ناظم الزهاوي من صبي عراقي مهاجر إلى منقذ سفينة المحافظين من الغرق

من التجارة إلى السياسة

لندن

 تمثل ترقية ناظم الزهاوي لمنصب وزير المالية البريطاني أحدث خطوة في الصعود السريع لوزير يعتقد كبار أعضاء حزب المحافظين البريطاني أنه الشخصية الاستثنائية التي ستقود حزبهم قريبا.

وعُين الزهاوي وزيرا للمالية في وقت متأخر الثلاثاء بعد سلسلة من الاستقالات الوزارية احتجاجا على رئيس الوزراء بوريس جونسون، شملت استقالة وزير المالية السابق ريشي سوناك.

ويقول الزهاوي إن صعوده من “صبي مهاجر” إلى القائم على خزانة البلاد يظهر مدى عظمة بريطانيا.

وقال الزهاوي لراديو “إل. بي. سي”، “لا أكاد أصدق نفسي كل صباح عندما أفكر في الفرصة التي أتاحها هذا البلد لصبي مهاجر ولد في بغداد. إنه بلد عظيم حقا”.

والزهاوي (55 عاما) عضو قديم في حزب المحافظين الحاكم، وولد في العراق وانتقل إلى بريطانيا عندما فرت عائلته الكردية من حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أواخر السبعينات.

وحذّر معلموه والدي الزهاوي من أنه قد يعاني من صعوبات التعلم بعد أن عانى في البداية في التحدث باللغة الإنجليزية.

وقبل دخول عالم السياسة كان الزهاوي تاجرا ناجحا وقام بتوزيع القمصان وبضائع شخصيات “تيليتوبيز” المحبوبة لدى الأطفال في العالم.

وأسس عام 2000 مع زميله المحافظ ستيفان شكسبير شركة استطلاع “YouGov” المتخصصة في الاستطلاعات عبر الإنترنت، وتم طرحها في سوق الأسهم بعد خمس سنوات.

ودخل الزهاوي البرلمان في عام 2010 كعضو في البرلمان عن ستراتفورد أبون آفون وتحت قيادة ديفيد كاميرون للحزب، وتم تعيينه في وحدة السياسة في مكتب رئيس الوزراء. وأيد الزهاوي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016.

وقال الزهاوي “لقد كانت رحلة لا تصدق. جئت إلى هذا البلد في سن الحادية عشرة، ولم أكن أستطيع التحدث بكلمة واحدة إنجليزية. أنا الآن وزير المالية لهذا البلد العظيم ومكلّف بالإشراف على الاقتصاد”.

ويتولى الزهاوي إدارة اقتصاد البلاد الذي يواجه ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الطاقة، وأزمة تكاليف المعيشة وضغوطا لخفض الضرائب من أجل مساعدة الأسر التي تعاني من الصعوبات.

وقبل توليه منصبه الجديد كان الزهاوي وزيرا للتعليم، بعد أن نال إشادة خلال دوره السابق كوزير مسؤول عن طرح لقاحات كوفيد – 19 في عام 2020.

وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية إن في الفوضى التي خلقها جونسون في الحكومة وتوجيه السلطة في بريطانيا، صار الزهاوي مرشحا مفضلا لقيادة الحزب وتولي السلطة كرئيس للوزراء.

وتميز الزهاوي خلال أزمة الوباء بأنه الوجه الحكومي الهادئ في مرحلة اجتماعية واقتصادية سادها عدم اليقين، واستطاع أن يوجه الحوارات التلفزيونية بما يمنح الثقة باعتباره الوزير المسؤول عن طرح لقاحات كوفيد وتوزيعها.

ويرى المراقبون أن الزهاوي مثال للشخصية التي تضع أمامها هدف النجاح ليتم تحقيقه سواء على المستوى الشخصي أو الحكومي. ويبدو الزهاوي الشخصية الوازنة في حكومة جونسون المترنحة، لكن بعض زملائه أخذوا عليه أنه يبدو قبطانا لمركب يغرق.

ويجعل الوضع السياسي الخطير لجونسون من الزهاوي مرشحا طبيعيا لخلافته، لكنه لن يفعل قبل أن يكون رئيس الوزراء البريطاني قد اقتنع بأن وقت الرحيل قد حان.