حوار وطني..

الحوار المصري يبحث عن مصداقية سياسية بدعوة معارضي الخارج

أرشيفية

القاهرة

 أبدى القائمون على تنظيم الحوار الوطني في مصر انفتاحا ملحوظا على معارضي الخارج عبر دعوة عدد من الشخصيات لها رؤى مغايرة لتوجهات النظام الحاكم، لكنها ليست محسوبة على تنظيم الإخوان ولم تتورط في التحريض على العنف، في محاولة للبحث عن مصداقية سياسية تمنح الحوار المتوقع انطلاقه أوائل يوليو المقبل المزيد من الحيوية، في ظل هيمنة أطراف مؤيدة على المشاركين فيه.

ووجه المنسق العام للحوار الوطني الشامل ضياء رشوان الدعوة لثلاث شخصيات معارضة، وهم مستشار رئيس الجمهورية السابق وعالم الفضاء عصام حجي، وأستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي، والإعلامية جيهان منصور، وفتح الباب أمام انضمام شخصيات أخرى، لم يسمها، خلال الأيام المقبلة.


عبدالمنعم سعيد: الوقت مازال مبكرا للحكم على تبعات دعوة معارضي الخارج إلى الحوار

ومع أن الأسماء التي ذكرها منسق الحوار لم تشتبك مع الكثير من القضايا والمشكلات التي مر بها المجتمع المصري السنوات الماضية ولا تشكل ثقلا سياسيا معارضا، غير أنها تعبّر عن توجه لدى دوائر رسمية للانفتاح على معارضي المهجر.

وتزيد هذه الخطوة من عزل تنظيم الإخوان وجماعات الإسلام السياسي المؤيدة له، بالتزامن مع دعوة شخصيات محسوبة على التنظيم إلى حوار شعبي مواز في الخارج، لكسب المزيد من الثقة في معارضي الداخل الذين لدى بعضهم تحفظات على طريقة إدارة الحوار، وقد يلجأون إلى التراجع عن المشاركة في جلساته في أي لحظة.

وأشار رشوان في تصريحات أدلى بها في برنامج “مصر جديدة” على فضائية “إي.تي.سي” الخميس إلى أن هناك من اختلف مع الوطن وترك البلاد، محافظا على هذا الاختلاف دون التورط في قضايا عنف أو إرهاب، وآخرين تورطوا في قضايا عنف وخرجوا عن إطار النقد المباح، ومشاركة الأسماء الثلاثة السابقة تأتي ضمن حرص القائمين على الحوار الوطني على مشاركة جميع الأطياف.

ولم يزر عصام حجي القاهرة منذ سقوط نظام الإخوان عام 2013، ودرج على توجيه انتقادات بشأن الأوضاع في مصر، وكذلك الأمر بالنسبة لحمزاوي، وجيهان منصور التي اختفت من الساحة الإعلامية المصرية فجأة، لكن بقيت الشخصيات الثلاث حاضرة بطرق مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأثارت دعوة المعارضين تساؤلات حول قبولهم المشاركة في الحوار من عدمه، ومدى تقبل النظام الحاكم للآراء التي يمكن أن يطرحونها، والاستجابة لمطالب من يتحدثون بشكل مستمر عن ضرورة إحداث إصلاح سياسي شامل.

ويعد عالم الفضاء بوكالة ناسا عصام حجي الوحيد الذي تطرق إلى دعوته إلى الحوار بتغريدة على موقع التدوينات تويتر الجمعة، ولم يوضح فيها قبوله الحوار من عدمه.

وقال “أثمن كل المشاركين والقائمين على الحوار الوطني في مصر.. مجالي الوحيد في خدمة الوطن هو العلم والتعليم ولم ولن تكون لي مشاركة في أي حراك سياسي أيا كان اتجاهه وأهدافه، ولست في خصومة مع أي طرف مهما كان حجم الخلاف.. وأتمنى التوفيق لكل المشاركين”.


وفي الوقت الذي اعتبرت فيه وسائل إعلام محسوبة على تنظيم الإخوان حديث حجي يحوي رفضا للمشاركة، شدد ضياء رشوان على أن حجي أكد مشاركته في القضايا العلمية بالحوار الوطني وسوف تقتصر “كباحث علمي وليس كمحاور سياسي، حيث إن هناك قضايا علمية وإنسانية مهمة ينبغي أن تناقش، رغم اختلاف وجهات النظر”.

ويرى مراقبون أن موقف عصام حجي “رفض ضمني”، لأن توجيه الدعوة إليه تمت باعتباره معارضا سياسيا وليس باحثا علميا، ما يشير إلى وجود شكوك حول مصداقية الحوار، وأن الثقة مفقودة بين الحكومة والمعارضة، وتنتفي القناعة الكاملة بتحسين الأوضاع السياسية الراهنة.

وقال الكاتب السياسي وعضو مجلس الشيوخ عبدالمنعم سعيد إن الوقت مازال مبكرا للحكم على تبعات دعوة معارضي الخارج للمشاركة في الحوار، والمشكلة تكمن في تباعد المرجعيات الفكرية بين الحكومة والمعارضة، وأن الخطوط العريضة التي يتحدث فيها كل طرف عن الولاء والانتماء وحب الوطن لا تخلق تقاربا في الرؤى.


ناجي الشهابي: الفرصة مواتية لمشاركة معارضي الخارج في الحوار

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى قضية المعارضة الليبرالية في الخارج وأكد أن الأولى تطبيق دعائم الديمقراطية وإجراء الانتخابات، وهناك تجارب عربية مماثلة ثبت فشلها، بينما النظام الحاكم اتخذ مسار الدول الصناعية الحديثة، ويرتكن إلى تجارب آسيوية ناجحة حققت طفرات اقتصادية من دون الانشغال بمسألة الديمقراطية.

وشدد على أهمية التقارب في المرجعيات الفترة المقبلة، بحيث تتقارب رؤى شخصيات مثل عمرو حمزاوي وغيره من معارضي الداخل مع توجهات النظام الحاكم، بما يسهم في البناء على النجاحات التنموية التي تحققت ومراكمة معدلات النمو بعيدا عن الدوران في دوائر مفرغة، لأن هناك انفتاحا من جانب القائمين على إدارة الحوار.

وتكمن مشكلة الحوار الوطني المقرر انطلاقه الأسبوع الأول من الشهر المقبل في وجود حالة من الضبابية بشأن اختيار الشخصيات المعارضة، لأن البعض من رؤساء الأحزاب المحسوبين على المعارضة، وعلى رأسهم أحمد طنطاوي رئيس حزب تيار الكرامة، ومحمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أكدوا عدم دعوتهم.

وتطالب دوائر قريبة من الحكومة بضرورة الإعداد الجيد للحوار ومنح فرصة للمزيد من التواصل مع شخصيات معارضة في الداخل والخارج، وإن اقتضى الأمر تأجيله لأيام أو أسابيع بما يقود إلى انطلاق منصة حوارية إيجابية ولا تواجه بانتقادات تؤثر على مجمل نتائجها النهائية، في ظل تلميحات إلى أن جلسات الحوار قد تمتد لعدة أشهر.

وقال رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي إن القائمين على إدارة الحوار ألقوا بالكرة في ملعب معارضي الخارج، ممن ليست لهم صلة بتنظيم الإخوان، لقطع الطريق على أي حجج من شأنها تخريب الحوار، وهناك فرصة مواتية لمشاركة هؤلاء في الحوار والعودة إلى الداخل والتعبير عن مواقفهم بلا مضايقات من سياسات النظام الحاكم.

وقلل الشهابي في تصريح لـ”العرب” من إمكانية أن تفرض المعارضة رؤيتها خلال الحوار، الذي تشارك فيه أطراف أغلبها لها مواقف مؤيدة وقريبة من الحكومة، لكن هناك رغبة في الاستماع إلى رؤيتها للحل وتقديمها إلى الرأي العام المصري، للتعرف على كافة الطروحات الخاصة بالتعامل مع الأزمات الراهنة.