأر لها.

وكان من شأن الإسناد البري لقبائل "آل عوض" أن يفتح جبهة في عمق سيطرة الانقلابيين بالبيضاء، بيد أن قادة الإخوان الذين كانوا يسيطرون على جبهات مأرب المجاورة قيدوا أي تحرك عسكري ما سهل للمليشيات الحوثية في اجتياح مديرية آل عوض وإذلال القبائل بشكل بشع.


ومن ذمار إلى حجة وصنعاء والجوف والبيضاء امتد الخذلان الإخواني إلى تعز (جنوب) عندما فجرت قبائل "الحيمة" شرقي المحافظة مطلع 2021 معارك ضارية ضد مليشيات الحوثي وألحقت بها هزائم مذلة.

لكن انتفاضة القبائل هناك سرعان ما تراجعت تحت رحمة الضربات المكثفة من قبل مليشيات الحوثي والتي اجتاحت القرى بالآليات الثقيلة وقصفتها بالصواريخ، وعمدت للتنكيل بالسكان بعد حصارهم وأعدمت المناهضين لها على الأشجار في مسعى لترهيب القبائل وإخضاعها تحت البطش بقوة السلاح.

طعنة مأرب

ووصل خذلان الإخوان للقبائل اليمنية إلى طعن أقوى قبائل مأرب عقب تسليم الإخوان لمليشيات الحوثي مفاتيح ثمينة لفتح أبواب موصدة ظلت عصية عن السقوط لأكثر من 7 أعوام.

وسلمت قيادات الإخوان الإرهابية جبهات البيضاء في "قانية" و"الصومعة" ومديريات بيحان الـ3 (عين، عسيلان، بيحان) في شبوة دون أي قتال مع مليشيات الحوثي والتي سعت للالتفاف على قبيلتي "مراد" و"بني عبد" جنوبي مأرب ومحاصرتها.


وبعد أكثر من شهر من صمود قبلية "بني عبد" اجتاحت المليشيات الانقلابية قرى المديرية ثم سارعت على ذات النهج العسكري في حصار مديرية "جبل مراد" وإسقاطها لتستكمل سيطرتها على 5 مديريات جنوب مأرب.

وبحسب المحلل والسياسي اليمني شاجع هصام بحيبح فإنه لدى "تسليم الإخوان جبهات قانية في محافظة البيضاء توغلت مليشيات الحوثي نحو جبهة ماهلية ولدى سقوطها في يد الانقلابيين ظلت المعارك في حدود جبل مراد ورحبة والجوبة لأكثر 15 شهرا".

وبحسب بحيبح الذي يعد أحد أبناء مأرب ومن أهم المراقبين للمشهد العسكري في المحافظة فقد "عجزت مليشيات الحوثي عن التقدم في جبهات الجوبة والعبدية وجبل مراد ورحبة، حيث ترابط قبلتا "مراد" و"بني عبد" وهي مناطق ظلت عصية على الانقلابيين منذ أواخر 2014".

لكن "مؤخرا بعد تسليم الإخوان دون قتال لجبهات الجندع وعين وبيحان وحريب لمليشيات الحوثي وجه طعنة في خاصر صمود القبائل في مراد وبني عبد وحتى الجوبة"، وفقا للمحلل السياسي اليمني.

وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مليشيات الحوثي لجأت إلى سياسية الحصار الكامل للقبائل والمديريات التي لم تستطع إسقاطها عسكريا ما مكنها لاحقا من السيطرة عليها بالفعل".

وحمل بحيبح مسؤولية هذا الخذلان المريع لقادة الإخوان الذين يشرفون على هذه المناطق، خصوصا في مديريات بيحان الثلاث، كما يتحملون مسؤولية ضغط مليشيات الحوثي على مدينة مأرب من الجهة الجنوبية والغربية.

معارك الولاء الإخواني

بدوره يعتقد الناشط السياسي مروان عبدالواسع أنه "عندما التحمت قبائل حجور وانصهرت بمختلف توجهاتها في بوتقة واحدة لمواجهة الحوثي، أثار ذلك ذعر القيادات الإخوانية التي لا تريد لأي ولاء آخر أن يعلو فوق الولاء لحزب الإصلاح (الجناح السياسي لتنظيم الإخوان الإرهابي) مهما بلغ الثمن".

ويقول لـ"العين الإخبارية" إن التنظيم الإرهابي يرى أن كل معركة لا تؤدي في نهاية المطاف إلى تسليم زمام الأمور لقيادة التنظيم هي معركة خاسرة، مستشهدا بما حدث لقبائل حجور الذي أذاقت مليشيات الحوثي الويلات وكانت قاب قوسين من النصر في أحد أبرز معاقل الانقلاب شمالي اليمن.

ويضيف أن "الأمر تكرر في كل الجبهات تقريبا، لكنه في مأرب تجاوز مسألة الخذلان إلى الطعنة في الظهر والقلب معا، حيث إنه بعد سقوط بيحان بتواطؤ سلطة الإخوان في شبوة تمكنت مليشيات الحوثي من الالتفاف على قبائل مراد وبني عبد وإسقاط مديرياتها خلال شهر واحد، بعد أن عجزت من اختراقها لأكثر من 7 أعوام".