بأوامر إيرانية
حزب الله العراقي يشن حربًا باردة ضد رئيس الوزراء
حرب باردة اندلعت مؤخرًا بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وحزب الله العراقي التابع لإيران، على وقع ملاحقة الحكومة لقتلة المتظاهرين، وهي اتهامات تشير دائمًا بالميليشيات الإيرانية في العراق، التي يعتبرها العراقيون مسؤولة عن قتل أكثر من 700 من المتظاهرين، وجرح نحو 30 ألفًا.
وقد شكلت الميليشيات المرتبطة بإيران غرفة عمليات لمواجهة إجراءات الكاظمي بعد اعتقال عناصر من حزب (ثار الله) في البصرة؛ لاتهامهم بقتل أحد المتظاهرين، وبحسب تقارير إعلامية فإنه رغم تعرض الكاظمي لضغوط شديدة للإفراج عن القتلة إلا أنه أصر على إحالتهم للقضاء.
ولم يكتف الكاظمي بتلك الخطوة الجريئة، بل إنه أعاد الفريق عبد الوهاب الساعدي رئيسًا لجهاز مكافحة الإرهاب، وهو أهم تشكيل عسكري نظامي، وهي خطوة اعتبر الهدف منها تحجيم الميليشيات الإيرانية، فرغم أن الساعدي شيعي لكنه مقرب من السنة، لاسيما في الموصل التي قضى بها جزءًا من حياته، وقاد عملية تحريرها من داعش، حتى إنهم صنعوا له تمثالًا، لكن الحكومة العراقية السابقة المقربة من إيران أزالته، وأقالت صاحبه؛ ما أثار احتجاجات من السنة دون جدوى.
وتتهم الميليشيات جهاز مكافحة الإرهاب في العراق بأنه مقرب من الولايات المتحدة، بسبب تعاونه مع التحالف الدولي في العراق، وهي تهمة تطال كل مسؤول لا يتبع تعليمات إيران.
وتخشى الميليشيات من أن الكاظمي الذي كان رئيسًا للمخابرات يمتلك ملفات خطيرة عنهم، ويعرف أماكن سجونهم السرية التي عذبوا فيها المتظاهرين، وأنه قد يستخدم هذه الملفات ضدهم حين يتمردون على حكومته.
وقد أصبحت الميليشيات مهددة بقرارات حاسمة من الكاظمي؛ بهدف تحجيم أذرع إيران في العراق، ويتصدر حزب الله العراقي المقرب من إيران مشهد المواجهة مع الكاظمي، باعتباره أقوى تلك الميليشيات.
محنة الديمقراطية في العراق
ورغم أنه منذ 2003 تم إقرار نظام المفترض أنه ديمقراطي في العراق، لكن ظلت الميليشيات والقوى التي تدعمها إيران تمارس وصايتها على العملية السياسية، فمنذ نحو شهر وصف الحزب تكليف رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة بأنه «إعلان حرب»، داعيًا القوى السياسية والشعبية في البلاد إلى رفضه؛ لاتهامه بتزويد الولايات المتحدة بمعلومات عن قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، مكنت من قتلهما بغارة أمريكية على بغداد في 3 يناير الماضي.
ووصفه الحزب، في بيان له بأنه شخصية مشبوهة لا تنطبق عليها المعايير، وأن توليته السلطة تفريط بحقوق الشّعب وتضحياته وخيانة لتاريخ العراق، في محاولة فجة لممارسة وصاية على السلطة التنفيذية.
وقد استغل الكاظمي حالة الانقسام في البيت الشيعي، وحصل على دعم خمس كتل شيعية، بل والتقى قادة كتائب حزب الله الشهر الماضي، واتفق معهم على تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في تصفية قاسم سليماني والمهندس من أجل استرضائهم، وضمان عدم معارضتهم لتوليه السلطة، لكنه ما إن استلم منصبه تجددت مخاوف الميليشيات منه بعد إجراءاته الأخيرة.
ولم تنجح الحكومة خلال السنوات الماضية في دمج كتائب حزب الله ضمن الجيش، وصرف رواتب لمقاتليها، إلا أن هذه الميليشيا ظلت على ولائها لإيران.