تحديات سياسية واقتصادية متزايدة تعترض طريق الشرعية اليمنية

ملفات ساخنة أمام المجلس الرئاسي في اليمن

مجلس حديث التشكيل أمام مشكلات متراكمة

اليمن

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة تظاهرات شعبية احتجاجا على ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتردي الخدمات، بعد مرور 76 يوما على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، في ظل تحديات سياسية واقتصادية وعسكرية متزايدة تعترض طريق الشرعية اليمنية.

وفي أبرز رد حكومي على حالة الاحتقان الشعبي في مناطق الشرعية، قال رئيس المجلس رشاد العليمي في بيان قصير نشرته الحسابات الرسمية التابعة للرئاسة اليمنية على منصات التواصل الاجتماعي إنه تابع “بألم شديد واهتمام بالغ الاحتجاجات الشعبية في مدينة عدن ويتفهم أسبابها ومبرراتها".

وطالب العليمي بمنح أعضاء المجلس الرئاسي “المزيد من الوقت لمعالجة المشكلة وتجاوز هذه الأزمات المركبة”، مشيرا إلى أن المجلس سيلزم “الحكومة القيام بواجباتها بطريقة مختلفة عما كان في السابق، ليكون الوزير فيها موظفا في خدمة الشعب".

وقالت مصادر مطلعة لـ"العرب" إن رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي اليمني يجرون اتصالات في العاصمة السعودية الرياض التي عادوا إليها في ختام جولة خارجية شملت الكويت والبحرين ومصر وقطر، بهدف الحصول على دعم طارئ من التحالف العربي في المجالين الاقتصادي والخدمي وتسريع صرف المنحة المالية التي وعدت بها الدولتان عقب تشكيل المجلس.

ويأتي تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني في ظل أوضاع اقتصادية متفاقمة في المحافظات الجنوبية المحررة، وانهيار متسارع في منظومة الخدمات، إلى جانب تعقيدات سياسية في المشهد ومؤشرات على استعداد الحوثيين لجولة قادمة من المواجهات العسكرية.

ويقول الباحث الاقتصادي عبدالحميد المساجدي في تصريح لـ”العرب” إن التحديات الاقتصادية تتصدر عمل المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية. وأضاف المساجدي أن “تشكيل المجلس الرئاسي جاء في ظل شلل للخدمات العامة وعجز حكومي عن توفيرها وارتفاع في الأسعار وتراجع مستمر للعملة الوطنية، وانقطاع للكهرباء وعقم في الإدارة الحكومية، واستشراء للفساد، وبطئ في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة".

وأشار إلى أن المجلس الرئاسي يجب أن يشكل غرفة عمليات طارئة لإدارة الملف الاقتصادي للدفع بتوفير الخدمات العامة للمواطنين. واعتبر أن بقاء الأوضاع كما هي عليه دون تحرك جاد وسريع يفوق سرعة التدهور في الخدمات والمؤشرات الاقتصادية سيعني المزيد من الفشل، والمزيد من التوتر السياسي والإخفاق الاقتصادي وبالتالي، سيزيد حجم التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي. وبالتوازي مع التحديات الاقتصادية، تتزايد أعباء الملف السياسي في عمل الشرعية اليمنية.

وقال مدير مكتب مركز سوث 24 للدراسات في عدن يعقوب السفياني لـ"العرب" إن "المجلس الرئاسي لا يزال بعد شهرين ونصف شهر تقريبا من تشكيله أمام نفس التحديات السياسية التي برزت عند التشكيل"، لافتا إلى أن “هذه التحديات اليوم أوضح وأكبر وهي تحديات على المستوى الداخلي في صفوف المجلس الرئاسي وأيضا على مستوى التعامل مع المتمردين الحوثيين في ظل الهدنة الأممية التي تم تمديدها لشهرين إضافيين".

وعن أبرز التحديات السياسية التي تهدد المجلس وحكومة الشرعية، قال السفياني “على الرغم من محاولة تضخيم وتهويل الخلافات الداخلية في صفوف المجلس الرئاسي إلا أن المجلس لا يزال متماسكا ومتوائما حتى الآن، لكن هذا التماسك مهدد بسبب أمور كثيرة منها ما تعيشه عدن وبقية المحافظات في الجنوب من تدهور خدمي واقتصادي مستمر ينعكس على هيئة ضغط شعبي يقع معظمه على المجلس الانتقالي ورئيسه عيدروس الزبيدي عضو المجلس الرئاسي".

واعتبر السفياني أن التعيينات غير التوافقية لبعض الشخصيات المشبوهة والقريبة من الحوثيين أو جماعة الإخوان المسلمين في بعض مواقع المسؤولية تهدد بتقويض التوافق بين أعضاء المجلس الرئاسي.

وتابع "ومن التحديات السياسية الواضحة أيضا غياب الرؤية الواضحة لمهام رئيس المجلس وأعضاء المجلس الآخرين نظرا للرفض غير المعلن لمسودة القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي وهيئة المشاورة والفريقين القانوني والاقتصادي التي قدمها الفريق القانوني للعليمي".

وأضاف "تجدر الإشارة إلى أن المسودة تتضمن بنودا يمكن وصفها بالمفخخة مثل منع أعضاء المجلس الرئاسي من الجمع بين العملين العسكري والمدني والذي يستهدف بشكل أساسي القيادات الجنوبية في المجلس مثل عيدروس الزبيدي وفرج البحسني وعبدالرحمن المحرمي".

واستدرك "ومع كل هذه التحديات يمكن القول إن المجلس الرئاسي حقق بعض التقدم أيضا ولا يزال يحظى بذات الدعم الإقليمي والدولي المعلن عند تشكيله لتطبيع الأوضاع. ومن المهم الإشارة إلى التحديات السياسية التي يواجهها المجلس أيضا في ظل استغلال الحوثيين لكل الجهود الأممية للحصول على تنازلات وترتيب الصفوف استعدادا لمعارك قادمة تخطط لها الجماعة المدعومة من إيران".

ويشير الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي إلى أهم التحديات العسكرية والأمنية التي تواجه المجلس الرئاسي اليمني بعد شهرين ونصف شهر من تشكيله، في ظل مؤشرات على حشد الحوثيين لجولة قادمة من النزاع المسلح.

ويؤكد العوبلي في تصريح لـ"العرب" وجود عدد من التحديات الأمنية والعسكرية أمام المجلس الرئاسي سواء على صعيد مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التي تصاعدت عملياتها الإرهابية بشكل ملحوظ بعد تنصيب المجلس الرئاسي، أو على صعيد معركة إسقاط الانقلاب الحوثي.

وحول استعداد المجلس الرئاسي اليمني لخوض معركة عسكرية مع الحوثيين في حال انهيار الهدنة الأممية الهشة، أضاف العوبلي "هذا الجانب مرتبط ارتباطا مباشرا بالتنسيق مع قيادة التحالف العربي، والحقيقة أن مستوى الاستعداد العسكري في هذه الفترة يبدو أفضل بكثير مما كان عليه طوال الأعوام الماضية، ناهيك عما طرأ على هذا الجانب من مميزات في الفترة الأخيرة التي أعقبت تشكيل المجلس، فعلى الأقل تتوفر الآن عناصر الانسجام العملياتي والقرار والتنسيق المشترك والتحرك المتناغم بين مختلف القوات والتشكيلات في جميع الجبهات، وهذا ما سيكون له الأثر الإيجابي الكبير على الواقع الميداني في أي معركة قادمة".