وكالات..
خبراء عرب: الدبلوماسية الخليجية وضعت الحوثي بين رحى العقوبات والحصار
ضغوط دولية تستهدف الحوثي وتشكل نتاجا لدبلوماسية خليجية رصينة واجهت فظائع المليشيات وقادت تحركات انتهت بها في مدار العقوبات.
والإثنين، صوت مجلس الأمن الدولي على قرار يصنف مليشيات الحوثي جماعة إرهابية، وإدراجها تحت الحظر المفروض على توريد الأسلحة.
ويعد قرار مجلس الأمن الذي يصنف الحوثي بـ" الجماعة الإرهابية" للمرة الأولى، إنجازا يضاف للدبلوماسية الخليجية بقيادة دولتي السعودية والإمارات، اللتين لم تقفا مكتوفتي الأيدي أمام فظائع الحوثي بحق اليمنيين، وتهديده أمن واستقرار المنطقة.
وعلى مدار السنوات السبع الماضية، انتهج البلدان سياسة النفس الطويل تجاه ممارسات الحوثي التي طالتهما على حد سواء، واعتمدتا دبلوماسية هادئة مكنتهما من انتزاع قرار أممي تاريخي بتصنيف الحوثي منظمة إرهابية.
وأدان قرار مجلس الأمن الأخير هجمات الحوثي الإرهابية العابرة للحدود ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية ودولة الإمارات، وطالب بإجراءات فورية لوقف مثل هذه الهجمات.
وأجمع ٧ خبراء عرب تحدثت معهم "العين الإخبارية" على أن قرار مجلس الأمن يضع الحوثي بين كفي كماشة العقوبات والحصار، مقابل تعزيز موقف التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية في مواصلة جهوده لإعادة الاستقرار لليمن.
مسيرة
عبدالخالق عبدالله، المحلل السياسي الإماراتي، يرى أن "مشروع القرار الذي صدر عن مجلس الأمن بالإجماع ودون أي اعتراض والذي يصنف جماعة الحوثي إرهابية، سيسجل كنجاح مهم للدبلوماسية الإماراتية والخليجية عموما الداعمة للوفد الإماراتي في مجلس الأمن".
وحول رحلة مشروع القرار في مجلس الأمن منذ قدمته دولة الإمارات، يقول عبدالله لـ"العين الإخبارية": "لم يأت هذا القرار بحصوله على الإجماع من العدم، بل يكلل مسيرة عبر الكثير من المفاوضات لكي يحصل على هذا الإجماع وتمتنع الدول الخمس من حق الفيتو عليه".
وشارحا دلالات قرار الأمم المتحدة، يضيف أن "تصنيف الحوثي إرهابية يؤكد أن هذه الجماعة معزولة دوليا وأغلقت في وجهها كافة الأبواب والنوافذ للتواصل مع العالم بعد أن تمادت كثيرا في غيها وتطاولها على دولتي السعودية والإمارات".
ويرى المحلل السياسي الإماراتي أن القرار يصب في صالح ما هو مطلوب بالمرحلة المقبلة للضغط على الحوثي حتى تنهي استهدافها لدول التحالف العربي وتتوقف عن مطامعها في أن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافها.
وتابع أن القرار بقوته ومضمونه سيدفع هذه الجماعة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الملف اليمني الذي زاد تعقيدا خلال الفترة الأخيرة بسبب رغبة المليشيات في الاستيلاء على كل اليمن وخاصة مأرب.
مسار صائب
من جانبه، اعتبر خليل الخليل، الأكاديمي والعضو السابق بمجلس الشوري السعودي، أن في تصنيف مجلس الأمن للحوثي جماعةً إرهابية، خطوة على الطريق الصحيح تأخرت دول ومنظمات واتحادات دولية عن تقريرها والإقرار بها رغم سجل الحوثيين المخزي في التعامل مع الشعب اليمني ودول الجوار.
واستعرض الخليل، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، جرائم الحوثي في كافة المناطق والمدن وفي معسكرات اللاجئين بمأرب وغيرها، وكذلك تصاعد جرائمه في استهداف المدنيين والأعيان المدنية بالصواريخ الباليستية وبالطائرات المسيرة المفخخة في دولتي السعودية والإمارات.
بالإضافة إلى استخدام الزوارق المفخخة لاستهداف الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر والبحر العربي وبحر عمان، وفي المضائق البحرية مثل باب المندب ومضيق هرمز.
ومعبرا عن حقيقة يقرها مراقبون، يقول الخليل إن "الحوثي مليشيات تحارب بالوكالة عن إيران وتمثل في عقيدتها وسلوكها وجرائمها تهديدا حقيقيا على أمن واستقرار اليمن ودول الخليج بل كافة دول المنطقة ودول العالم".
ولفت إلى أن "المليشيات الحوثية ليست سوى أداة سياسية وعسكرية لخدمة التطرف والطائفية في اليمن والمنطقة، وهي المليشيات الإرهابية الأولى في العالم التي تملك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة وجيشا عقائديا مما يوجب مواجهتها وتطويقها والقضاء عليها".
وحول تبعات التصنيف، يقول الخليل إن قرار مجلس الأمن الأخير أكد شرعية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وعزز موقف وجهود التحالف العربي الذي تقوده السعودية في مواجهة الحوثيين الإرهابيين.
كما أن القرار يفرض على المجتمع الدولي التضامن مع الحكومة اليمنية الشرعية، ودعمها عسكريا ودبلوماسيا لتتمكن من القيام بواجباتها تجاه شعبها اليمني الذي مزقته الحرب منذ سنوات.
وخلال السنوات الماضية، اختطفت مليشيات الحوثي اليمن من شعبه وحكومته، وجندت الأطفال لحروب طائفية، وقتلت وشردت واعتقلت الآلاف، بالإضافة لتهديدها الأمن والاستقرار في المنطقة.
ثمار
يقول المحلل السعودي فهد ديباجي إن قرار مجلس الأمن الذي قدمته دولة الإمارات ضد مليشيات الحوثي في اليمن لحظر السلاح عليها وتصنيفها إرهابية، يُعد تطورا جديدا وجيدا وإن جاء متأخرا.
وموضحا ثمار القرار الأممي، يضيف لـ"العين الإخبارية"، أن قرار مجلس الأمن بفرض حظر أسلحة على حركة الحوثي اليمنية يعني ملاحقة دولية لكل من يتورط في عمليات بيع السلاح للحوثي، والأهم من ذلك أن القرار يصنف الحركة كمليشيات، ما يجردها من طموحات معاملتها دوليا كحزب حاكم أو حكومة أمر واقع.
وأشار إلى أن القرار يعني عدم تعامل أي دولة مع الحوثيين أو استضافتهم، ووقف كل المنظمات التي كانت تدعمهم تحت ذرائع واهية، بالإضافة إلى خنقها ماليا وعسكريا وسياسيا.
ويرجح المحلل السعودي البارز قرب نهاية مليشيات الحوثي وخنق حلفائها، متوقعا إعادة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تصنيفها على قائمة الإرهاب من جديد.
بُعد أوسع يشير إليه ديباجي، وهو أن القرار بمثابة ضربة سياسية من التحالف لإيران وأذنابها، ويعني سقوط اتفاق ستوكهولم وجميع الاتفاقيات باعتبارها غير مشروعة في إطار القانون الدولي لمكافحة الإرهاب.
ويرى المحلل السياسي المخضرم أن إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية لما له من آثار ونتائج ستغير الكثير على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي، وحظر السلاح سيكون نتيجة تلقائية وإحدى ثمار التصنيف.
إنجاز
ماجد الكناني، المحلل السياسي السعودي يصف القرار بـ"الإيجابي"، قائلا إنه "يؤكد أهمية الدور السعودي والخليجي (الإماراتي) في القضاء على هذا الخطر الإرهابي الذي يشكل عقبة لكل تطور يمني للإنسان والمكان منذ عقود طويلة".
ويضيف الكناني أن "اليمنيين يعيشون حياة صعبة طيلة السنوات الماضية بسبب الوجود الحوثي، بينما تقود السعودية ودول التحالف بجهود حثيثة لمساندة الشعب اليمني رغم كل المعوقات التي تضعها جماعة الحوثي".
وراسما صورة لهذه الجهود، يقول المحلل السياسي: "في الوقت الذي يعمل فيه الحوثي على تدمير اليمن وشعبه ونشر الدمار والإرهاب، نرى في الجانب الآخر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يوقع الإثنين ٥ اتفاقيات مشتركة لتنفيذ سلسلة مشاريع صحية وبيئية لصالح اليمن".
ويخلص الكناني إلى أهمية القضاء على الحوثي للتوسع في هذه الأعمال الإنسانية، مشددا على أنه "مهم جدا أن يلعب العالم كله دورا فاعلا وحقيقيا في القضاء على هذا الخطر الإرهابي الذي يعيشه أشقاؤنا اليمنيون، وتستخدمه دول معادية للسلام وفي مقدمتها إيران لإثارة الفتن والقلاقل، وتنفيذ أجنداتها الإرهابية باستخدام هذه التنظيمات والجماعات وفي مقدمتها جماعة الحوثي".
أما عبدالله الجنيد، المحلل السياسي البحريني، فلم يختلف عن سابقيه في أن القرار يعد إنجازاً سياسيا للكتلة العربية الحرجة (دولتا السعودية والإمارات) في هذا الملف، خصوصا لاتصاله بملفات حرجة ليس آخرها الملفات الإيرانية قيد النقاش في فيينا.
وبالنسبة له، فإن "إنجازات هذه الكتلة لم تقتصر على هذا الملف، فقد سبق أن حققت اختراقات كبرى في مسارات الملف الفلسطيني، وأهمها اعتراف دول أوروبية كبرى بدولة فلسطين، كذلك حالت دون عدم اعتراف المجتمع الدولي بالثورة التصحيحية، وكذلك دورها المحوري في عقد قمة برلين في يناير (كانون الثاني) ٢٠٢٠ حول ليبيا".
بداية
وفي قراءة لأهمية الوجود الإماراتي بمجلس الأمن، يقول المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي، رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام إنه من "المهم جدا أن يكون لإحدى دول الخليج مقعد داخل مجلس الأمن، ودولة الإمارات وفت وكفت في العديد من القرارات".
وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، يضيف أن "أهمية وجود الإمارات في مجلس الأمن هو تبنيها لمثل هذه القرارات التي تشكل نصرا للدبلوماسية الإماراتية نفسها وكذلك التحرك السعودي والتعاون الخليجي بشكل كامل".
وفي رؤيته لأبعاد التصنيف الأممي للحوثي، يقول الشليمي إن "القرار يؤكد وجهة النظر الخليجية ودول مجلس التعاون بأن الحوثي جماعة إرهابية. الآن رسميا ودوليا وبقرار مجلس الأمن الحوثي منظمة إرهابية وكل من يتعامل معها فهو يدعم الإرهاب، وبالتالي يمس بشكل مباشر ما تقوم به إيران من دعم لهذه المنظمة الإرهابية الحوثية".
ويعتقد المحلل السياسي الكويتي أن منع السلاح عن الحوثي كمنظمة أفضل بكثير من منع السلاح والتعامل مع الأفراد.
ويأمل الشليمي أن يكون هذا القرار بداية لقرارات مماثلة موفقة تخدم المنطقة، لا سيما أن دولة الإمارات أثبتت قدرتها على العبور من الألغام الشائكة سياسيا.
من جهته، يرى الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عايد المناع أن تصنيف الحوثي سيؤدي إلى مزيد من العقوبات والحصار على الحوثي، وسيعزز موقف التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية في مواصلة حربه لإقصاء هذه المجموعة المتمردة، وإعادة الحكومة الشرعية لممارسة صلاحياتها بالكامل على كل الأراضي اليمنية.
ولفت المناع إلى أن "هذه الثمار قد تستغرق وقتا، ولكن هذا لا ينفي أن الخطوة إيجابية بحيث يعرف هؤلاء المتمردون أن المجتمع الدولي لا يقبل بهم ويعتبرهم تنظيما إرهابيا".