البنتاغون: سحب بعض القوات الروسية محاولة لتحقيق أهداف أخرى خصوصاً في دونباس

تشكيك بإعلان الكرملين وقف «العملية العسكرية» في كييف

حواجز أقيمت في قرية ملايا أليكسندروفا قرب العاصمة كييف

واشنطن

تؤكد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، على أن الإعلان الروسي عن وقف الهجوم على العاصمة الأوكرانية كييف، لا يشير حتى الساعة إلى أن العملية العسكرية قد تتوقف قريباً. وشكك المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي بنيات روسيا في الابتعاد عن كييف، قائلا إن الأمر قد لا يكون أكثر من عملية إعادة تموضع تحضيرا، إما لهجوم جديد، أو للتركيز على أهداف عسكرية بديلة وربما أكثر نجاحا.

- الانسحاب من كييف حيلة
وهو ما أكدت عليه أوكرانيا ودول غربية أخرى، قائلين إن الانسحاب الروسي من مناطق قرب العاصمة كييف، حيلة لإعادة تجهيز القوات الروسية، بعد أن منيت بخسائر فادحة، رغم القصف الذي نفذته على مدن أخرى يوم أمس والمضي قدما في تدمير مدينة ماريوبول المحاصرة.

وبعد 5 أسابيع على بدء الغزو الروسي الذي لم يتمكن حتى الآن من السيطرة على أي مدينة كبيرة، قالت روسيا إنها ستقلص العمليات بالقرب من كييف ومدينة تشيرنيهيف الشمالية، «لزيادة الثقة المتبادلة»، من أجل محادثات السلام. وقال كيربي في مؤتمر صحافي عقده في البنتاغون: «الروس قالوا إنهم يسحبون قواتهم من جميع أنحاء العاصمة الأوكرانية كييف، وحتى الآن، تُظهر التقارير أن بعض القوات الروسية، وليس الكثير منها، ابتعدت بالفعل عن المنطقة. لكن إلى أين تتجه تلك القوات، ولماذا من غير المرجح أن تكون إشارة إلى استعدادها لإنهاء حرب دموية وغير قانونية، أو أن تكون مجرد إعادة تمركز للقوات في مكان آخر، للتركيز على أهداف عسكرية بديلة وربما أكثر نجاحاً». وقال كيربي: «علينا أن نكون مستعدين لمراقبة هجوم كبير على مناطق أخرى في أوكرانيا، فالالتزام الحقيقي الذي يمكن تصديقه، هو الذي يتضمن انسحابا كاملا لجميع القوات الروسية».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهته، أوضح أنه لا يعتد بما تقوله موسكو ظاهريا. وقال: «الأوكرانيون ليسوا ساذجين... لقد تعلموا بالفعل خلال 34 يوما من الغزو وخلال السنوات الثماني الماضية من الحرب في دونباس، أن الشيء الوحيد الذي يمكنهم الوثوق به هو النتيجة الملموسة».

وقال أوليكس أريستوفيتش مستشار الرئاسة الأوكرانية، إن موسكو تنقل بعض القوات من شمال أوكرانيا إلى الشرق، حيث تحاول تطويق القوات الأوكرانية الرئيسية هناك. وأوضح أن بعض الروس سيظلون بالقرب من كييف لتقييد تحركات القوات الأوكرانية.

- بوتين ضلل العالم وشعبه
المتحدث باسم البنتاغون، قال إن الروس كانت لديهم فرص عدة خلال الشهر الماضي لإنهاء الحرب لكنهم فقدوها. «اليوم يمكن أن تنتهي إذا فعل الرئيس بوتين الشيء الصحيح، وقام بسحب قواته». وقال كيربي: «لقد حاول منذ البداية تضليل العالم وشعبه بشأن نياته تجاه أوكرانيا». وأضاف، ما نراه هو محاولة ترويج جديدة لأهداف الحرب يتم تسويقها لجمهوره المحلي، عبر الإيحاء بأن الحرب التي مضى عليها أكثر من شهر، هي (لتحرير سكان دونباس). ومع ذلك، فإن الخطاب المكثف خلال العام الماضي وفي الفترة التي سبقت الغزو الروسي، أظهر أن نية الكرملين الحقيقية كانت الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا واحتلال أو ضم أجزاء كبيرة من أوكرانيا». وحدد كيربي نهجا ثلاثي الأبعاد لكيفية تقييم البنتاغون لروسيا التي ربما خططت لتحقيق هذا الهدف. وقال إن الروس ركزوا جهودهم في الشمال والشمال الشرقي على مدن كييف وتشرنيهيف وخاركيف.

وأضاف «هذا التجمع الشمالي برمته كان مصمما حقا ضد العاصمة في محاولة لعزلها». وفي الجزء الجنوبي من أوكرانيا، كان الهجوم قادما من شبه جزيرة القرم، حيث قسم الروس قواتهم إلى الشمال الشرقي نحو ماريوبول والشمال الغربي إلى خيرسون، حيث حاولوا أيضا الاستيلاء على ميكولايف، وهو ما لم يتمكنوا من القيام به.

وقال كيربي، في الشرق، في دونباس، كان هناك بالفعل صراع منذ ثماني سنوات، ووضع الروس المزيد من الموارد هناك لتعزيز أهدافهم. ورغم اقتناعه بأن كل هذه الجهود كانت جزءا من جهد أكبر لإخضاع أوكرانيا بالكامل، لكنها فشلت. لذلك نعتقد أنهم الآن سيعطون الأولوية للشرق، بعدما توقفوا في الشمال، وتوقفوا في الجنوب، بعد الأيام الأولى مما أحرزوه من تقدم هناك.

وزارة الدفاع البريطانية أكدت في إفادة استخبارية أن الإعلان عن تركيز موسكو الآن على جنوب شرقي أوكرانيا، يعد «اعترافا ضمنيا، على الأرجح، بأنها تكافح من أجل الحفاظ على أكثر من محور تقدم مهم».

وأضافت أن موسكو اضطرت لسحب قواتها من محيط كييف إلى روسيا وبيلاروسيا، لإعادة الإمداد والتنظيم بعد الخسائر التي منيت بها، مرجحة أن تعوض روسيا قدراتها المحدودة على الأرض، من خلال تكثيف القصف المدفعي والصاروخي. وهو ما أكد عليه المتحدث باسم البنتاغون، قائلا إنه رغم الخسائر الروسية، فإن قواتها لا تزال قادرة على إلحاق الأذى والدمار بشكل كبير ضد كييف وغيرها من المدن، وهو ما لا نزال نشهده رغم إعلانات خفض التصعيد التي أصدرتها وزارة الدفاع الروسية. وقال كيربي، من غير الواضح الآن ما هي الإجراءات التي ستتخذها روسيا بعد ذلك في أوكرانيا، أو ما هي أهدافها النهائية هناك. وأضاف «الإحاطات الإعلامية التي قدمتها وزارة الدفاع الروسية كانت مضللة وترقى إلى جهود لإعادة صياغة العثرات الأخيرة كخطوات وسيطة لتحقيق أهدافها النهائية».

وأكد أنه «من السابق لأوانه الحكم على الإجراءات الإضافية التي قد يتخذها الكرملين... لكن لا يمكن لأي قدر من التدوير أن يخفي ما شهده العالم خلال الشهر الماضي، من الشجاعة والبراعة العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية وشعبها، والتي تثبت أنها أكثر مما راهنت روسيا وساومت من أجله في غزوها غير المبرر». وقال كيربي إن أساس تلك البراعة العسكرية كانت سنوات من التدريب العسكري للأوكرانيين من قبل الولايات المتحدة والدول الحليفة والشريكة، بالإضافة إلى الدعم المادي الذي سيستمر تقديمه، لتلبية حاجاتهم للتصدي بشجاعة لهذا العدوان الروسي.

- روسيا تهاجم جوهر الأمن الأطلسي
من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن الحرب التي تسبب بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تسببت في خسائر فادحة في صفوف المدنيين وأجبرت ملايين الأوكرانيين الأبرياء على الفرار من بلادهم. وأضاف خلال استقباله وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت في البنتاغون، أن روسيا، لا تهاجم فقط أوكرانيا، بل تهاجم أيضاً المبادئ التي تشكل جوهر الأمن عبر المحيط الأطلسي. وقال أوستن «نحن فخورون بالوقوف إلى جانب حلفائنا وشركائنا في دعم أوكرانيا وسيادتها وفرض عواقب على روسيا بسبب عدوانها». «وقوفنا معاً يرسل رسالة واضحة، أن أي تحدٍ لأمننا سيواجه رداً حازماً وموحداً، والتزامنا بالدفاع الجماعي لحلف الناتو صارم».

وقال أوستن، إن ألمانيا أظهرت الآن، قيادة هائلة في هذه اللحظة الحاسمة، وقرارات مستشارها في دعم القوات المسلحة الألمانية «جريئة وتاريخية»، مؤكداً التطلع للعمل معها لتنفيذ هذه التغييرات المهمة. وأضاف «نحيي قرار ألمانيا إرسال مساعدات أمنية إلى أوكرانيا. فقد ساعد هذا في إلهام الحلفاء والشركاء الآخرين ليتبعوه». وأشاد بقرار الاستثمار في القوات الألمانية، والتعهد بإنفاق أكثر من 2 في المائة من ناتجها القومي على الدفاع وإنشاء صندوق خاص للقوات المسلحة، متطلعاً إلى المزيد.

من ناحيتها، قالت لامبريخت، إنها علامة جيدة جداً أن نرى أن العلاقة بين الولايات المتحدة وألمانيا جيدة، ومستدامة ودائمة، خاصة في السياسة الدفاعية في هذه الأوقات العصيبة. وأضافت؛ لذلك تمكنا من إظهار أننا كنا قادرين على توحيد الناتو، وأننا تمكنا من توحيد أوروبا ضد الرئيس بوتين في شكل العقوبات التي قررناها معاً، وخاصة من خلال الدعم الذي أظهرناه لحلفائنا في هذا التحالف. ويعود الفضل في ذلك في الغالب إلى الولايات المتحدة؛ لأن هذا الجهد هي التي تقوده إلى حد كبير. وقالت، إن الوحدة والتماسك الذي أظهرناهما، أمر بالغ الأهمية للرئيس بوتين؛ لإفهامه أنه لا يستطيع دق إسفين بيننا، وأنه لا يمكن تقسيمنا وأنه يعلم أننا نقف إلى جانب حلفائنا.

وأضافت لامبريخت «أن تكون شريكاً موثوقاً به في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ليس مجرد كلام بالنسبة لنا كألمان. وهو ما دفعنا إلى اتخاذ قراراتنا الخاصة للغاية، كتسليم الأسلحة إلى منطقة يوجد بها صراع، وتوجد فيها بالفعل حرب يتم شنها، وهذا قرار خاص جداً بالنسبة لألمانيا». وأضافت، لكن كان من الضروري اتخاذ هذا القرار؛ لأننا رأينا أن الاتفاقيات قد تم كسرها، وقيلت تلك الأكاذيب وبدأت حرب عدوانية وحشية؛ ولهذا السبب يتعين علينا اتخاذ تلك القرارات الحاسمة للغاية. كان علينا إعادة التفكير في موقفنا بشأن بعض الموضوعات؛ لأننا أردنا أن نكون شريكاً موثوقاً به.