اليمن..
المبادرة الخليجية بميزان الشارع اليمني.. ضوء في آخر النفق
آمال عريضة يبنيها الشارع اليمني على دعوة مجلس التعاون الخليجي لمشاورات يمنية - يمنية، معتبرا أنها بمثابة "ضوء في آخر نفق" حرب الحوثي.
ورغم إجماع اليمنيين على الحل العسكري كخيار لوأد المشروع الإيراني وإنهاء حرب يطيل مداها الحوثيون برفضهم جميع مبادرات السلام، فإن معظمهم يأملون أن تقدم المشاورات برعاية خليجية خارطة طريق لتوحيد الصف اليمني واستيعاب كل الفرقاء.
والخميس الماضي، أعلن نايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي استضافة مشاورات يمنية يمنية لإنهاء حالة الحرب والانتقال إلى السلام، في اجتماعات تبدأ من 29 مارس/آذار الجاري إلى 7 أبريل/نيسان المقبل، ودعا كافة الأطراف اليمنية دون استثناء إلى هذه المباحثات.
وفي اليمن، لاقى الإعلان ترحيبا واسعا بدءا من الرئاسة والحكومة وصولا إلى الأحزاب والقوى الفاعلة باستثناء مليشيات الحوثي التي أعلنت رفضها وصعّدت عدوانها بشكل كبير عبر سلسلة هجمات إرهابية باتجاه الأراضي السعودية.
"العين الإخبارية" نزلت إلى الشارع اليمني ورصدت آراء مواطنين يمنيين وتطلعاتهم من المشاورات برعاية مجلس التعاون الخليجي بعد اكتسابها ثقة شعبية واسعة النطاق إثر دور المجلس في المبادرة الخليجية لعام 2011 والتي أنقذت البلاد من السقوط حينها.
دعوة صادقة
المواطن اليمني منصور الأتام، يرى أن دعوة مجلس التعاون الخليجي لعقد مشاورات يمنية يمنية "صادقة"، وتأتي "كضوء في نهاية نفق حرب الانقلاب الحوثي، ومن شأنها إصلاح خلافات الفرقاء اليمنيين وإنهاء القتال المستمر منذ 8 أعوام".
ويقول منصور إن المشاورات الخليجية تطرح فرصة جدية بالاعتماد على الحوار بدلا من لغة الرصاص، داعيا كل الأطراف اليمنية لاستثمارها ليس في الإصلاح السياسي فقط، ولكن لبدء مرحلة جديدة من البناء اقتصاديا وعلى مستوى مؤسسات الدولة.
وبخصوص رفض الحوثي للمشاورات والرد على السلام بالهجمات، يعتقد منصور (50 عاما)، أن ذلك يسلط الضوء مجددا على تعنت ووأد المليشيات لكل مبادرات السلام، والتي كان آخرها رفض استقبال المبعوث الأممي بصنعاء ورفض المبادرة السعودية وقبلها التنصل من تعهدات اتفاق ستوكهولم الموقع أواخر 2018، برعاية أممية.
وبالنسبة له، فإن رفض مليشيات الحوثي لا يعني فشل المبادرة الخليجية الجديدة، بل قد تصنع محطة فارقة في توحيد الصف اليمني وبناء مؤسسة عسكرية وطنية تقود الحسم العسكري لإخضاع الانقلابيين بلغة القوة.
من جانبه، يعتبر الطالب الجامعي نصير حسان، أن "الخبرة الطويلة في المفاوضات مع مليشيات الحوثي لا تمنحنا أملا كبيرا في التعويل عليها، لكن الجديد في هذه المشاورات يكمن في أن مجلس التعاون لدول الخليج العربي هو من دعا إليها، وهذا يمنحنا ثقة بصدق النوايا العربية بإنهاء الحرب، وتخليص السكان من ويلات العذاب اليومي الذي يعيشونه".
وأعرب الطالب اليمني عن أمله بأن تكون هذه المشاورات محطة فاصلة للأطراف اليمنية لتراجع موقفها السياسي، وتدفع نحو وقف الحرب وإنقاذ السكان خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي ممن يعيشون تحت وطأة الانتهاكات والاضطهاد.
عراقيل الأجندة الإيرانية
ينظر الكثير من اليمنيين في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي بإيجابية للمشاورات باعتبارها محطة لرسم خارطة طريق تفوت الفرصة على مليشيات الحوثي وعلاقتها الوثيقة بإيران التي تعرقل أجندتها السلام.
وبحسب الطبيب اليمني محمد منصور (35 عاما)، فإن "مليشيات الحوثي ذات الارتباط الإيراني الوثيق ليس في وسعها تقبل وقف المعارك، لأن ذلك ليس ضمن الأجندة الإيرانية، والسلام يفقدها السيطرة على المدن الواقعة تحت سيطرتها لأنها بلا شعبية وباتت رقعة الاحتجاج تتسع بصمت بإدراك الناس أنه لا يمكن التعايش معها".
ويتوقع محمد أن يؤدي رفض مليشيات الحوثي للسلام وتقديم نموذج تنموي في المناطق المحررة إلى انفجار انتفاضة شعبية بمناطق الانقلاب الخاضعة لقبضة أمنية منعت المواطنين من التعبير عن آرائهم.
ويتساءل: "المواطنين الذين تجرعوا مرارة الانتهاكات الحوثية وفقدوا أحباءهم، هل سينسون ذلك وسيصفحون عن القتلة بتلك السهولة؟، بالطبع لا".
من جانبه، يرى جميل الراسني، وهو رجل أعمال يمني، أن هناك جوانب عدة تدفع مليشيات الحوثي لعدم تقبل الحوار في مقدمتها ارتباطها بطهران التي لا تحبذ ذلك.
ويضيف أن طهران "ترى أن وجود مليشيات الحوثي واحتفاظها بالسلاح بمثابة خنجر في خاصرة جنوب شبه الجزيرة العربية، تستخدمه لإلحاق الأذى باليمنيين والسعودية والعرب ككل متى ما أرادت".
ويعتقد رجل الأعمال اليمني أنه "في حال أفرزت المشاورات الخليجية مخرجات توحد الصف المناهض للانقلاب، وذهب الجميع إلى تغذية الانتفاضة الشعبية وزعزعة القبضة الأمنية الحوثية شمالا، فسيدفع ذلك المواطنين إلى إعلان الرفض الشعبي لها، وقد يتطور الأمر إلى أساليب أكثر تقدما مما نعتقد".
ويؤكد جميل (40 عاما) أن "سكان المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي يريدون بالفعل إزاحة تلك الغمة عنهم بأي ثمن، لكن من المستبعد حدوث ذلك بالقريب العاجل في ظل وجود رؤى سياسية مختلفة في المعسكر المناهض للشرعية، إلا في حال حققت المشاورات الخليجية اختراقا جوهريا في هذا الجانب".
كما أشار إلى أن اليمنيين ليسوا وحدهم من يتطلع للسلام وإيقاف الحرب، وإنما العالم بأسره الذي يرى أن وقف المعارك يمهد لعودة الحياة وتجنب الأزمة الإنسانية.
أما عبد الوهاب عباد، فيعتقد أن تحقيق السلام مع مليشيات الحوثي هو أقرب إلى الوهم، مستدركا أن "الجهود التي يبذلها مجلس التعاون الخليجي قد تمنح اليمنيين آمالا بشأن جوانب عديدة خاصة الإصلاح الاقتصادي والإغاثي وبناء مؤسسات وطنية للدولة".
ويوضح عبد الوهاب بالقول إنه في ظل الانعدام التام لأي أفق للسلام مع الحوثي، فإن خيار إعادة تصويب المعركة العسكرية وتفعيل كافة الجبهات تحت قيادة عسكرية واحدة ذات كفاءة، تشكل المخرج من نفق حرب الانقلاب.
وأعرب عبد الوهاب عن أمله بأن تتحمل القوى الفاعلة والأحزاب والرئاسة اليمنية مسؤوليتها في المشاورات الخليجية لبحث مخرج وإيجاد خارطة للحل تراعي كلفة 8 أعوام من الحرب.