آية الله علي خامنئي يلقي بالمسؤولية على الولايات المتحدة

المحادثات النووية مع إيران تصل إلى طريق مسدود

مستقبل البلاد لا يجب أن يكون مرهونا بنتيجة المفاوضات

بروكسل

 تبذل دول عربية وأخرى من الاتحاد الأوروبي جهودا مكثفة، للحيلولة دون انهيار مفاوضات فيينا بين الدول الكبرى الست وإيران حول الملف النووي الإيراني، وعودة طهران للامتثال إلى الصفقة الموقعة عام 2015.

ومنتصف أبريل، أعلن الفريق الإيراني المفاوض في محادثات فيينا توقف المفاوضات مع الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا، بعد اتهامات إيرانية وجهها عضو وفد طهران المفاوض محمد مرندي، إلى الولايات المتحدة بتغيير سلوكها وتوجهاتها في المفاوضات بشكل مفاجئ، دون المزيد من التفاصيل.

وبذلك فإن الموقف الإيراني الأخير يكون قد أطاح بأشهر من تفاؤل أبدته الوفود الأوروبية بتوصل وشيك، والتصريحات الأميركية عن إمكانية التوصل إلى اتفاق “قريب”، واعتقاد واشنطن استنادا على تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس في الرابع من أبريل، بوجود فرصة للتغلب على الخلافات المتبقية مع إيران في المحادثات حول ملفها النووي.

وبموجب اتفاق عام 2015، رفعت الأمم المتحدة ودول عدة عقوبات اقتصادية وعسكرية على طهران، التي استثمرت بالعشرات من المليارات المحررة في دعم وتمويل الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، وفق مسؤولين خليجيين وأميركيين.

وفي أجواء من تفاؤل الأطراف المعنية بالاتفاق النووي، صرّح عدد من أعضاء الوفود في الأسابيع الأخيرة، بمن فيهم الوفد الإيراني، أن ثمة تقدما في مسار المفاوضات، وأن هناك اتفاقا وشيكا من المحتمل الإعلان عنه بعد تخطي بعض الخلافات، التي وصفت بأنها “خلافات يمكن تجاوزها مرحليا” مثل إزالة الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب، وما يتعلق بالعقوبات الأميركية والأرصدة الإيرانية المجمدة وقضايا خلافية أخرى.

وأشار سعيد خطيب زادة المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إلى أن المفاوضات مع الدول الخمس، الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا “استُكملت ولم تبقَ أي نقطة للمناقشة”، وأنه “لا يبقى سوى قرارات واشنطن”.

ونتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا، توقفت مفاوضات فيينا لعدة أسابيع بعد مطالبات روسية بألا تؤثر العقوبات الغربية على موسكو في علاقاتها التجارية مع طهران.

وتلقت روسيا ضمانات أميركية بشأن مطالبها حول علاقاتها التجارية مع إيران، دفعت وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان إلى التصريح بقرب التوصل إلى اتفاق جديد في مفاوضات فيينا.

ويرى خبراء ومتابعون لمفاوضات فيينا، أن رغبة الدول الأوروبية في تسريع العودة إلى المفاوضات وتقديم بعض التنازلات لإيران قد تكون مرتبطة بحاجة السوق الدولية إلى النفط الإيراني لتعويض نقص الإمدادات الروسية، في حين تحاول الولايات المتحدة عدم تقديم المزيد من التنازلات وحث دول خليجية مثل السعودية والإمارات على زيادة إنتاجهما من النفط.

لكن الدول الخليجية لا تزال متمسكة بموقفها من عدم الاستجابة للرغبات الأميركية، مع التأكيد على حقها في أن تكون طرفا فاعلا في مفاوضات فيينا، حيث إن هذه الدول، إضافة إلى إسرائيل، هي الأكثر تأثرا بتداعيات إنتاج إيران سلاحها النووي في أجواء من العلاقات المتوترة مع طهران.

في مقابل ذلك، فإن توصل مجموعة العمل المشترك إلى اتفاق مع إيران، من شأنه أن يعيد حسابات بعض الأطراف الإقليمية في مواجهة التحديات الإيرانية الجديدة بعد رفع العقوبات عنها وتحرير أصولها المالية.

ومن هذه التهديدات، احتمالات زيادة دعم الجماعات الحليفة لإيران، والتي تهدد أمن دول عدة منها: السعودية والإمارات وإسرائيل والعراق ودول أخرى، ما لم تواصل بعض الدول مثل السعودية مباحثاتها مع طهران؛ لتخفيف حدة التوتر في المنطقة، وتقديم ضمانات بعدم دعم الأنشطة المزعزعة للاستقرار أو دعم الجماعات المسلحة، مثل ميليشيا الحوثي في اليمن.

وتأمل بعض الدول الخليجية في توقيع اتفاقية أمنية إقليمية بين دول المنطقة بما فيها إيران، بعد توقيع مجموعة العمل المشتركة وإيران على اتفاق الملف النووي، حسب تصريحات لوزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية في منتدى الدوحة في السابع والعشرين من مارس الماضي.

لذلك، فإن سياسات إدارة الرئيس بايدن تسعى في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاق مع إيران حول ملفها النووي، بعد الحصول على ضمانات من طهران، تتعهد بموجبها بتخفيف حدة أنشطتها وأنشطة القوى الحليفة لها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، في مقابل إزالة الحرس الثوري من لائحة الإرهاب وتزامن العودة إلى اتفاق عام 2015 بالرفع التدريجي للعقوبات الأميركية.