اقتراب استحقاقات هامة يحتم تحسين سياسات الحكومة

تعديل حكومي يلوح في الأفق بسبب ضعف أداء بعض الوزراء في تونس

تصاعدت في تونس وتيرة الانتقادات لأداء الحكومة برئاسة نجلاء بودن حتى من قبل أبرز الموالين للرئيس قيس سعيد ما عزز التكهنات بقيام رئيس الجمهورية بتعديل حكومي لضبط أوتار الفريق الحكومي، خاصة في ظل الاستحقاقات التي تنتظره على غرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد.

تركة ثقيلة تواجهها بودن وحكومتها

تونس

 بدأ يلوح في الأفق تعديل حكومي في تونس مع تصاعد الانتقادات لحكومة نجلاء بودن وبعض وزرائها خاصة مع استمرار مراوحة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مكانها وحدوث تجاذبات داخلية سببتها بعض خيارات الحكومة.

وألمح رئيس “حركة الجمهورية إلى الأمام” عبيد البريكي الذي كان من أوائل الشخصيات السياسية التي التقاها الرئيس قيس سعيد في موفى الأسبوع الماضي في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام محلية إلى إقرار سعيد بفشل بعض الوزراء، قبل أن يتراجع عن تصريحه لاحقاً مبينا أنه أُخرج من سياقه.

وحتى قبل التصريح المذكور تطرقت تقارير محلية وشخصيات سياسية لامتعاض بسبب أداء الحكومة، مرجحة أن يتم تعديل وزاري لاسيما في ظل الوضع الحساس الذي تمر به البلاد حيث تتأهب لاستفتاء على إصلاحات سياسية ودستورية من المرتقب أن يجري في الخامس والعشرين من يوليو المقبل، وأيضا لمحادثات حاسمة مع صندوق النقد الدولي على تمويل جديد.

وقال البريكي الذي يؤيد بقوة توجهات الرئيس سعيد إن “أداء الحكومة لم يرتق إلى مستوى التحديات المطروحة خاصة في علاقة بالوعود والأهداف التي حددها رئيس الجمهورية في الخامس والعشرين من يوليو، وإلى جانب أهداف أخرى لا تقل أهمية مثل مكافحة الفساد الإداري والمالي وكشف ملفات الاغتيالات، هناك هدف آخر يتمثل في تحقيق أهداف الثورة ومطالبها".

وأضاف أنه "بالإضافة إلى الخرجات الإعلامية غير الموفقة لبعض الوزراء، هناك عدة مشاكل وهذا هو التقييم العام لأداء الحكومة في انتظار ما سيقرره رئيس الجمهورية بإجراء تغيير شامل أو تعديل حكومي أو غيره لأن ذلك من مشمولاته باعتباره يرأس السلطة التنفيذية".

وتابع في تصريح لـ"العرب" أن "أول هذه المطالب هو التشغيل والإجراءات الاجتماعية لفض القضايا العالقة وتوفير موارد مالية لميزانية الدولة من أجل التقليص من الصعوبات وهذه الحكومة لم تتقدم في هذه المجالات ما جعل مردودها لا يرتقي إلى مستوى التحديات المطروحة عليها".

ولم يسبق للرئيس سعيد أن تحدث عن تعديل حكومي أو بعث بإشارات في هذا الصدد، لكن الانتقادات تزايدت لوزراء معينين من قبل أطراف سياسية موالية لرئيس الجمهورية شأنهم في ذلك شأن محللين سياسيين محسوبين عليه.

وتستعد الحكومة لجولة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسط خلافات مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقول إنه يرفض خيارات الحكومة في هذه المفاوضات.

ولا يمكن فصل موقف الاتحاد من الإصلاحات التي يشترطها صندوق النقد عن المفاوضات بينه وبين الحكومة وما رافقها من تجاذبات متعلقة أساسا بالمنشور عدد 20 الذي أصدرته الحكومة ويحدد آليات تفاوض الوزراء مع الاتحاد.

وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الثلاثاء عن تعديل هذا المنشور مشيرا في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن التعديل تم بالاتفاق مع اتحاد الشغل.

وقال الزاهي إنّ هذه التعديلات سيتم الإعلان عنها في اجتماعات لجنة 5 زائدا 5 بين النقابة والحكومة وذلك بعد يوم من تجديد الاتحاد دعوة الحكومة إلى التراجع عن هذا المنشور وتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالترفيع في الرواتب.

وقال المحلل السياسي هشام الحاجي إنه "من الناحية الموضوعية أصبح من الضروري تعديل الأوتار في حكومة السيدة بودن للعديد من الأسباب، فالحكومة تبدو بدون برنامج واضح وتكتفي ببعض الشعارات العامة دون سياسة واضحة وقابلة للتنفيذ".

ويأتي ذلك في وقت يسود فيه الترقب لانطلاق المفاوضات بين صندوق النقد الدولي وتونس الساعية للحصول على قرض جديد في ظل الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحت وطأتها والتي تتزامن مع مرحلة انتقالية دشنها الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

وأضاف الحاجي في تصريح لـ"العرب" أن "نسق الإنجاز أيضا ضعيف للغاية سواء في ما يتعلق بقطاعات في الداخل أو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وموقع تونس في الساحة الدولية، كل هذا يبعث برسائل سلبية عن الحكومة. والنقطة الأخرى تتمثل في مؤشرات حول عدم قدرة رئيسة الحكومة على إدارة الفريق الحكومي، هذا كله يجعل من الضروري إحداث تغيير قد يعطي دفعاً للعمل الحكومي".

وقالت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية إن لقاء وصفته بالمهم جدا جمعها بالمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا وذلك على هامش منتدى دافوس.

وكشفت نمصية في تصريحات لوسائل إعلام محلية عن أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قد تنطلق بعد أقل من شهر، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي مؤشر يؤكد أن الصندوق لن يدعم تونس.